«السياحية» ؛ هل يطيقها وزراؤنا؟
كتب : باسل الرفايعة
الوزراءُ سيسافرون على الدرجة السياحية، لرحلاتِ الطيرانِ التي تقلُّ عن أربعِ ساعات. وإذا أرادَ الوزيرُ السفرَ على الدرجة الأولى، فعليهِ أنْ يدفعَ فرقَ السعرِ من جيبهِ. وفقاً لرئيس الوزراء هاني المُلقي.
فرقُ سعر التذكرة إلى كثيرٍ من الوجهات بين السياحية والأولى يزيدُ عن راتب الوزير. لكنَّ أحوالهم ميسورة جداً، وهم قادرون على تحمّل ذلك، فالمالُ أهونُ من السفر على الدرجة السياحية، وسط صياح الأطفال، والازدحام على الحمّامات، وضيق المسافات بين المقاعد، وقد يجلسُ إلى جانب الوزير عاملٌ بنغاليٌّ، أو عاملةٌ سيرلانكيّة، تشكو له من إجراءات وزارتي العمل والداخلية، وقسوة مخدومها.
وزراؤنا تعوّدوا على الهيبة الحكومية. بالسائق والسيارة ولقب المعالي، وتلك من لزوميّات الفشخرة الاجتماعية، وهم ليسوا نتاجَ ثقافة تواضع، ليقبلوا السفرَ مع عامة النَّاسِ على الدرجة السياحية. لا يحتملون سؤال المضيفة: «دجاج، ولا لحم»؟ ولا ركض الأطفال بين الممرات. تنقص هيبتهم، حين يستعجلهم أحدٌ على الخروج من الحمّام، وإذا لم يكن السفرُ على «الملكية» فعليهم أنْ ينتظروا خروج ركّاب الدرجتين الأولى ورجال الأعمال، فيما المضيفة واقفة عند الستارة. الشركات الأميركية والأوروبية، لا تعرفُ أبّهة «معاليه». فالوزير في هولندا يذهبُ إلى وزارته على درّاجته الهوائية، ورؤساء الحكومات في معظم أوروبا يستخدمون وسائل النقل العام.
الإجراءُ الحكوميُّ دعائيٌّ، وتجميليٌّ. قبلَ ذلك، دع الوزراء يتعالجون في المستشفيات الحكومية، ويرسلون أبناءهم وبناتهم إلى المدارس والجامعات الحكومية، ويستخدمون المواصلات العامة، ويعرفون الانتظار في طابور السرفيس. علّمهم التواضع، وذكّرهم بأننا بلدٌ فقير، يعيش على المنح والمساعدات، وخذهم «زيارة تفقدية» إلى دلاغة وأمّ النعام وبير الدباغات والعالوك..*
-----
*قرى أردنية، لا يسافر سكانها على الدرجة السياحية.
..........
-عن الصفحة الشخصية للكاتب