من حقِّكَ أنْ تبصقَ المرارةَ
كتب : باسل رفايعة
على الأقل. لا تمدحْ زعيماً، ولا بلاداً، ولا ديناً، حينَ يحقُّ لكَ المديحُ فقط، ولا يحقُّ لك النقدُ، فتكونُ محضَ طبّالٍ أصمّ، لا يسمعُ أيَّ نشازٍ، على كثرةِ ذلكَ النشاز.
لا تمدحِ الْيَوْمَ، مَنْ لا يَكُونُ لكَ الحقُّ الكاملُ والآمنُ في انتقادهِ غداً، فتصبحُ منافقاً رخيصاً، فأنتَ تستطيعُ أنْ تصمتَ، إذا لَمْ تكنْ آمناً بما يكفي، فَمِنَ البطولةِ أنْ تعيشَ، إِذْ لا فرصةَ ثانية.
لا تكنْ بطلاً، ولا شهيداً، ولا ضحيّةً، ولا غصناً مكسوراً، لا تُفرِّطْ في خضرتكَ وأزهاركَ، وثماركَ، ولا بأسَ أنْ يتأخَّرَ المطرُ، ويغني كثيرون للجدبِ، ويتغزّلونَ في غرور السنابلِ الفارغة. احفظْ في قلبكَ غيمةً تنتظرها، وإنْ خذلتْكَ. وَلَكِنْ إيّاكَ أنْ تمدحَ اليباس.
لا تمدحْ حتى ظلَّ الشجرة الْيَوْمَ، إِنْ غضبتْ لأنَّكْ لم تحتملْ فاكهتها المُرَّةَ في اليومِ التالي، حِينَئِذٍ تفقدُ حقَّكَ في البصاق. أقسمُ أنَّ من حقِّكَ أنْ تبصقَ المرارةَ. فلا تبلعها، فتموتُ جباناً، من حيثُ كانَ عليكَ أنْ تصمتَ ولا تمدحَ ظلَّ تلكَ الشجرةِ المستبدَّة.
ذَلِكَ على الأقل..