ماذا‭ ‬فاتني‭ ‬من‭ ‬رمضان؟


أنباء الوطن -

 

كتب : باسل‭ ‬رفايعة

لم‭ ‬أفتح‭ ‬التلفزيون،‭ ‬لم‭ ‬أشاهد‭ ‬دقيقة‭ ‬دراما‭ ‬واحدة‭. ‬لم‭ ‬تضحكْ‭ ‬عليَّ‭ ‬ممثلةٌ‭ ‬واحدة،‭ ‬لأصدّقَ‭ ‬الإيهامَ‭ ‬العبقريّ،‭ ‬وهي‭ ‬تصحو‭ ‬من‭ ‬نومها‭ ‬بمكياجٍ‭ ‬كامل،‭ ‬أو‭ ‬تفتح‭ ‬البابَ‭ ‬لزوجها‭ ‬العائد‭ ‬من‭ ‬السفر،‭ ‬دُونَ‭ ‬احتضانٍ‭ ‬أو‭ ‬قُبلة،‭ ‬فالمخرجُ‭ ‬يتدخّلُ‭ ‬لقطع‭ ‬المشهد،‭ ‬لئلا‭ ‬تُعاب‭ ‬الممثلةُ‭ ‬في‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬‭ ‬و‮»‬يوتيوب‮»‬‭.‬

مَنْ‭ ‬لا‭ ‬يجوعُ‭ ‬ولا‭ ‬يعطشُ‭ ‬مثلي،‭ ‬ماذا‭ ‬فاته‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬المُدوّن‭ ‬والمعروض‭ ‬في‭ ‬ڤاترينةِ‭ ‬الدولةِ‭ ‬المُنتجة،‭ ‬من‭ ‬يدفعُ‭ ‬أكثر،‭ ‬يحقُّ‭ ‬له‭ ‬أنْ‭ ‬يقرأ،‭ ‬كما‭ ‬يشاء‭. ‬ماذا‭ ‬فاتنا‭ ‬من‭ ‬أخبارٍ‭ ‬طازجةٍ‭ ‬عن‭ ‬معاوية‭ ‬وعليّ‭ ‬وشمَّر‭ ‬بن‭ ‬ذي‭ ‬الجوشن،‭ ‬وعن‭ ‬ألف‭ ‬زينب‭ ‬تُسبى‭ ‬كلّ‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬الرقة‭ ‬والموصل‭ ‬والفلوجة،‭ ‬ولا‭ ‬تراهنَّ‭ ‬الكاميراتُ‭ ‬العربيّةُ‭ ‬العمياء‭. ‬هل‭ ‬فاتتنا‭ ‬الأكاذيبُ‭ ‬الحماسيّةُ‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬المملة‭ ‬والمكرورة،‭ ‬أو‭ ‬المقليّة‭ ‬في‭ ‬الزيت‭ ‬نفسه‭ ‬منذُ‭ ‬قرون‭. ‬ماذا‭ ‬فاتكم‭ ‬من‭ ‬ديكور‭ ‬الحواري،‭ ‬ومن‭ ‬اللحى‭ ‬المستعارة‭ ‬من‭ ‬ماعزٍ‭ ‬جبليٍّ،‭ ‬ومن‭ ‬شجارات‭ ‬المخرجين‭ ‬مع‭ ‬الممثلين،‭ ‬فيستبدلون‭ ‬الشخصيّات‭ ‬بين‭ ‬الأجزاء،‭ ‬لأنَّ‭ ‬من‭ ‬يشتري،‭ ‬لا‭ ‬يسألُ‭ ‬عن‭ ‬السلعة‭ ‬وصلاحيتها‭ ‬ومذاقها،‭ ‬فهو‭ ‬يستهلكها،‭ ‬ليقتلَ‭ ‬الوقت،‭ ‬بكلِّ‭ ‬استرخاءٍ‭ ‬وكسل‭.‬

الوقتُ‭ ‬يُقتلُ‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬الدراميّ،‭ ‬ويُشاركُ‭ ‬الجميعُ‭ ‬في‭ ‬رجمه‭ ‬ودفنه،‭ ‬تحت‭ ‬غامرٍ‭ ‬من‭ ‬الرثاثة‭ ‬في‭ ‬التلقي‭ ‬والذائقة،‭ ‬تنافسها‭ ‬دراما‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬تسعى‭ ‬لقتل‭ ‬الجوع‭ ‬والعطش‭ ‬وغضب‭ ‬الطريق،‭ ‬دراما‭ ‬برائحةِ‭ ‬أفواهٍ،‭ ‬وعيونٍ‭ ‬حمراء‭ ‬لفرط‭ ‬طول‭ ‬المسلسل‭ ‬والدعايات،‭ ‬قبل‭ ‬السحور،‭ ‬في‭ ‬الليلة‭ ‬الفائتة‭.‬

دراما‭ ‬عربية،‭ ‬لا‭ ‬تقرأ،‭ ‬ولا‭ ‬تكتبُ‭. ‬تُفطرُ‭ ‬على‭ ‬الخرافات،‭ ‬وتُجاهرُ‭ ‬بالمعصية‭.‬