ريـمـا خلـف
كتب : رجـا طلب
قبل أن أبدا مقالي بالكتابة عن الدكتورة ريما خلف وموقفها «البطولي» في التعامل مع «عنجهية» الأمين العام لأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وتقديمها استقالتها ردا على طلبه سحب تقريري الاسكوا اللذين يدينان ممارسات إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، أود الإشارة إلى انه لم يسبق لي أن التقيت الدكتورة خلف، ومعرفتي بها هي فقط من خلال آراء من زاملها من الوزراء والسياسيين في مواقع مهمة وخلاصة تلك الآراء أنها طاقة مميزة وكفاءة نادرة وصاحبة مواقف مبدئية، ومن الواضح وعلى ضوء استقالتها تلك فان خلاصة الآراء بالدكتورة خلف لم تجاف الحقيقة بل أصابت كبدها.
من الملفت انه وبعد ساعات قليلة من إعلان الدكتورة خلف لاستقالتها «أُنتج» ضدها خطاب «موتور» و«متجني» من بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، يًقزم الخطوة ويشكك في نواياها، والبعض من هؤلاء اعتبرها مجرد دعاية شخصية لموظفة أممية ستغادر موقعها بعد أسبوعين رأت في مواجهة الأمين العام فرصتها في تسجيل مواقف «بطولية» تستثمر فيها معاناة الشعب الفلسطيني وقضيته.
هذا المنطق وغيره الذي تحركه عقد شخصية لا يقلل بأي حال من الأحوال من قيمة الخطوة التي اتخذتها الدكتورة خلف في مواجهة الأمين العام الذي استجاب وبخنوع لإرادة واشنطن وتل أبيب بسحب التقريرين.
قالت الدكتورة خلف في استقالاتها ما نصه «وإنني أدرك أنه لم يبق لي في الخدمة غير أسبوعين، لذلك فاستقالتي هذه لا تهدف إلى الضغط السياسي عليك. إنما أستقيل، ببساطة، لأنني أرى أن واجبي تجاه الشعوب التي نعمل لها، وتجاه الأمم المتحدة، وتجاه نفسي، ألا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة تسبب كل هذه المعاناة لكل هذه الأعداد من البشر».
الدكتورة خلف تقول بوضوح أنها لا تريد ممارسة الضغط السياسي على الأمين العام من خلال استقالتها ولا ابتزازه لأنها ستترك موقعها بعد أسبوعين لكنها بررت الاستقالة كفعل رافض لسحب التقريرين وانحياز للحق الإنساني، وهو ما لم يفهمه بعض الذين اتهموها بافتعال « أزمة « لأغراض دعائية.
من الحقائق التي يجهلها هؤلاء بشان مجمل القضية وبشان عمل الدكتورة خلف في الاسكوا ما يلي :
أولا: إن الأزمة بين الدكتورة خلف والأمين العام بشان التقريرين عمرها يتجاوز الشهرين حيث طلب منها سحبهما عن موقع الاسكوا الرسمي ورفضت.
ثانيا: التقرير الأول والمعنون « «الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدل» كان قد أنجز في ديسمبر 2016 ونشر على موقع المنظمة، وكانت الاسكوا تعد العدة لإطلاقه، إلا أن الأمانة العامة للأمم المتحدة قامت بحجبه بعد يوم واحد من نشره واستمر الخلاف بشأنه واعادت خلف نشره في فبراير الماضي من هذا العام على موقع الاسكوا، والتقرير يعد الأول من نوعه الذي يُشخص واقع المظلومية الفلسطينية وتاريخها وطبيعة الاستبداد الذي تعرض له الفلسطينيون بدقة وبتوثيق علمي منذ قيام دولة إسرائيل والى الآن.
ثالثا: أما التقرير الثاني المعنون «إسرائيل والفصل العنصري الأبارتهايد» فقد تم إطلاقه في 15 فبراير في بيروت والذي يتهم إسرائيل وبتوثيق دقيق بممارسة الفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني، وقتذاك طالبت واشنطن عبر مندوبتها بالأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي، بضرورة إلغاء التقرير برمته وعدم اعتماده كتقرير صادر عن منظمة من منظمات الأمم المتحدة.
رابعا: في عام 2014 قدمت الدكتورة ريما خلف استقالتها للامين العام السابق للأمم المتحدة «بان كي مون» اثر ضغوط تعرض لها بسبب تقرير للاسكوا، اتهم إسرائيل بممارسة التمييز على أساس عرقي وسعيها لتغيير التركيبة الديموغرافية لمصلحة الإسرائيليين اليهود على حساب السكان العرب، إلا أن «كي مون» رفض استقالتها ودعم موقفها من التقرير.
مما سبق يظهر بشكل جلي أن الدكتورة خلف لم تظهر «ثورية دعائية مفتعلة» كما حاول البعض تصوير استقالتها، وربطها بانتهاء مهام عملها، فسيرتها الشخصية بشكل عام وسيرتها في الاسكوا بشكل خاص تؤكد على مبدئيتها، ومن باب التذكير فقط فان الدكتورة خلف قدمت استقالتها من الحكومة الأردنية في عام 2000 اثر خلافات مع رئيس الوزراء وقتذاك عبد الرؤوف الروابدة وهو ما يؤكد على أنها لا تنظر لنفسها على أنها موظفة أو باحثة عن وظيفة.
..................
- عن صفحة الكاتب الشخصية
Rajatalab5@gmail.com