«الإفتاء العام» بين التحريم والقانون
كتب : باسل الرفايعة
دائرةُ الإفتاء العام تحرّمُ نشرَ الشائعاتِ على وسائل التواصل الاجتماعيّ. يبدو الخبرُ على هذا النحو، وكأنَّ القانونَ الأردنيّ يسمحُ بذلك، ما استدعى تدخّل الدائرة في فتوى مفصّلة، مدعومة بالنصوص، لدرء الخطر عن المجتمع.
«الإفتاءُ العام»، وهو حكوميٌّ، كما تعلمون، تدخّلَ في الأعوام الأخيرة في تحريم أمور حياتية يسمحُ بها القانونُ، كالموسيقى، ورفضَ تدقيق حواجب النساء ونتفها، وأجازَ تطليقَ المرأة، إذا أصرّت على ترك الصلاة. كما أكّدَ أنّ «وضوءَ المرأة لا يصحُّ مع وجود طلاء الاظافر» وأنّ «المعتمدَ عدمُ جواز» أنْ تُظهرَ المرأةُ المسلمة شعرها للمرأة المسيحية.
التحريمُ هنا لا يشكلُ رادعاً للمجتمعات، لأنّ العقوبة، مثل المكافأة مؤجلة إلى توقيتٍ دينيّ للحساب، بين جنّةٍ ونار. فيما يتعاملُ القانونُ مع الخطأ بجزاءٍ، في إطار محاكمة، لها أصولها وقواعدها، وتشكلُ العقوبةُ على الفرد ردعاً للعموم. والدائرة نفسها تعلم أنها لا تستطيعُ الآن الإفتاءَ بقطع يد السارق، لأن القانون يذهبُ به إلى السجن.
تُحرّمُ الفتوى الشائعات على منصات التواصل، وتعتبرها فاحشة، واغتيالاً للشخصية، وتقولُ نصّاً إنّ «الرد على من يسبُّ ويكذبُ يجب أنْ يكونَ بالحكمة والموعظة الحسنة». أي أنها تقررُ العقوبة الدنيوية، بمنطقٍ مثاليّ، لا يمنعُ تكراره وشيوعه، ويتعارضُ مجدداً مع التشريعات المدنية.
لماذا لا ينحصرُ دورُ دائرة الإفتاء في النظر في أمور العبادات، وتترك ما عدا ذلك للقانون؟!