تلفزيون «كَلَتْ النار» ثوبه!
كتب : علي عبيدات
الذين يشاهدون التلفزيون الأردني، الآن، رجالٌ فوق الخمسين بشيبة، ونساءٌ لا يتابعن التلفاز لأسباب تخصُ العدس ونقع الأرز، وأطفالٌ لا ينسجمون مع المحتوى لأنهم يتشاجرون على امتلاك المكان القريب من التلفاز، وهذا يعني أنهم لا يعتبرون القناة الأردنية مثل سائر القنوات! فيجلسون أولًا ثم يبحثون عن القناة.
الشريطُ الإخباري المشهور بالأخطاء الإملائية؛ مليء بالكلام العادي المنتشر على فيس بوك وتويتر، تقرأُ فيه مثلًا «ثغرة عصفور سالكة بحذر شديد»، «الأرصاد تحذر من الانجماد ليلًا»، وفي المداخلات الهاتفية، نسمعُ صوت الناطق باسم شركة الكهرباء ليخبرنا بعدد الأعطال التي قامت الشركة بالتعامل معها، باعتبارهم في شركة الكهرباء يصلحون الأعطال تطوعًا وهم في الأصل مختصون بفتح مناهل التصريف.
بعد قليل، يطلُّ علينا نجم الدفاع المدني فريد الشرع، متحدثًا عن حالة غسل الكلى التي تعامل معها الدفاع المدني وعن الطريق الذي كان مغلقًا بشكل تام وفتحته الكوادر، وكذلك سيقول بشيء من العتب «الي ما اله شغل ليش يطلع»، بالاضافة الى تقرير مصور يظهر فيه كيس الأرز الذي يهبط من سيارة الدفاع المدني لعجوز تعيش في مغارة أردنية ويساعدها الدفاع المدني في هذه الظروف، ولا ضرر من مسرحية ماتت حقوق نشرها منذ نصف قرن أو فيلم مات مدير تصويره وأكثر الكومبرس فيه.
الأردنيون يحبون التلفزيون الأردني، يحبونه جدًا وحتى الآن لا يصدقون أنه مات، مات بنوبة الملل والرثاثة والحمق الإعلامي، مات منذ أن سيطر عليه العم غافل وحمدي «لوريل وهاردى الأردن» وهما يشرحان لنا كيف تقوم المدفأة بخنق النائمين وكيف تحرق المدفأة البيت إذا ركلها طفل وسقطت! مات التلفزيون الأردني بوصول الثنائي العالمي «زعل وخضرا» تماشيًا مع ثنائيات العمالقة، ففي سوريا نورمان أسعد وأيمن زيدان، وفي مصر فؤاد وشويكار وعادل ولبلبة، وفي الكويت عبد الحسين عبد الرضا وسعاد العبد الله، وفي لبنان فادي شربل و دوللي الحلو.. ممثلون لا يجيدون الوقوف أو الصمت أمام الكاميرا ولا يملكون أدنى حس من الفكاهة لإثارة السخرية اللطيفة.
اتركوه يا أصدقاء .. اتركوه .. واقنعوا كبار السن بنبأ موته! لا سيما أن «النار» كلت ثوبك يا شيخ!.