التحدي الاقتصادي وإنقاذ قطاع الإسكان


أنباء الوطن -

 

قال دولة رئيس سالوزراء الدكتور هاني الملقي أثناء نقاش بيان الثقة الوزاري: "أن الاقتصاد الأردني دخل في مرحلة التحدي الاقتصادي العميق." وهذه الجملة تعبر بشكل واضح وصريح، عما وصل إليه الاقتصاد الوطني بجميع قطاعاته، ولقد استفزتني هذه الجملة، للبحث عن طرق تحفيز وإنقاذ لقطاع الإسكان المؤثر في الاقتصاد الوطني كجزء من إنقاذ اقتصادنا الوطني.

إن في تحفيز قطاع الإسكان، مصلحة وطنية لكافة مكونات وقطاعات الوطن؛ فالقطاع يدفع ما لا يقل عن ثلاثين بالمائة من إيراداته للحكومة رسوماً وضرائباً مختلفة، وعندما نقول أن قيمة الشقق الجاهزة والمعروضة للبيع الآن، تقدر بثلاثة مليارات دينار أردني، فان تحفيز القطاع لبيع هذا المخزون من الشقق، سيدر على الخزينة مليار دينار عدا عن تحريك ثلاثة مليارات دينار راكدة.

من جانب أخر، نجد في تحفيز هذا القطاع مصلحة للمواطنين بكافة فئاتهم، مثل تمكين المواطن الأردني الذي يعمل في مجال البناء من إيجاد فرص عمل له؛ مما ينعكس على تخفيض نسب البطالة، فضلاً عن تمكين المواطن من الحصول على السكن الملائم، الذي يعد حاجة أساسية كالغذاء والصحة والتعليم، وذلك إما عن طريق التملك بأسعار مناسبة أو بإيجارات معقولة. 

ولا مجال للشك، أن بتحفيز هذا القطاع سيتحفز تلقائياً ما لا يقل عن أربعين قطاعاً مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بقطاع الإسكان، من قطاع البنوك والتسهيلات البنكية، مروراً بقطاع المكاتب الهندسية، والمقاولات الإنشائية، والقطاع التجاري بكافة مكوناته، والقطاع الصناعي، وغيرها من القطاعات المرتبطة بهذا القطاع بشكل غير مباشر.

ولتحفيز قطاع الإسكان، يستلزم على أصحاب القرار إيجاد بيئة تشريعية حاضنة لهذا القطاع، تمكنه من النهوض من جديد وتشجع راس المال الوطني الذي هاجر للدول المجاورة العودة للوطن والعمل من جديد، كما أن على الدوائر الحكومية والرسمية المرتبط عمل قطاع الإسكان بها، عدم التغول عليه، وفرض شروط تعجيزية ورسوم غير قانونية على مشاريع الإسكان دون وجه حق وعليهم تطبيق القوانين والأنظمة والعمل مع المستثمرين بروح التشاركية والتعاون، وليس بتسلط وتشدد تجعل المستثمر يهرب من هذا القطاع اذا لم يهرب من البلد كلها.

فضلاً عما سبق، يجب على البنوك تخفيض الفوائد على قروض الإسكان؛ ذلك أن الفائدة على الودائع لا تتجاوز 3.5% سنوياً بينما الفائدة على القروض السكنية تصل إلى 7.5% وهذه النسبة عالية و تزيد الأعباء على الراغبين بشراء شقق سكنية، كما يجب على البنوك تخفيف شروط الحصول على قروض الإسكان؛ لأن التشدد بشروط منح قرض إسكاني، تنفر المواطن من التوجه للبنوك للحصول على قرض.

من ناحية أخرى، تضاعفت كلفة البناء خلال مدة قصيرة؛ نتيجة لارتفاع سعر المشتقات البترولية عالمياً ومحلياً، فارتفعت معها أسعار المواد الداخلة في إنشاء المباني، كأسعار الاسمنت، والباطون الجاهز، وحديد التسليح، ونحوها من مستلزمات البناء. ولا اعلم سبباً لعدم تراجع هذه الأسعار مع تراجع أسعار البترول، فعلى سبيل المثال نجد أن سعر طن الاسمنت ارتفع مع ارتفاع البترول الى 105 دنانير وبقي سعره فوق المائة دينار بالرغم من نزول سعر برميل البترول إلى 40 ديناراً فهل يعقل ذلك! و سعر الاسمنت في الدول المجاورة لا يتجاوز 70 ديناراً فقط وعليه، يجب على الحكومة إيجاد السبل الكفيلة بمنع الاحتكار في المواد الأساسية الداخلة في إنشاء المباني وتخفيض أسعارها؛ بما يتوافق مع كلفتها الحقيقية؛ حيث أن تخفيض الكلف سيخفض كلفة الشقة ويخفض بالتالي سعرها ليتمكن المواطن من تحقيق حلمه بتملك سكن ملائم بسعر مناسب.

أن كلفة الأرض أصبحت تشكل ما لا يقل عن 50% من كلفة المشروع الإسكاني، وهي نسبة مرتفعة جداً، فضلاً على أنها تعد من الأسباب الرئيسية في ارتفاع أسعار الشقق السكنية، ولتخفيض أسعار الأراضي يجب تخفيض الرسوم الباهظة المترتبة على بيع الأراضي والعقارات، والتي  تبلغ نسبة 9% من ثمن الأرض، كما يجب تنظيم أراضي جديدة وتزويدها بالبنية التحتية والفوقية، ذلك أن الأراضي المنظمة التي تصلح للإسكان أصبحت نادرة وشحيحة؛ مما شجع أصحاب هذه الأراضي على رفع سعرها لأسعار خيالية.

تأسيساً على ما سبق، على الحكومة تشجيع المتاجرين بالأراضي المنظمة الخالية على بيعها وعدم التمسك بها طمعاً بسعر أعلى، حيث أن المتاجرة بالأراضي الخالية المنظمة أصبحت تجارة رائجة؛ كونها تدر أرباحاً خيالية ولا يترتب عليها أية ضرائب تذكر،علماً أن المستفيد من بيع أية ارض هو البائع، والمشتري، والمكتب العقاري، والحكومة، وهذه المتاجرة ترفع أسعار الأراضي بشكل متسارع وجنوني. وبناءً عليه، يجب فرض ضرائب على المتاجرين بالأراضي الخالية المنظمة، في حال لم يقم ببيعها او بنائها خلال مدة لا تتجاوز سنتين مثلاً. المهندس صلاح الدين أبو دية

كل هذا وغيره، من شان العمل به تحفيز قطاع الإسكان المتهالك، فهل يقوم أصحاب القرار بالعمل على ذلك خدمة للوطن والمواطن؟