سلفيو مصر : تعويم الجنيه حدث في عهد النبي «ص»
- «قبل أكثر من 1400 سنة هجرية، وقع تعويم مماثل للجنيه المصري»، هذه ليست مزحة، ولكنها مقولة حقيقية لسلفي مصري، جاءت عبر مقطع فيديو تم تداوله بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
الرجل السلفي ذكر أن القرار الحكومي الأخير بـ»تحرير سعر صرف الجنيه حدث مثله أيام النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)»، وهو ما عدّه عالم دين وخبير بارز في شؤون الحركات الإسلامية بمثابة «أفيون يصدره بعض السلفيين لتخدير المصريين بالمخالفة للحقيقة».
مقطع الفيديو المنتشر، يظهر به 3 أشخاص من ذوي اللحى الطويلة والجلباب الأبيض (الزي الشهير للسلفيين في مصر)، طالبوا فيه المواطنين بعدم الانزعاج من قرار الحكومة المصرية بتعويم الجنيه (تم سكه وطرحه للتداول عام 1836)، وربطوا الأمر بقضية الإيمان بالله الذي يرزق عباده.
أحد الرجال الثلاثة يدعى عمرو أحمد قال: «تعويم الجنيه حصل أيام الرسول، يعني إيه «ماذا يعني» تعويم الجنيه؟ يعني مييخضعش (لا يخضع) لتسعيرة، الصحابة خافوا وقالوا يارسول الله سعّر لنا، فقال النبي ادعوا الله».
الفيديو الذي أثار موجة واسعة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبره يحيى إسماعيل أستاذ علم الحديث بجامعة الأزهر «حكومية» «بعيد تمامًا عن فهم الدين الصحيح».
وقال إسماعيل للأناضول: «الحديث المنقول للنبي صحيح، ولكن كان عن تسعير السلع، وليس العملة، وربطه بتعويم الجنيه الذي لم يكن أصلًا بعهد النبي فهو كلام لا صلة له بالعلم».
إسماعيل اعتبر الأمر بمثابة «أفيون يخدر الشعب واستغلال لاحتياجاتهم بالمخالفة لما يريده الدين الذي يدعو للعدل وحفظ حقوق المواطنين، وعدم أكل الحاكم أموال الناس وتضييعها».
إسماعيل انتقد حديث الرجال الثلاثة قائلًا: «هؤلاء يعودون لما قبل عصر «حسني مبارك» الذي تم الإطاحة به من الحكم إثر ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011، وهذا أسلوبهم «السلفيين» الذي لا علاقة له بالدين وفهم الأزهر ومنهجية العلم».
صلاح عبد المعبود، القيادي بحزب النور السلفي «له 11 مقعدًا بالبرلمان»، انتقد عبر صفحته الشخصية بفيسبوك، طرح الرجال الثلاثة، قائلًا: «من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب، وهي عبارة واقعية جميلة تنطبق على بعض الإخوة ممن يخوضون ويتكلمون في غير الفن الذي يحسنونه».
المفارقة أن عبد المعبود ذاته قبلها بيومين، عقب قرار تعويم الجنيه، كتب عبر صفحته عن قضية الرزق، قائلًا: «الخير كل الخير للعبد أن يعود لربه وهو على كل شيء قدير فيوجه إليه قلبه ويمد يديه إليه راجيًا أن يوسع رزقه وأن يقنعه بما آتاه ويبارك له فيه».
الرجال الثلاثة وهم عمرو أحمد، محمد العجمي، وعبد الرحمن منصور، أصدروا بيانًا مشتركًا، اطلع عليه مراسل الأناضول، نفوا فيه علاقتهم بحزب النور السلفي، متمسكين بموقفهم.
البيان المشترك نفى «وجود عملة للجنيه أو مصطلح التعويم بعهد النبي، إلا أنه تمسك بأن موضوع التعويم حدث مثله بعهد النبي حيث امتنع النبي عن التدخل للتسعير».
كمال حبيب، أكاديمي متخصص في شؤون الحركات الإسلامية، قال للأناضول،: «السلفيون ليسوا شيئًا واحدًا، وهناك قطاعات سلفية ترى الآن أن الحاكم يجب إطاعته وتأييد قرارته، وهم بذلك يعودون للمربع الأول لتأييد الرئيس الأسبق حسني مبارك».
وبينما تتخذ حركات سلفية موقفًا داعمًا للسلطة قبل ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، وبعدها، وأيدوا إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا بالبلاد محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، اتجهت حركات سلفية أخرى لدعم الحراك المناهض للسلطات الحالية.
ولفت حبيب إلى أن الانتقاد والسخرية، اللذين تابعهما عبر مواقع التواصل عقب سماعه لمقطع الفيديو، موجه للطرح الذي يعد «كالأفيون يخدر المصريين ومخالف لحقيقة ما يدعو له الإسلام ونبيه محمد».
وأوضح أن «التضليل هنا يتم بمسائل وقضايا حقيقية كالرزق يقدره الله وهو مقسوم، لأنه يستخدم في قضايا اجتماعية وسياسية لتبرير وتأييد قرارات خاطئة ومحاولة استخدام الدين كأداة للإقناع».
وقررت مصر نهاية الأسبوع الماضي تحرير سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية، ليتراجع سعره بالبنوك إلى نحو 18 جنيها أمام الدولار الواحد، اليوم الثلاثاء، مقابل 8.88 جنيهًا قبل التعويم، ورفع أسعار الوقود بنسب تراوحت بين 7.1% و87.5%، لارتباطها بالدولار.
وتنتشر دعوات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقطاعات من المصريين الفترة الأخيرة، للتظاهر ضد النظام الحالي الجمعة المقبلة 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار السلع، ولم تتبن جهة معارضة بارزة هذه الدعوة بعد، وسط تحذيرات واستعدادات أمنية.
.......................
- عن «الأناضول»