قرعاء ترامب ولطّامة هيلاري
نفرح مثل القرعاء بشعر ابنة اختها ونحزن مثل اللطامات على ميت لا نعرفه، ونغرق في تحليلات وتأويلات رغائبية، وكأننا محور الكون ونحن في اسفل ذيل البقرة الكونية، ونقرأ الاحداث الغربية بعين محلية ولان الذاكرة معطوبة نكرر نفس التجربة بنفس الادوات منتظرين نتائج مختلفة وهذا الغباء بعينه، فثمة مؤسسة او جزرة ذهبية في المطبخ السياسي في الدول الغربية يصنع المشهد مع السماح للرئيس او الرجل الاول او السيدة الحاكمة بهامش حركة اجتماعي لتمرير القرار، فغدا سنرى ترامب الهادئ كما رأينا كومبارس السينما ريغان رئيسا بكامل الدسم، وتلك مقاربة مقصودة، بين ترامب وريغان، بوصفهما مفاجأة من خارج العلبة، وريغان اول تأسيس لليمين المحافظ في شكله الجنيني ولعل ترامب اخر نسخة اليمين الديجتال بعد هوس الموسيقى الصاخبة والمخدرات الرقمية، فالفوارق محدودة ولعل رأي فيدل كاسترو في الفوارق بين الحزبين ومرشحيهما اكثر دقة رغم قِدمه.
ترامب يمثل مؤسسة بدأت عملها ونجحت في ايصال ريغان الى سدة الرئاسة ويبدو انها استعادت قوتها فنجحت في كسر توقعات الاعلام ومراكز الدراسات الممولة واعادت انتاج ذاتها فهزمت الحزب الجمهوري نفسه قبل ان تهزم الحزب الديمقراطي، فالحزب الجمهوري ليس سعيدا بفوز ترامب، بل انه عاداه علنا خلال الحملة الرئاسية، وهذا يجب ان يجعلنا نستشعر الخطر اكثر، فالمؤسسة تلك وعند نجاحها في ايصال الكومبارس قادت العالم الى صدام انتهى باسقاط المنظومة الاشتراكية كلها وتفردّت بالعالم وليس بعيدا ان هدفها القادم هو اسيا الصفراء والصين تحديدا وامريكا الجنوبية والبرازيل عنوانا، بعد ان تنمرت تلك الدول، والفيديو الذي نشرته حملة ترامب في اخر يوم للحملة الانتخابية عرض مشاهد لمصانع امريكية مقفلة في الولايات الامريكية مقابل مشاهد لنفس المصانع تعمل بكفاءة في امريكا الجنوبية والصين، وربما ان هذا الفيديو اسهم في قلب مزاج الناخبين الامريكان، وهذا الفكر والاجتهاد في اعداد الفيديو يفوق ذكاء ترامب ويناقض منهج الحزب الجمهوري نفسه.
ترامب استدارة امريكية لحسابات كونية فرضتها منظومة العمل الامريكي التي جعلت من ريغان رئيسا، ولم تفرضها ادوات الاستطلاع واجهزة صناعة الرأي العام التقليدية، التي منيت بخسارة ضخمة سواء مراكز الدراسات والاستطلاعات او الصحف ووسائل الاعلام الكبرى وما خلفهما من مصانع لتوجيه الرأي العام على شدة التقنية التي تستخدمها تلك الوسائط، حين احتفلت قبل الحفلة ذاتها، وأسوأ اشكال الاحتفال هو الذي يسبق الحفلة نفسها، كما يفعل الفرحون العرب والاردنيون، والحزن ايضا طقس احتفالي مشوب بالسواد وينطبق عليه مشهد الاحتفال المسبق.الدستور