المقاطعة حق مشروع
كتبت : عروب صبح
يمر البشر بضغوط مختلفة في علاقاتهم المباشرة وغير المباشرة مع الأنظمة التي تحكم حياتهم اقتصاديا وسياسيا على الأخص..وقد طور البشر في علاقاتهم المتشابكة هذه أنواع مختلفة من ردود الفعل المنظمة سواء في دعم ما يريدونه أو مقاومة ما يحسون أنه لا يخدم مصالحهم القريبة أو البعيدة المدى.
المقاطعة كموقف جماهيري هي أحد ردود الفعل، فهي الامتناع عن معاملة الآخر وفق نظامٍ جماعي متفق عليه مسبقاً بهدف الضغط لتغيير سياسة معينة تجاه قضية من القضايا المحلية أو حتى العالمية.
إن أحد الامثلة على المقاطعة الأكثر شهرة في التاريخ هو ما دعا اليه السياسي الهندي المهاتما غاندي ضد الاستعمار البريطاني. ففي عام 1920 قال غاندي جملته الشهيرة التي لا يزال صداها يتردد إلى الآن :»إحمل مغزلك واتبعني».
وكان سبب هذه الجملة، أن غاندي لاحظ أن بريطانيا تحتكر شراء القطن الهندي الطبيعي بثمن قليل، لتعود وتبيعه للهنود ملابساً وقطعاً قطنيةً بأغلى الأثمان.
فقرر الرجل أن يقاطع الملابس القطنية البريطانية، ولما تبعه عشرات الآلاف من الهنود، كانت النتيجة خسارة كبيرة جداً قدرت بالملايين للشركات البريطانية، دفع غاندي ثمنها عدة أشهر في السجن.
إلا أن الأمور بلغت ذروتها عندما قرر غاندي مقاطعة كل ما هو بريطاني وتبعه عشرات بل مئات الملايين من الهنود، فوجدت بريطانيا نفسها تواجه خسائر مادية فادحة في تلك البلاد، وكانت الخسائر الاقتصادية التي منيت بها بريطانيا في الهند واحدة من الأسباب التي أدت إلى انسحابها لاحقاً من الهند عام 1947.
في وقتنا هذا سجلت المقاطعة للبضائع الاسرائيلية ومقاطعة منتجات المستوطنات نجاحات كبيرة. ففي بلجيكا وضعت بضائع المستوطنات في قائمة الحظر، حيث أكدت النائبة البلجيكية في البرلمان الأوروبي مارينا أرينا أنه وضمن حملة مقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات فقد تم وضعها في قائمة لأجل حظرها كليًا في السوق البلجيكي والأوروبي، حيث «أن هذه المستوطنات غير شرعية وهي قائمة على أراضي المزارعين الفلسطينيين الذين يحرمون من أرضهم وعملهم بسبب هذه المستوطنات».
إن المقاطعة بوجهيها السياسي والاقتصادي هي وسيلة سلمية متعارف عليها لإيصال صوت الناس الحقيقي لمن هم بحاجة أن يسمعوه ..
قد يجد البعض أن مقاطعة الانتخابات أو مادة استهلاكية معينة هو موقف سلبي، إلا أنه بالتأكيد حق مشروع ويؤدي الى نتائج على الأغلب في المصلحة العامة إذا نفذ بشكل صحيح.