رفقًا بالرفيقات يا أصدقاء!
كتب : علي عبيدات*
من وحي التجربة:
رفقًا بالرفيقات يا أصدقاء! والرفيقةُ هنا ليست عبثًا نضاليًا ترك لصاحبه عللًا وأمراضًا و «طفرًا» عابرًا للأٌقساط والفواتير ورسوم الجامعات، بل الرفيقةُ يا أصدقاء هي «الــــزوجـــة» والزوجةُ في عُرْفِ الأردنيين سيدةٌ يقال عنها في الجنوب «العيال» وفي الوسط «المدام» وفي الشمال «العيلة» وفي الشرق الموغل في فوضى التراب «الحرمه».
الزوجةُ التي يتمغط الأردنيون بعد مقلوباتها ومناسفها وصينية لحم العجل المدلل بعد خلطها بلحم الخروف الطفل، يتمغطون ويحبون زوجاتهم «الأردنيون» يحبونهن جدًّا رغم تلكؤ الفواتير والمصاريف والكشرة الصباحية والجلوس المطول بالملابس الداخلية على الأريكة المملة، ويحترفون النكّات وهم يسجلون ألقابهن على ذاكرة الهاتف، الأول يسجلها «نكد» والثاني «الحكومة» والثالث يستكثر عليها اللقب ويسجلها «أم فلان» والرابع يسجل اسم ابنه البكر ويضع بجانبه رقمًا أو رمزًا عبثيًا بهدف التمييز، رغم ان ابنه البكر لا يملك هاتفًا ولا يجيد الكلام بعد!.
والزوجة في الأردن بين سياقين، الأول سياق ثقافي يتلخصُ بالمرأة العورة التي لا يجوز لصديقي أن يعرف اسمها أو يراها تقدم الشاي، وسياق تاريخي يشتهيه الأردني ويحبه، يحبُّ صورة جدته التي ضربت جنديًا من العصملي يوم كانت تُجدلُ ضفائر القمح وتخبزُ خبز الثلث الأخير من الليل وتملأ دلاء العطش من عينٍ بعيدةٍ، يحبها في سياقها التاريخي؛ لأن المرأة الحديثة مسلوبة القوة ولا يحق لها حماية الدخيل ولا تجيدُ سلخ الشاة أو حمل دلاء الماء.
قبل استحداث مراكز حماية الأسرة التي تعطي المرأة حق رد اعتداءات الزوج الهمجي عليها، قبل أن تتجرأ المرأة وتسكنُ وحدها مع أبناء طليقها وتعمل وتنفقُ عليهم، قبل أن تفرض المرأة رأيها يوم زفافها، قبل أن تقول المرأة بصوت مرتفع «هذا راتبي وتعبي»، قبل أن يعود الرجل إلى رشده ويبحث بشكل دقيق عن عروس تجيدُ العمل وتخرج صباحًا معه، وتعود معه، دون أن يتأفأف من تأخر الطعام، قبل أن تدفع المرأة إيجار البيت وقسط المركبة التي تعمل على الكهرباء ويتباهى الرجل بها وهي تقف باعتزاز أمام بيت أهله، قبل هذا كله، كان يحقُ لك أن تمشي أمامها لتواجه أنت أبناء القرية وترد التحية، ولئلا تقول عمتك العجوز «امرأةٌ تمشي أمامه وتقوده.. يا للعار!».
رفقًا بالرفيقات يا أصدقاء، فلن تفهم نعمة الزوجة إلا إذا بدأ مفعول التخدير يغادر جسدك بينما تجرك الممرضة الأنثى تحت سقف المستشفى، تجرك الممرضة وترى بلاط السقف الذي يتنهي فجأة لترى وجه زوجتك السماوي، فتقول لك: «أنا معك». هكذا تضحك الطبيعة وترفرفُ سنونوات السماء أمامك، ثم تهزمُ الموتَ بوجهها.
يا أم حسين! لك البهجة.
......
- عن الصفحة الشخصية للكاتب