5‭ ‬نصائح‭ ‬تساعدك‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬صعوبات‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬النفس


أنباء الوطن -

 

–‭ ‬ترجمة‭: ‬رامي‭ ‬بديار

إنه‭ ‬لأمر‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الصعوبة‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬الصعب‭ ‬من‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬العيش‭ ‬وفقا‭ ‬لمعايير‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭. ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬عالمُ‭ ‬اليوم‭ ‬أشبه‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬بحلبة‭ ‬الصراع‭ ‬التي‭ ‬ينزلها‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬كلّ‭ ‬صباح‭ ‬لبلوغ‭ ‬معاييرَ‭ ‬صعبة‭ ‬المنال‭ ‬وأبعد‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬عن‭ ‬الواقعية،‭ ‬ليجني‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم‭ ‬الكثيرَ‭ ‬من‭ ‬الخيبة‭ ‬المشوبة‭ ‬بالقلق،‭ ‬وحين‭ ‬تتفق‭ ‬الخيبةُ‭ ‬والقلق‭ ‬على‭ ‬حربِ‭ ‬مَن‭ ‬هو‭ ‬عُرضة‭ ‬للنقد،‭ ‬فإنّ‭ ‬تلاشي‭ ‬ثقته‭ ‬بنفسه‭ ‬–أو‭ ‬ما‭ ‬تبقّى‭ ‬منها‭ ‬سليمًا‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭- ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬مسألة‭ ‬وقت‭.‬

دعني‭ ‬بداية‭ ‬أخبرك‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬أنّك‭ ‬لستَ‭ ‬مُطالبًا‭ ‬بأن‭ ‬تُضحّيَ‭ ‬بثقتك‭ ‬بنفسك‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أن‭ ‬تنسجم‭ ‬مع‭ ‬جُملة‭ ‬من‭ ‬القوالب‭ ‬الجائرة‭ ‬التي‭ ‬يُراد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬منك‭ ‬مسخًا‭ ‬عديم‭ ‬الهويّة‭ ‬–‭ ‬أنت‭ ‬بلا‭ ‬شكّ‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬هذا‭. ‬حينما‭ ‬يتعذّر‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬لك‭ ‬مكانًا‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬القوالب‭ ‬فتلك‭ ‬لربما‭ ‬الإشارة‭ ‬بأنّه‭ ‬حان‭ ‬وقت‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مقاييس‭ ‬أخرى‭ ‬لتقييم‭ ‬قدراتك،‭ ‬ولكن‭ ‬لنبدأ‭ ‬الرحلة‭ ‬من‭ ‬بداياتها،‭ ‬متزوّدين‭ ‬بهذه‭ ‬النصائح‭ ‬الخمس‭:‬

1-‭ ‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭ ‬العلمية‭:‬

‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬إجماع‭ ‬بين‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬حول‭ ‬ماهية‭ ‬“الثقة‭ ‬بالنفس”،‭ ‬ولكن‭ ‬ثمّة‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬بينهم‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬المفاهيم‭. ‬دعنا‭ ‬بداية‭ ‬نُشير‭ ‬إلى‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬مصطلحي‭ ‬“تقدير‭ ‬الذات”‭ ‬و‭ ‬“الثقة‭ ‬بالنفس”‭. ‬ببساطة،‭ ‬فإنّه‭ ‬كلّما‭ ‬زاد‭ ‬اعتزازك‭ ‬بشخصك‭ ‬كلّما‭ ‬نما‭ ‬تقديرك‭ ‬لذاتك‭ ‬وكلما‭ ‬ازدادت‭ ‬ثقتك‭ ‬بنفسك‭.‬

لتقدير‭ ‬الذات‭ ‬صورٌ‭ ‬تتفرّع‭ ‬بتفرّع‭ ‬الأدوار‭ ‬الحياتية‭ ‬التي‭ ‬نلعبها،‭ ‬وتختلف‭ ‬صور‭ ‬تقدير‭ ‬الذات‭ ‬باختلاف‭ ‬منسوب‭ ‬ما‭ ‬يختلجنا‭ ‬من‭ ‬مشاعر‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬أدائنا‭ ‬ضمن‭ ‬كلّ‭ ‬دور‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الأدوار،‭ ‬كدورنا‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬العائلي‭ ‬مثلًا،‭ ‬أو‭ ‬اسهاماتنا‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬علاقاتنا‭ ‬العاطفية‭ ‬أو‭ ‬دورنا‭ ‬كأفراد‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

لابدّ‭ ‬إذًا‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مواقعُ‭ ‬متفاوتة‭ ‬لصور‭ ‬تقدير‭ ‬الذات‭ ‬المتنوّعة‭ ‬على‭ ‬سُلّم‭ ‬الأولويات‭ ‬الخاصّ‭ ‬بنا،‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬جوانب‭ ‬حياتنا‭ ‬المختلفة‭ ‬ليست‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الأهمّية‭. ‬حينما‭ ‬يفشل‭ ‬طباخ‭ ‬ماهر‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬وجبة‭ ‬محترمة‭ ‬فإنّ‭ ‬أحاسيس‭ ‬الخيبة‭ ‬ستلازمه‭ ‬برهة‭ ‬من‭ ‬الزمن؛‭ ‬أمّا‭ ‬عندما‭ ‬يضطر‭ ‬أعزب‭ ‬لتناول‭ ‬“خبز‭ ‬بالجبنة”‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬أحرق‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬سيعدّه‭ ‬للعشاء‭ ‬فإنّه‭ ‬سيتذكّر‭ ‬التجربة‭ ‬برمّتها‭ ‬على‭ ‬أنّها‭ ‬مادّة‭ ‬للتندّر‭ ‬والطرفة‭.‬

