وَيَا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬بَلَدٍ،‭ ‬حينَ‭ ‬كانت‭ ‬بَلَداً


أنباء الوطن -

 

كتب‭ : ‬باسل‭ ‬الرفايعة

ربّما‭ ‬تضعُ‭ ‬المدينةُ‭ ‬زينتها‭ ‬عِنْدَ‭ ‬عربةِ‭ ‬فُستقٍ،‭ ‬وتودُّ‭ ‬أقراطاً‭ ‬وأساورَ‭ ‬من‭ ‬سوقِ‭ ‬الذهب‭. ‬في‭ ‬منحدرٍ‭ ‬من‭ ‬رقصة‭ ‬شركسيةٍ،‭ ‬تحتَ‭ ‬مجمّع‭ ‬الشابسوغ،‭ ‬وقريباً‭ ‬من‭ ‬كنافةٍ‭ ‬نابلسيّة‭ ‬عِنْدَ‭ ‬كشك‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬علي‮»‬،‭ ‬وحيثُ‭ ‬البنكُ‭ ‬العربيُّ،‭ ‬و‭ ‬‮«‬كرم‭ ‬امسيح‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬العقايلة‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬سكجها‮»‬‭ ‬وهؤلاء‭ ‬صاغةُ‭ ‬الذهبِ،‭ ‬جيرانُ‭ ‬سوق‭ ‬السُكّر‭ ‬والبخاريّة‭ ‬والبشارات‭. ‬هناك‭. ‬أي‭ ‬هناك‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تفهمُ‭ ‬أسماءَ‭ ‬الإشارة،‭ ‬حينَ‭ ‬ذهبتْ‭ ‬عمّانُ‭ ‬إلى‭ ‬الخيّاطِ‭ ‬صباحاً،‭ ‬وأعطتهُ‭ ‬قماشاً‭ ‬لفستانٍ‭ ‬بألوانٍ‭ ‬من‭ ‬كلّ‭ ‬ربيع‭. ‬من‭ ‬سوسرقة،‭ ‬ومن‭ ‬شآمٍ،‭ ‬وحورانٍ،‭ ‬وفلسطين‭.‬

عربةُ‭ ‬الفول‭ ‬السودانيّ‭. ‬الفستقُ‭ ‬بالشاميةِ‭ ‬الأردنية‭. ‬الرجل‭ ‬الأسمرُ‭ ‬ذو‭ ‬الكوفيةِ‭ ‬والعقال،‭ ‬اسمه‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬أحمد‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬نيجيريُّ‭ ‬جالَ‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬أدغالِ‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وظلَّ‭ ‬يدفعُ‭ ‬عربته‭ ‬إلى‭ ‬أنْ‭ ‬توقّفت‭ ‬في‭ ‬‮«‬سوقِ‭ ‬الذهبِ‮»‬‭ ‬في‭ ‬عمّان‭ ‬البَلَد،‭ ‬وَيَا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬بَلَدٍ،‭ ‬حينَ‭ ‬كانت‭ ‬بَلَداً،‭ ‬تشتري‭ ‬فستقها‭ ‬من‭ ‬رجلٍ‭ ‬إفريقيٍّ،‭ ‬وتأخذهُ‭ ‬بأكياسٍ‭ ‬ورقيةٍ‭ ‬صغيرةٍ‭ ‬إلى‭ ‬بيرةٍ‭ ‬أردنيةٍ‭ ‬في‭ ‬بار‭ ‬‮«‬السلمون‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬الأردن‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬الأوبرج‮»‬،‭ ‬أمّا‭ ‬الشاربون‭ ‬في‭ ‬حانة‭ ‬الـ‭ ‬‮«‬كيت‭ ‬كات‮»‬‭ ‬فيشترون‭ ‬فستقهم‭ ‬من‭ ‬محمص‭ ‬بسمان،‭ ‬الذي‭ ‬يُسيطرُ‭ ‬برائحتهِ‭ ‬الساخنةِ‭ ‬على‭ ‬البَلَد‭.‬

إنها‭ ‬عربةُ‭ ‬فستقٍ،‭ ‬يتصاعدُ‭ ‬دخانها‭ ‬في‭ ‬سوقِ‭ ‬الذهب‭. ‬

ماتَ‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬أحمد‮»‬‭ ‬النيجيريّ‭ ‬الأردنيّ‭. ‬ابنهُ‭ ‬يحرسُ‭ ‬مُجمّعَ‭ ‬الشابسوغِ،‭ ‬ويدلُّ‭ ‬القادمينَ‭ ‬من‭ ‬المحافظات‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬القدس،‭ ‬وفلافل‭ ‬هاشم،‭ ‬ويشرحُ‭ ‬للسيّاحِ‭ ‬تفاصيلَ‭ ‬عمّان،‭ ‬يَقُولُ‭ ‬لهم‭: ‬هناكَ‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬درجِ‭ ‬الكلحة‭ ‬ثمّة‭ ‬سوقٌ‭ ‬للقماش،‭ ‬وثمّة‭ ‬خيّاطٌ‭ ‬ماهرٌ‭ ‬يعرفُ‭ ‬فساتينَ‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭. ‬أحدها‭ ‬قصيرٌ‭ ‬ينحسرُ‭ ‬عن‭ ‬رغوةِ‭ ‬الصابونِ‭ ‬في‭ ‬الركبتين‭. ‬أيضاً‭ ‬لدينا‭. ‬يَقُولُ‭: ‬لدينا‭ ‬فستانٌ‭ ‬طويلٌ،‭ ‬بلا‭ ‬أكمامٍ،‭ ‬وهو‭ ‬أكثرُ‭ ‬جمالاً‭ ‬حينَ‭ ‬يكون‭ ‬مع‭ ‬كعبٍ‭ ‬عالٍ‭ ‬يختالُ‭ ‬إلى‭ ‬الدوّارِ‭ ‬الأول،‭ ‬وتلمعُ‭ ‬من‭ ‬كتفيه‭ ‬زنودُ‭ ‬الست‭.‬

هَلْ‭ ‬قلتُ‭: ‬زنودَ‭ ‬الست‭. ‬تلكَ‭ ‬من‭ ‬أنواعِ‭ ‬الحلوى‭ ‬يا‭ ‬عمّان‭..‬

‭........‬

‭-‬عن‭ ‬الصفحة‭ ‬الشخصية‭ ‬للكاتب