الأردن يحتاج إلى الوثوق بالتعليم الرقمي طلال أبوغزاله يتحدث عن عيوب النظام التعليمي
كتب محمود العابد - عمان
عند الحديث عن التعليم والمعرفة يبرز سعادة العين الدكتور طلال أبوغزاله باعتباره مرجعية عالمية في هذا المجال.
ولد أبوغزاله لأسرة فلسطينية أجبرت على ترك مدينة يافا بعد حرب عام 1948 وأصبح لاجئا في لبنان، وكان يتطلب الأمر منه أربع ساعات مشيا للوصول الى مدرسته بينما كان لا يزال في العاشرة من عمره، لذلك فهو يعرف تماما الفرق الذي يصنعه التعليم في حياة الأجيال.
بعد حوالي خمسة عقود من المعرفة والإنجازات، يعرف تمام المعرفة ما يتطلبه الأمر لإيجاد جيل مزود بأحدث ما أنتجته وسائل المعرفة وتقنيات التفكير الإبداعي.
وقد تعلم الدكتور أبوغزاله المحاسبة لكنه لم يصبح أسير هذه المهنة، بل أخذ يبحث عن مستقبل عالم المعرفة.
وقال في مقابلة مع صحيفة الجوردن تايمز مؤخرا في مكتبه في عمان حيث يدير إمبراطورية معرفة تتكون من 86 مكتب ملكية فكرية – الأولى في العالم – ومعاهد رقمية بشكل كامل والتي تقدم تعليما في الإدارة بشكل خاص بالإضافة الى تخصصات عديدة أخرى تتمحور حول الابتكار والتميز والمعرفة: "لقد تعلمت بأن لا شيء أكثر فائدة من أن تبادر بأخذ الخطوة الأولى."
"لقد أدركت وتوصلت الى قناعة تامة بأنه سواء كان الموضوع ملكية فكرية أو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أو أي شيء آخر في الحياة، فالأمر يتركز كله حول التعليم."
في عام 1966، عمل الدكتور أبوغزاله على توفير المال من أجل حضور مؤتمر حول الملكية الفكرية في الولايات المتحدة الأمريكية، وساهم في جلب هذا المفهوم الى العالم العربي، وقد تعرف على الكمبيوتر (الحاسوب) في ذات العقد من الزمن.
وفي عام 1975، كان من أوائل من عرفوا عن الابتكار الذي سيغير وجه الأرض وهو الانترنت.
وقدم نصيحة للرياديين الشباب بالقول: "تأتي الفرص اليك عندما تفتح عينيك، وترى القدر وهو يفتح ذراعيه لك، لذلك عليك أن تمسك به بشدة."
ان مثل هذا التفكير الناقد بين الشباب الطموح يجب أن يكون واحدا من مخرجات العملية التعليمية، وفقا للدكتور أبوغزاله، والذي يؤمن بأن الشباب الأردنيين لا يقلون ذكاءً عن نظرائهم في العالم المتقدم، ولكن هذا الأمر مشروط بتقديم البيئة المناسبة لهم من أجل الحصول على نوعية التعليم الذي ينتمي للمستقبل.
ويقول أبوغزاله التعليم حق وليس امتياز، مشيرا الى أن أحد إنجازاته هي محاولته الناجحة بإقناع الأمم المتحدة بإضافة حق التعليم الى قائمة حقوق الانسان الأساسية.
في عام 2001، ترأس فريق الأمم المتحدة للمعلومات وفرقة العمل المعنية بتكنولوجيا الاتصالات والذي شكله أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان، من أجل رسم الاستراتيجية العالمية لنشر المعرفة الرقمية. وقد ساهم الفريق في رسم صورة المستقبل.
أما ما يراه الدكتور طلال جزءا رئيسيا من ارثه بعد حوالي نصف قرن في مجال الأعمال فهو "طلال أبوغزاله فاونديشن" حيث تذهب نصف الأرباح التي تحققها مجموعة طلال أبوغزاله من أجل تمويل مبادرات تهدف الى تأمين وتزويد الأجيال بأفضل الوسائل الممكنة للحصول على تعليم ذي جودة عالية.
وآخر هذه المبادرات هي المنحة الحالية وهي عبارة عن 3000 كمبيوتر محمول لطلاب المدارس في المناطق الأقل حظا في الأردن.