ليست‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬وحدها‭ ‬هي‭ ‬ما‭ ‬يحدّد‭ ‬تقديرنا‭ ‬لذواتنا،‭ ‬حيث‭ ‬أنّنا‭ ‬نتأثر‭ ‬بكمّ‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الصغيرة‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬سيطرتنا،‭ ‬كأن‭ ‬نستيقظ‭ ‬صباحاً‭ ‬لنتفاجأ‭ ‬بالبثور‭ ‬الذي‭ ‬قرّر‭ ‬فجأة‭ ‬أن‭ ‬“يزيّن”‭ ‬وجهنا،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬شعرُنا‭ ‬صبيحة‭ ‬ذات‭ ‬اليوم‭ ‬حرماننا‭ ‬من‭ ‬امتياز‭ ‬تسريحه‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬نُحب،‭ ‬أو‭ ‬عندما‭ ‬تنهال‭ ‬علينا‭ ‬عبارات‭ ‬المديح‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يطول‭ ‬انتظار‭ ‬تلك‭ ‬العبارات‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تطرق‭ ‬لنا‭ ‬بابًا‭.‬

‭ ‬

أحدُ‭ ‬الحقائق‭ ‬الجديرة‭ ‬بالاهتمام‭ ‬كذلك‭ ‬هي‭ ‬أنّ‭ ‬“النرجسية”‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬مُطلقًا‭ ‬بلوغ‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭. ‬الإنسان‭ ‬النرجسي‭ ‬هو‭ ‬شخص‭ ‬عاطفي‭ ‬ومرتبك‭ ‬بطبعه‭ ‬يعشق‭ ‬أن‭ ‬تُسلّط‭ ‬عليه‭ ‬جميع‭ ‬الأضواء‭ ‬ويذبُل‭ ‬كلّما‭ ‬قلّ‭ ‬مقدار‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬اهتمام،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬دائم‭ ‬الشكّ‭ ‬في‭ ‬قدراته‭. ‬يفتقر‭ ‬النرجسي‭ ‬للاستقرار‭ ‬العاطفي‭ ‬ويتقلّب‭ ‬مزاجه‭ ‬متأثرا‭ ‬بتقلّبات‭ ‬الوسط‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬وبحسب‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬على‭ ‬أفعاله‭ ‬وسلوكياته‭.‬

وعلى‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬نجدُ‭ ‬أنّ‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقلّ‭ ‬تقديرهم‭ ‬لذواتهم‭ ‬لا‭ ‬يستقبلون‭ ‬ردود‭ ‬الأفعال‭ ‬الايجابية‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الحماسة،‭ ‬فيما‭ ‬يتأثّرون‭ ‬سلبا‭ ‬بما‭ ‬يتلقّونه‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬سيّئة‭. ‬حتّى‭ ‬حينما‭ ‬يسعى‭ ‬أحدُهم‭ ‬لإبداء‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬التقدير‭ ‬نحوهم‭ ‬وأن‭ ‬يُشعرهم‭ ‬ببعض‭ ‬الرضا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم،‭ ‬فإنّهم‭ ‬سُرعان‭ ‬ما‭ ‬يُترجمون‭ ‬هذا‭ ‬التصرّف‭ ‬على‭ ‬أنّه‭ ‬شكلٌ‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬اظهار‭ ‬الشفقة‭.‬

تتدخّل‭ ‬“الوسطية”‭ ‬هنا‭ ‬لتقترح‭ ‬نفسها‭ ‬كحلٍّ‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة‭. ‬المجدُ‭ ‬كلّ‭ ‬المجد‭ ‬لمن‭ ‬كان‭ ‬تقديره‭ ‬لذاته‭ ‬راسخًا‭ ‬لا‭ ‬تزعزعه‭ ‬الاضطرابات‭ ‬العابرة،‭ ‬سُعداء‭ ‬الحظّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬وحدهم‭ ‬من‭ ‬يُدرك‭ ‬شعور‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭.‬

