قوة الدينار هل تعكس قوة الاقتصاد ؟!
وقوه العملة مصدرها قوة الدولة التي تدعمها وثبات سعرها ومدى قبولها عالمياً وبالتالي فان ترتيب بعض العملات اعتماداً على تجاوز قيمتها قيمة الدولار الامريكي لا يعني ان اقتصاديات هذه الدول يتفوق على الاقتصاد الامريكي مع العلم بأن الدولار يمثل أكبر اقتصاد في العالم ويؤدي دور عملة الاحتياط العالمية وثلثي احتياطات النقد الاجنبي في العالم ومانسبته ٨٠٪ من مبادلات اسعار الصرف الاجنبية ومانسبته ٥٠٪ من صادرات العالم من السلع الاولية بما فيها النفط وحيث نلاحظ ان الدينار الكويتي هو أغلى العملات مقابل الدولار الامريكي و يعادل ٣,٤ دولار بينما يعادل الدينار البحريني ٢,٦٥ دولار والدينار الاردني ١,٤١ دولار.
والدول التي تعتمد على التصدير ومنها على سبيل المثال اليابان تسعى جاهده لعدم رفع سعر عملتها مُقَابِل الدولار للحفاظ على تنافسية صادراتها وميزانها التجاري من اجل تعزيز نموها الاقتصادي.
وفي الوقت الذي يعاني الاقتصاد الاردني من اختلالات هيكلة متعددة يأتي في مقدمتها الارتفاع المستمر في المديونية مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي وارتفاع عجز الموازنة والعجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتأثير ذلك على سلباً على التصنيف الائتماني وارتفاع حجم البطالة والنمو الضعيف للناتج المحلي الاجمالي مقارنة بنمو عدد السكان وبالتالي فان ثبات سعر صرف الدينار لفترة زمنية طويلة لا يعبر عن قوة مؤشرات الاقتصاد الاردني بينما ساهم ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار منذ حوالي ٢٠ عاما باستقرار وثبات سعر صرفة نتيجة توافقه مع أساسيات الاقتصاد الاردني وتعزيز اساسيات الاستقرار المالي والنقدي في ظل نمو ملحوظ في حجم الاحتياطات الاجنبية والتي تجاوزت حاجز ١٥ مليار دولار وتغطي حاجة الاردن من المستوردات السلعية والخدمية لفترة تتجاوز السبعه شهور وهذه المدة من فترات التغطية تعتبر متفوقة ومطمئنة وفق المعايير الدولية مع الأخذ في الاعتبار أن الاحتياطات الأجنبية تُعتبر مقياساً للملاءة المالية التي يتمتع بها اقتصاد الاردن .
بينما نلاحظ بالمقابل ان التراجع الكبير في حجم الاحتياطات الاجنبية في سوريا والتي انخفضت الى حوالي ٧٠٠ مليون دولار استناداً الى تصريحات البنك الدولي بعد ان وصلت الى ٢٠ مليار دولار قبل خمسة سنوات أدت الى تراجع كبير في قيمة الليرة السورية حيث خسرت ٩٠٪ من قيمتها وحيث كان الدولار قبل خمسة سنوات يعادل ٤٧ ليره وأصبح الان يتداول ٦٢٠ ليره مما أدى الى ارتفاع التضخم بنسبة ٤٥٠ ٪ والذي فاقم نسبة الفقر والبطالة.
وهو ماينطبق على عملات العديد من دول الربيع العربي ومنها العراق واليمن وليبيا إضافة الى مصر وحيث ساهم عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني في تراجع الثقة و في انحسار تدفقات الاستثمار الاجنبي وعائدات السياحة وتراجع حجم الصادرات وانحسار تحويلات المغتربين مما ادى الى تراجع كبير في قيمة الاحتياطات الاجنبية انعكس على قيمة عملات هذه الدول وارتفاع كبير في مستويات التضخم.
أما ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات الرئيسة الأخرى خلال الفترة الماضية ومعه ارتفاع سعر صرف الدينار، فقد ادى ، إلى انخفاض قيمة التزامات المملكة من العملات الأجنبية وارتفاع قيمة استثماراتها وانخفاض أسعار السلع المستوردة من دول تتعامل بعملات أخرى، وفي مقدمها اليورو، اضافة الى خفض تكاليف العلاج والدراسة والسياحة في الخارج، بينما تزيد قيمة احتياطات المصرف المركزي وموجودات المصارف التجارية. و تجربة 20 سنة من الارتباط ادت الى تفوق المنافع المترتبة على هذا الربط على أي أضرار محتملة، وللحديث بقية.