كثر تداول الأخبار التي تمس في جوهرها بيئة الأعمال، وفي كثير من الأحيان من الخارج قبل الداخل ومع وجود فريق اقتصادي متميز في الحكومة لا يتأخر بتطمين القطاع الخاص أن هذه الأخبار لا تتجاوز طروحات سيتم التناقش حولها مع أصحاب العلاقة إلا أنه لا يمكن لوم القطاع الخاص على قلقه البالغ لأي قرارات مهما كان وقعها العام على الخزينة إيجابيا في الظاهر.
فالحكومة دوماً تفترض أن زيادة الأعباء على القطاع الخاص ستبقي أصل المبلغ الخاضع لهذه الزيادات ثابتا، إلا أن واقع الحال لا يخفى على أحد فهناك صعوبات يواجهها القطاع الصناعي سواء بإغلاق الأسواق المجاورة أو نشوء صناعات في أسواق التصدير تحظى بإجراءات حمائية معلنة وغير معلنة وبكلف تصنيعية أقل بكثير من الأردن، وزيادة هذه الكلف سيؤدي لا محالة إلى تأثير مباشر على المبيعات وتخفيض العمالة مع وجود نسبة بطالة هي الأعلى منذ 11 عاما. و بالرغم من أن القطاع الصناعي لا يوظف أكثر من 10% من حجم العمالة الوافدة و معاناته من عدم توفر العمالة الفنية المؤهلة، ولتقديره لدوره كأكبر مشغل للعمالة وأكثرها توفيراً لفرص العمل الجديدة شرع القطاع الخاص لعمل مراكز تميز لتأهيل العمالة الأردنية وإحلال العمالة الوافدة والذي بدأ بمركز التميز الدوائي بالتعاون مع التدريب المهني ويسعى إلى نسخ هذه التجربة في قطاعات أخرى. إلا أن نتائج هذه العملية بحاجة الى وقت ولا أظن أنه لمصلحة أحد تضيق الخناق على الصناعة بما يؤثر على سير العملية الإنتاجية وتنافسيتها وبالتالي فقدان أسواقها ومبيعاتها مما يعمق المشكلة ويقلل من قدرتها الإستيعابية للعمالة الجديدة.
كما يتم النقاش حول التأمين الصحي المقترح الذي سيرفع من اقتطاعات الضمان الإجتماعي من النسبة المقرة والبالغة 21.75% حاليا الى ما يقارب 31% . القطاع الخاص مع تأمين الموظفين ويقوم بذلك طواعيةً وفي القطاع الطبي الخاص ودون تحميل الموظف اية رسوم في الغالب، الا أن اقتراح شمولية المواطنين كافة سواء العاملين أو المعالين غير العاملين وبالتالي تحميل القطاع الخاص هذه الكلفة وبنسب مرتفعة لا يمكن استيعابها لربما يؤدي الى لجوء المصانع إلى أتمتة العملية الصناعية وبالتالي زيادة البطالة بدل طرح فرص عمل جديدة.
ان برامج التأمين المعمول بها تغطي موظفينا بالقطاع الطبي الخاص ودون اقتطاع على الموظف ودون تحميله لنسب عالية من كلفة الرعاية الصحية، والمقترح الجديد يزيد الإقتطاع على الموظف بنسبة 3% ويؤمنه بالقطاع العام والخاص (مع تحمل الموظف الفرق بين تسعيرة القطاع العام والخاص) وتحمل الموظف بما يقارب 25% من كلفة الرعاية الصحية.
اما الإقتراحات بتوحيد الضريبة العامةعلى المبيعات بنسبة 12% فسيرفع بعض السلع الخاضعة بنسبة 0% و4% وهي اساسية وبالتالي زيادة الكلفة على المواطن الذي سينخفض دخله المتاح مما يدفعه للتوجه للسلع المستوردة الرديئة والتي تدخل برسوم جمركية منخفضة، هذا بالإضافة الى أن اقتراح توحيد الجمارك من 3-7% سيؤدي الى تخفيض دخل الدولة وإغراق الأسواق بالمنتجات الرديئة كذلك وتهديد الصناعة المحلية وقدرتها التنافسية وما يتبعها من قدرة على خلق فرص عمل جديدة.
إذا كان هناك عجز يطالب صندوق النقد الدولي بتغطيته فإن من الأولى بالحكومة النظر بنفقاتها بدلا من المساس بدخل المواطن الذي لا يرى منه شيئا!.
مازن طنطش
النائب الأول لرئيس غرفة صناعة الأردن
ممثل قطاع الصناعات الدوائية