السفيرة‭ ‬عبير‭ ‬خليل‭ ‬تقدم‭ ‬الدعم‭ ‬لأشد‭ ‬الناس‭ ‬فقرا


أنباء الوطن -

 

ضمن‭ ‬حملة‭ ‬‮«‬رمضان‭ ‬الخير‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬سفيرة‭ ‬النوايا‭ ‬الحسنة‭ ‬د‭. ‬عبير‭ ‬خليل‭ ‬لمساعدة‭ ‬المرضى‭ ‬والفقراء‭ ‬قامت‭ ‬خليل‭ ‬بزيارة‭ ‬الدولة‭ ‬الأفقر‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬والتي‭ ‬قالت‭ ‬إنها‭ ‬قامت‭ ‬باسم‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬إمسام‮»‬‭ ‬وهيئة‭ ‬الأمم‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬أفقر‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬عاصمة‭ ‬النيجر‭ ‬نيامي‭ ‬وما‭ ‬حولها،‭ ‬حيث‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬عدّة‭ ‬أبيار‭ ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬النيجر،‭ ‬وقامت‭ ‬بزيارة‭ ‬الأيتام‭ ‬وحفظة‭ ‬القرآن‭ ‬منهم‭ ‬وتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬وشراء‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬لهم‭. ‬وعن‭ ‬رحلتها‭ ‬تقول‭:‬

قبل‭ ‬سفري‭ ‬لمدينة‭ ‬نيامي‭ ‬لم‭ ‬يخطر‭ ‬ببالي‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬زالوا‭ ‬يسكون‭ ‬في‭ ‬العراء،‭ ‬ولا‭ ‬يجدون‭ ‬مأوى‭ ‬أو‭ ‬علاج‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬ماء‭ ‬للشرب‭. ‬سافرت‭ ‬من‭ ‬جدة‭ ‬إلى‭ ‬اسطنبول،‭ ‬ومنها‭ ‬إلى‭ ‬نيامي‭ ‬التي‭ ‬وصلناها‭ ‬ليلاً،‭ ‬وفي‭ ‬الصباح‭ ‬قمت‭ ‬بزيارة‭ ‬المرضى‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬وتجولت‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأقسام،‭ ‬الطوارئ‭ ‬وقسم‭ ‬الحروق‭ ‬وغسيل‭ ‬الكلى‭ ‬والباطنية‭ ‬والجراحة‭ ‬والحوادث،‭ ‬وحرصت‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬لهم،‭ ‬ويا‭ ‬لهول‭ ‬ما‭ ‬رأيت،‭ ‬فلم‭ ‬أستطع‭ ‬التصوير،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المرضى‭ ‬يفترشون‭ ‬الأرض‭ ‬وعراة،‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬عراة‭.‬

تمسح‭ ‬دمعتها‭ ‬التي‭ ‬انحدرت‭ ‬على‭ ‬خدّها‭ ‬وهي‭ ‬تتحدّث‭ ‬فأكملت‭ ‬قائلة‭:‬

‭- ‬ثالث‭ ‬يوم‭ ‬كانت‭ ‬رحلتنا‭ ‬إلى‭ ‬الصحراء،‭ ‬حيث‭ ‬توجّهنا‭ ‬من‭ ‬نيامي‭ ‬لزيارة‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬وذهبنا‭ ‬إلى‭ ‬قرية‭ ‬تبعد‭ ‬عن‭ ‬نيامي‭ ‬حوالي‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬في‭ ‬السيارة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬ترابية‭ ‬ووعرة،‭ ‬فوجدّت‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬الخيام‭ ‬والأعشاش،‭ ‬وكان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬تجهيز‭ ‬آبار‭ ‬تمّ‭ ‬حفرها،‭ ‬لكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬ماكينات‭ ‬شفط‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬الآبار،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬منطقه‭ ‬اسمها‭ ‬Tondikire Tabla‭ ‬شبه‭ ‬معدومة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وسائل‭ ‬تنقلات،‭ ‬وتبعد‭ ‬عن‭ ‬نيامي190‭ ‬كلم‭. ‬لقد‭ ‬بكيت‭ ‬من‭ ‬أعماق‭ ‬قلبي‭ ‬على‭ ‬المناظر‭ ‬التي‭ ‬شاهدتها‭.‬

‭* ‬ما‭ ‬هي‭ ‬اللغة‭ ‬التي‭ ‬يتحدّثون‭ ‬بها،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬المواقف‭ ‬تأثيراً‭ ‬على‭ ‬نفسيتك؟

‭- ‬للأسف‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أي‭ ‬لغة،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬مسلمون،‭ ‬فلا‭ ‬عربي‭ ‬ولا‭ ‬إنجليزي،‭ ‬فكنت‭ ‬أتواصل‭ ‬معهم‭ ‬بالإشارة‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬المترجم‭ ‬إسماعيل‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن،‭ ‬وهو‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬من‭ ‬نيامي‭ ‬رافقنا‭ ‬ليترجم‭ ‬لنا‭ ‬ويسهّل‭ ‬مهمتنا‭ ‬ويدلّنا‭ ‬لى‭ ‬الطريق‭. ‬لديهم‭ ‬لغة‭ ‬خاصة‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬وللأمانة‭ ‬حاتهم‭ ‬صعبة‭ ‬جداً،‭ ‬لكنهم‭ ‬طيبون‭. ‬والله‭ ‬العظيم‭ ‬لن‭ ‬أنساهم‭ ‬طول‭ ‬عمري‭. ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬يقطن‭ ‬فيها‭ ‬40‭ ‬عائلة‭ ‬تضم‭ ‬حوالي‭ ‬150‭ ‬فرداً،‭ ‬يعيشون‭ ‬بدون‭ ‬ماء،‭ ‬فيذهبون‭ ‬عشرات‭ ‬الكيلو‭ ‬مترات‭ ‬ليحصلوا‭ ‬على‭ ‬الماء‭. ‬وكم‭ ‬كانت‭ ‬سعادتي‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬القبيلة‭ ‬باستخدام‭ ‬المضخة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تركيبها‭ ‬وبدأ‭ ‬يملأ‭ ‬أواني‭ ‬الناس‭ ‬بالماء‭. ‬وقد‭ ‬منحت‭ ‬السفير‭ ‬د‭. ‬عبير‭ ‬مبلغا‭ ‬ماليا‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬القرية‭.‬

