جريمة طبربور لن تكون الأخيرة
كتب : يوسف الحلو
- للأسف لن تكون «جريمة طبربور» الأخيرة وإن كانت الأبشع في أحداثها وتفاصيلها ولن تكون وحدها كفيلة بوضع نقطة لبداية سطر من وعي جديد نمارسه في دراسة حقيقية للدوافع والأسباب التي تجعل من شخص ما يقدم على قتل أسرته كاملة أو أمه أو أبيه أو زوجته أو شقيقته أو أبنائه وبناته وكل هذا قد حصل فعلا في ظواهر جديدة غريبة لم نعتدها سابقاً في مجتمعنا !
وكنت قد كتبت مقالة قبل أشهر أحذر فيها من خطر «الجوكر» كنوع خطير وجديد ومدمر للخلايا العقلية تفصل متعاطيه عن الإحساس بالواقع نهائيا ليعيش في أوهام تجعل منه شخصا أسوأ من الشيطان الرجيم, ولكن مثلي مثل كل أولئك الذين أدركوا فكتبوا عن خطورة إنتشار ظاهرة تعاطي المخدرات ولكن لا حياة لمن تنادي ولا إجراءات حقيقية صارمة أدت الى منع أو على الأقل التقليل من إنتشار هذه الظاهرة في مجتمع كان فيه شرب السيجارة عيبا وشراء علبة سجائر جريمة وشرب الأرقيلة محصور على من تجاوز عمرة الأربعين عاماً.
جريمة طبربور حدثت لأن الجاني كالآلف من الشباب الذين هم مشاريع جناة والذين يتعاطون المخدرات في منازلهم والشوارع العامة والمقاهي واثناء قيادتهم للسيارات وأثناء وظيفتهم الرسمية وفي سهرات الأفراح على مرأى ومسمع من الجميع؛ أهالي ومسؤولين وللأسف الكل عاجز بطريقة مخزية عن وضع حد لكل ذلك, ولعل البعض صار يشاركني الرأي بأن الحكومة أصبحت بإداراتها المتخصصة عاجزة عن حماية المجتمع من منع إنتشار هذا السرطان الذي صار يهدد الجميع بعد أن وصل مستوى الجرائم الى هذا المستوى من البشاعة, وأقول ولا أخشى في الله لومة لائم أن الحكومة لم تعد قادرة على التصدي لهذا الإنتشار إلا في بعض الحالات التي يكون القصد فيها تسجيل إنجازات أو لتصفية حسابات لأن التاجر الحقيقي بلا أدنى شك هو أو هم من الشخصيات النافذة المتنفذة والتي لا يستطيع أحدٌ الإقتراب منها وإلا فليقنعني أحدهم أو ليذكرني متى سمعنا آخر مرة عن القبض على شخصية كبيرة تحت مسمى « التاجر الكبير» في قضايا المخدرات فأنا شخصيا لا أذكر وإن كنت أقطن في مدينة تعاني من إنتشار هذه الظاهرة.
جريمة طبربور لن تكون الأخيرة لأن التطور الخطير في صناعة المخدرات وتعاطيها أصبح مدروسا وموجهاً فكما حذرت من «الجوكر» وكل أنواع المخدرات فأنا اليوم أحذر من نوع خطير جداً من المخدرات لم يسمع به الكثير وهي « المخدرات الرقمية»، وهي طريقة تخدير تعتمد على الإستماع الى نوع خاص من الموسيقى بترددات معينة يتسبب في فصل جزء من خلايا الدماغ عن الآخر فيدخل المستمع الى نوبه من التخدير تجعله فاقد الإحساس بما حوله وقد يقوم بأي تصرفات خارج نطاق العقل, وهناك محطات وجهات تعمل على بث هذه الموسيقى والأخطر التوجه الكبير من شبابنا الى هذا النوع من المخدرات والذي لن يشك أحد بوجوده بقربه وحوله لأنه يظهر كمن يستمع للموسيقى بكل براءة.
جريمة طبربور رغم بشاعتها إذا لم نتدارك ونعالج هذا الخطر من مصدره بكل تلك الأمانة التي تتطلب منا جميعا الوقوف أمامها ستبقى تطاردنا وتهددنا تقتلنا وتدمر أبنائنا.
أيها الأهل راقبوا أبنائكم وبناتكم واحموهم من الوقوع في هذه المصيبة فلا أمل ولا نية من إجراءات حكومية صارمة تجاه تجار المخدرات فهذا النوع من المصائب مرتدٌ ككرة مطاط لا يهمها إذا أدمت وجوهنا أم أوجعت قلوبنا. السيجارة والأرقيلة وبذخ المصروف والتمرد على الأسرة والإستقلال المادي والسهر خارج البيت ورفقة السوء والنماذج السيئة من الوالدين بداية الطريق الى الهاوية ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
يوسف الحلو – 5 تشرين الثاني 2016