منتصف الطريق
قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بتحسين الخدمات التي تقدمها دوائر الحكومة ورفع كفاءة العمل ، وزيادة الإنتاجية ، وتطوير الإدارة العامة من خلال تعديل نظام الخدمة المدنية ، أمر يبعث على الارتياح ، كذلك عزل الموظف ذي التقييم الضعيف من شأنه التخفيف من الترهل ، ويشكل دافعا ينطوي على نوع من التحذير للموظفين الذين لا يقومون بواجباتهم على الوجه الأفضل .
لطالما اشتكى متلقي الخدمة من التعقيدات الإدارية ، ولكن ليس صحيحا أن المشكلة تكمن في تدني الكفاءة ، أو الترهل الإداري وحسب ، بل إن الأخطر منهما هو ضعف روح الإدارة ، وبطء حيويتها ، والأسوأ من ذلك تراجع الشعور بالمسؤولية والمصلحة العامة ، تلك المشكلة التي يلمسها المستثمرون ورجال الأعمال والمصالح الاقتصادية أكثر من غيرهم ، والتي لا يتم التوقف عندها ، رغم أنها الأكثر ارتباطا بالإنتاجية التي يسعى رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي إلى تحسينها وتطويرها .
من بين شواهد كثيرة على غياب مفهوم المصلحة العامة التي من المفروض أن تلتقي عليها جميع الأطراف ، أشير إلى مسألة الرسائل الرسمية الموجهة إلى وزارات ومؤسسات الدولة وإداراتها المختلفة لطلب الموافقة على أمر ما ، والتي لا يأت الرد عليها لا سلبا ولا إيجابا ، فيتبعها صاحب المصلحة برسالة ثانية وثالثة ورابعة ، ويراجع بشأنها مرارا ، فلا يجد عليها جوابا مكتوبا ولا شفويا ، وكأنه لا توجد مرجعية محددة يفترض أن يأتي الجواب منها ، وحتى في حالة الرد السلبي ، أي عدم الموافقة على الطلب ، لا تكلف بعض الإدارات نفسها عناء ذكر الأسباب !
ثمة حلقة مفقودة في كثير من المعاملات ، وكلما أشرنا إلى تلك الحلقة انزلقنا إليها بالشكوى والتذمر ، وضرب كف بكف ، بينما تراوح القضايا في مكانها لفترة طويلة من الزمن ، لا نفعل شيئا من أجل حلها ، سوى طرح علامات الاستفهام والتعجب ، لنجد أنفسنا واقفين في منتصف الطريق ، لا نتقدم خطوة إلى الإمام ، ولا مجال للتراجع إلى الخلف ، لأن منتصف الطريق في حد ذاته تراجع إلى الخلف !
سأعتبر مقالي هذا رسالة إلى دولة الرئيس على أمل أن نرى في التعديلات المقترحة على نظام الخدمة المدنية ما يتعدى شروط ومعايير الوظيفة العامة إلى حوكمة الوزارات والمؤسسات ، التي من شأنها ضبط الأداء ، وحسن إدارة الوقت ، وتيسير المعاملات ، وضمان الإنتاجية وقياس مدى فعاليتها ، ورضا الجمهور عنها .
www.yacoubnasereddin.com