لكن‭ ‬الشيء‭ ‬المبكي‭ ‬والمحزن‭ ‬والمفرح‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬عندما‭ ‬شاهدني‭ ‬الأطفال‭ ‬يبدوا‭ ‬أنهم‭ ‬خافوا‭ ‬من‭ ‬شكلي‭ ‬فولّوا‭ ‬الأدبار‭ ‬هرباً،‭ ‬كأنهم‭ ‬قالوا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المرأة‭ ‬البيضاء‭ ‬التي‭ ‬أمامنا؟‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يعتادوا‭ ‬على‭ ‬رؤية‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬القرية،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يزرهم‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬إنسانية‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وكنت‭ ‬أول‭ ‬سفيرة‭ ‬نوايا‭ ‬حسنة‭ ‬عربية‭ ‬تزورهم‭. ‬والمضحك‭ ‬عندما‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬يرددوا‭ ‬معي‭ ‬عبارة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬فقلت‭ ‬لهم‭ ‬قولي‭ ‬معي‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬عائلة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬واحد‮»‬‭. ‬فلم‭ ‬يستطيعوا‭ ‬نطق‭ ‬أي‭ ‬كلمة،‭ ‬لكنهم‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬ترديدها‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ( ‬1family in 1world‭)‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قام‭ ‬المترجم‭ ‬بترجمتها‭ ‬وشرح‭ ‬معناها‭ ‬بلغتهم‭ ‬الخاصة‭.‬

‭* ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬لمساعدتهم؟

‭- ‬عندما‭ ‬أرسلت‭ ‬الصور‭ ‬لمارادونا،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬شاهدها‭ ‬تأثر‭ ‬جداً،‭ ‬وأرسل‭ ‬لي‭ ‬طلباً‭ ‬رسمياً‭ ‬لفتح‭ ‬مقر‭ ‬لمنظمة‭ ‬‮«‬إمسام‮»‬‭ ‬وعرض‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬المعنية،‭ ‬وكلّفني‭ ‬شخصياً‭ ‬بمتابعة‭ ‬الموضوع،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أخبرته‭ ‬بأنهم‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬عندهم‭ ‬أكل‭ ‬ولا‭ ‬مستلزمات‭ ‬طبية‭ ‬ولا‭ ‬مستشفيات‭ ‬جيدة،‭ ‬وأن‭ ‬المرضى‭ ‬يفترشون‭ ‬الأرض‭ ‬شبه‭ ‬عراة‭ ‬لعدم‭ ‬وجود‭ ‬ما‭ ‬يستر‭ ‬عوراتهم‭. ‬لقد‭ ‬بكيت‭ ‬من‭ ‬قلبي،‭ ‬وكنت‭ ‬أردّد‭ ‬يالله‭ ‬رحمتك،‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال،‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬إلّا‭ ‬بالله‭. ‬وأكتر‭ ‬شيء‭ ‬أوجع‭ ‬لي‭ ‬قلبي‭ ‬أيتام‭ ‬حفظه‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬لدرجة‭ ‬أنني‭ ‬أرسلت‭ ‬مقطعاً‭ ‬مصوراً‭ ‬لزوجي‭ ‬أنور‭ ‬ليلقي‭ ‬النظر‭ ‬عليهم‭ ‬ويفكّر‭ ‬كيف‭ ‬نهتم‭ ‬بهم؟‭ ‬وكيف‭ ‬نساعد‭ ‬حفظة‭ ‬القرآن‭ ‬والفقراء‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬القرية‭ ‬الأفقر‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأرض‭. ‬لقد‭ ‬تأثرت‭ ‬كثيراً‭ ‬وجلست‭ ‬أفكر‭ ‬مع‭ ‬نفسي‭ ‬وأقول‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬وهل‭ ‬لا‭ ‬زال‭ ‬هناك‭ ‬أناس‭ ‬عراة‭ ‬وشبه‭ ‬عراة‭ ‬ولا‭ ‬يجدون‭ ‬ماء‭ ‬ولا‭ ‬مأكل؟‭ ‬أناس‭ ‬تحت‭ ‬خط‭ ‬الصفر‭ ‬بمائة‭ ‬درجة‭. ‬وأخر‭ ‬ما‭ ‬قمنا‭ ‬به‭ ‬عرضنا‭ ‬طلبنا‭ ‬على‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬المنطقه‭ ‬لفتح‭ ‬مقراً‭ ‬لمنظمة‭ ‬‮«‬إمسام‮»‬‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬نيامي‭ ‬وننتظر‭ ‬الموافقة‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬الاختصاص‭ ‬في‭ ‬النيجر‭.‬