طأطأ والسلام عليكم
كتبت : هيا منير الكلداني
يُطالب ما تبقّى من الشعب الواعي بتحرير المملكة الأردنية الهاشمية من احتلال اللّصوصيّة والتطرف ومن يتستَّر خلفهما ويستفيد منهما ويدعمهما، ويطالب أيضا المسؤولين بمصارحة الشعب بدلاً من فوضى التصريحات التي أفقدت المواطن الثقة بأية جهة رسميّة، ويطالب بنسيان جيبة المواطن كحلّ أوليّ لتحصيل العجز الذي وجدَ المواطن نفسه فيه منذ المهد، كما يتناسون ملفات الفساد الكبيرة والتي أكلها الغبار.. وليعلم المسؤولون أن الرهان على ذاكرة السمكة لدى الشعب هو رهان خاسر بسبب جرعات فيتامين د الإضافية التي يتعاطاها المواطن أثناء جريه وراء لقمة العيش..
إن حالة التخبط والتصريحات ونفيها ثم توضيحها خلقت جوّا مشحونا بالغضب تُضاف إلى طنجرة «البريستو» التي تغلي منذ فترة!
وزير يصرّح ورئيس ينفي، فلان يصرّح وفلان ينفي. ما هكذا تُصنع الثقة بين مواطنيكم أيها المسؤولون؟
ويبدو أنكم أنفسكم تتخبطون ولا تملكون الإجابة ولا الحلول لأن الخرق اتسع، ويبدو أنكم ابتعدتم عن الحلول المقترحة الأخرى تفادياً لكشف المستور، وقبل أن تلومونا على جرأتنا في التعبير تذكّروا أنكم أنتم من أوصلتموننا إلى هذه النتيجة والقناعة. فبما أنكم مسؤولون فإنّ عليكم مسؤولية أخلاقية إزاء الشعب وذلك بمصارحته بما يجري، وإن تعذّر الأمر عليكم فلنستورد أخصائيين غرباء لا ينتمون لأحد ممّن يكونون من غير ذوي المصالح والمناسف والمشاريع والجمايل السابقة واللاحقة.
إنّ مسلسل اغتيال المواطن في قوته وتعليمه وصحته وحريّته وكامل حقوقه لا يخلق إِلَّا النقمة والغضب وانحدار الولاء والإخلاص لهذا الوطن. وهذه البلبلة والفوضى لا تَخلق سوى التشويش وربيع أسود سيفقدكم الأمن والأمان الذي تتغنون به..
ثم أيّ أمن وأمان هذا الذي تَـتـمـنّـنـون به على مواطنيكم؟ أليس هذا واجبكم ومن مسؤولياتكم؟ ولماذا التستر على دكاكين الجهل والتطرف والفوضى والتهاون في الفقر مقابل الأمن المزعوم؟
ألا يسمع المسؤولون لمواطنيهم ويقرأون شكاواهم ونداءاتهم ومناشداتهم وإحباطاتهم المتزايدة؟ ألا يرون فيها دقّا لنواقيس الخطر الأمني والاجتماعي؟ لقد أصبحت أسطوانة الغاز تهدّد أسطوانة الأمن والأمان، بحيث أضحت شعرة أخرى من الحكومة ستقصم ظهر جمل المحامل الأردني. وتذكّروا أنه لا يوجد وطن آخر سوى هذا الوطن ولا يوجد جواز سفر آخر سوى هذا الجواز، والذي تنوون مضاعفة رسوم تجديده..
وإذا أُعطيت الفرصة لمغادرة هذا الوطن، فكم من مواطنيكم المحبطين ستخسرون؟ لقد نزف الوطن الكثير من الكفاءات والطاقات، ولقد قتل هذا الوطن طموح الشباب والعائلات، واغتيل الانسان الذي هو أغلى ما نملك- حسب علمي- وطأطأ رأسه الأردني المرفوع من كثرة الجهل والتدليس والكذب وعدم الشفافية والتناقض والفقر والحقد الطبقي والجهوي، كما يطأطئ رأسه للبحث في هاتفه النقّال عن إبرة الخبر الصحيح في كومة قشّ الأخبار المتناقضة.
وكما هي التصريحات ما بين تأكيد الخبر ونفيه، ثم تأكيد النفي فنفي التأكيد، فإنني أصرّح اقتداء بحكومتنا: الإنسان أغلى ما نملك. لا، لا فأنت (...) ما نملك.
ودمتم بخير، وهذه لن أنفيها، فهذه مهمة المسؤولين لنفي الدوام بالخير!
وأتساءل:
- هل سنكتفي بـ « فشّة الغلّ» والتعبير عبر كل الوسائل ثم نتنفّس الصّعداء؟
- هل أصبحنا فعلاً ظاهرة صوتيّة لا تُطاق؟
- هل أنتم جادّون فعلا فيما ترفعون من شعارات حماية الوطن ومقدّراته وحماية المواطن والحفاظ على كرامته، والتي تلفظ أنفاسها الأخيرة في غرفة «الإنعاش»؟
أنا لا أطيق صمتي ولا صراخي الآن، فكيف تطيقون كذبكم وتصريحاتكم التي أصمّت آذاننا جميعاً؟
كثير هم الناصحون الغيورون على هذا الوطن والذين لطالما كتبوا ونادوا بأردن أفضل، فلا تدعوهم يرفعون الراية البيضاء لتنتصر رايات التطرف والفساد السوداء..
أتمنى بأن تتناهى إلى مسامع مليكنا الغالي أنّ شعبه ليس بخير على الإطلاق، ولتخبره حاشيته ومستشاروه بأن الأمور ليست على ما يرام..
فليخبروك يا سيد البلاد وقائدها بأن الشعب معك ويحبّك، لذلك هو صامت ينتظر غضبة هاشميّة..
* كاتبة أردنية تقيم في أستراليا