كما تدير طلال أبوغزاله فاونديشن شبكة من محطات المعرفة منتشرة في مختلف محافظات المملكة من أجل محاربة الأمية الرقمية.
وخلال المقابلة، ثمن رجل المعرفة الشهير الجهود التي بذلتها الحكومة خلال الربع الأخير من القرن الماضي، في رقمنة التعليم وتحسين جودته، مشيرا إلى أن هذه الجهود ليست كافية.
كما ثمن الملاحظات "الشجاعة والدقيقة" التي تحدثت عنها مؤخرا جلالة الملكة رانيا العبد الله والتي تشخص الوضع التعليمي في المملكة على الرغم من الجهود المبذولة من أجل الوصول به الى المستويات المطلوبة.
ففي خطابها خلال حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية الذي أقيم في شهر أيلول الماضي، قدمت جلالتها وقائع صادمة حول مخرجات العملية التعليمية، حيث قالت: "نصل الى الصف الثامن، فنلاحظ تدهور تصنيف الأردن، في الدورتين الأخيرتين بدل تحسنه، ضمن اختبار التيمز الدولي للرياضيات والعلوم".
"بعد ذلك، في الصف العاشر، نجد أن تصنيف الأردن ضمن الدول العشر الأواخر في اختبار "البرنامج الدولي لتقييم الطلبة" من أصل ست وخمسين دولة".
"أما بالنسبة لشهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، فرغم الجهود التي تبذل في تطويره واعادة هيبته الا ان نتائجه غير مرضية."
ووفقا للدكتور أبوغزاله فإن الحل هو بالرؤية التقدمية التي تنظر الى جودة التعليم باعتباره حق مكتسب لمن لا يستطيع الحصول عليه، وليس امتيازا.
وفي أحد المؤتمرات التي شارك بها، أكد أبوغزاله بأنه ولغاية الآن، مايزال الحصول على تعليم نخبوي بمستويات عالمية يبقى حصريا، ولا يمكن تحمل تكاليفه لأغلبية الطلاب حول العالم، لذا أنشأ جامعة طلال أبوغزاله كوسيلة لتغيير هذا الواقع.
وقال الدكتور أبوغزاله: "لأول مرة في التاريخ، وصلنا إلى أن الحصول على تعليم بمقاييس عالمية أصبح حقيقة حتمية آن أوانها."
"تخيل أن تحصل على ذلك. أن تكون طالبا ليس لديك القدرة المادية وتعيش في بلد حيث تكاليف السفر للخارج من أجل التعليم مستحيلة، ولا يمكن حتى التفكير بها. وتخيل أن الطريق الوحيد لتحسين وضعك هو من خلال الحصول على تعليم بمستوى عالمي. تخيل بوابة رقمية واحدة تسمح لك وتمكنك من الحصول على شهادة من أمريكا، تدريبا مهنيا من استراليا، ودروس باللغة الإنجليزية من المملكة المتحدة – من أجل أن يتم تعيينك في عمل هنا في قطر."
وتوقع أنه في عام 2020 فان 80 بالمائة من الجامعات ستكون رقمية: "بدون حرم جامعي".
وهذا على النقيض تماما من واقع التعليم في الأردن.
وقال أبوغزاله: "لقد شعرت بالصدمة عندما سمعت يوما وزير تعليم يتباهى بأن جميع المدارس قد تم تزويدها باللوح الأسود والطباشير."
ومؤخرا قبل شهرين، طبقت مؤسسته نموذج التعليم الإلكتروني في مكان هو الأقل معرفة بالرقمية وهو مخيم الزعتري بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. حيث قدمت للاجئين فرصة الحصول على درجتي البكالوريوس والماجستير.
وقال أبوغزاله: "ما تحتاجه هو إرادة التغيير، لأن الأدوات أصبحت متاحة الآن." والطلاب في الأردن، وفي أي مكان آخر، "يحتاجون الأدوات والقدرة على الربط والاتصال.
"ولكن هل هذا يكفي" لقد كان ذلك كافيا لطالب أوكراني من أجل أن يخترع تطبيق الواتس اب وبيعه الى جوجل بمبلغ 13 مليار دولار."