2-‭ ‬ضع‭ ‬اصبعك‭ ‬على‭ ‬مكمن‭ ‬الجرح‭:‬

‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬واصلتَ‭ ‬القراءةَ‭ ‬حتّى‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬فلا‭ ‬شكّ‭ ‬في‭ ‬كونك‭ ‬قد‭ ‬استشعرتَ‭ ‬بأنّ‭ ‬احدى‭ ‬الحالات‭ ‬المذكورة‭ ‬آنفاً‭ ‬تصفُ‭ ‬وضعَك‭ ‬الراهن‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭. ‬الغايةُ‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نلفت‭ ‬انتباهك‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬التأمّل‭ ‬هو‭ ‬سلاحُك‭ ‬الذي‭ ‬لابدّ‭ ‬أن‭ ‬تلجأ‭ ‬إليه‭ ‬إن‭ ‬أردتَ‭ ‬ايجاد‭ ‬حلول‭ ‬لمشكلة‭ ‬ثقتك‭ ‬في‭ ‬نفسك؛‭ ‬وحدَه‭ ‬التأمّل‭ ‬سيُمكّنك‭ ‬من‭ ‬تحديد‭ ‬منبع‭ ‬المشكلة‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭.‬

يُفترض‭ ‬بك‭ ‬إذًا‭ ‬أن‭ ‬تخصّص‭ ‬وقتًا‭ ‬للجلوس‭ ‬إلى‭ ‬نفسك‭ ‬و”إلقاء‭ ‬القبض”‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬حياتك‭ ‬الشخصية‭ ‬الذي‭ ‬يُؤرّق‭ ‬وجودك‭ ‬ويجعله‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬التعاسة‭. ‬لربّما‭ ‬ستكتشف‭ ‬أنّ‭ ‬تجاهلك‭ ‬لأصحابك‭ ‬خلّف‭ ‬عندك‭ ‬شعورًا‭ ‬بالذنب‭ ‬والأنانية،‭ ‬أو‭ ‬لربّما‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬أحسست‭ ‬بأنّك‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬للعب‭ ‬دور‭ ‬الأبوّة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخلّفت‭ ‬عن‭ ‬حضور‭ ‬إحدى‭ ‬مباريات‭ ‬ابنك‭ ‬أو‭ ‬حفلاته‭ ‬الموسيقية؛‭ ‬لعلّك‭ ‬بدأت‭ ‬تشكّ‭ ‬في‭ ‬مهارتك‭ ‬كموظّف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أخفقت‭ ‬مرة‭ ‬أو‭ ‬مرتين‭ ‬في‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬مهامك‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المطلوب‭.‬

ما‭ ‬عليك‭ ‬والحال‭ ‬تلك‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تُراعي‭ ‬أواصر‭ ‬الصُحبة‭ ‬التي‭ ‬جمعتك‭ ‬بأصدقائك‭ ‬وأن‭ ‬تقضي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬اللحظات‭ ‬الجديرة‭ ‬بالذكرى‭ ‬مع‭ ‬أهلك‭ ‬وأن‭ ‬تبذل‭ ‬جهدًا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬مارس‭ ‬هذه‭ ‬“الطقوس”‭ ‬بانتظام‭ ‬وستتحسّن‭ ‬مشاعرُك‭ ‬حيال‭ ‬نفسك‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬معقولة‭.‬

3-‭ ‬اعتزّ‭ ‬بقُدُراتك‭ ‬المميّزة‭:‬

‭ ‬كلّنا‭ ‬نعرف‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬الواثق‭ ‬الذي‭ ‬يُنهي‭ ‬كلّ‭ ‬ما‭ ‬يُطلب‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬ميعاده‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تسمع‭ ‬له‭ ‬تأفّفاً،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭: ‬يبدو‭ ‬كمن‭ ‬قد‭ ‬طوّر‭ ‬مناعة‭ ‬ضدّ‭ ‬التعب‭. ‬دعنا‭ ‬نعترف‭ ‬أنّ‭ ‬الحظّ‭ ‬ربمّا‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬عقد‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬حِلفًا‭ ‬أزليًا‭ ‬منذ‭ ‬مجيئهم‭ ‬إلى‭ ‬الدنيا،‭ ‬ولكن‭ ‬دعنا‭ ‬أيضًا‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬جزئية‭ ‬مهمّة‭: ‬لعلّ‭ ‬قدرات‭ ‬هؤلاء‭ ‬تتلاءم‭ ‬وقوالب‭ ‬الحياة‭ ‬العصرية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قدراتك‭ ‬أنت‭.‬

لستُ‭ ‬هنا‭ ‬بصدد‭ ‬أن‭ ‬أجرّد‭ ‬تلك‭ ‬الثلّة‭ ‬من‭ ‬المميّزين‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬فضل‭ ‬فيما‭ ‬وصلوا‭ ‬اليه‭ ‬بجهدهم‭ ‬وعرقهم،‭ ‬أودّ‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬أنبّه‭ ‬أنّه‭ ‬لربمّا‭ ‬كانت‭ ‬قُدُراتهم‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬اليسير‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يتأقلموا،‭ ‬بل‭ ‬ويتألّقوا،‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬العادية‭ ‬ليظهروا‭ ‬بمظهر‭ ‬المتمكّن‭ ‬الناجح؛‭ ‬فيما‭ ‬يلزمك‭ ‬أنت‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عميقًا‭ ‬لتتعرّف‭ ‬على‭ ‬قُدُراتك،‭ ‬وحين‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المسعى‭ ‬وتنمّي‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬جُعبتك‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬فريدة،‭ ‬لن‭ ‬يبقى‭ ‬أمامك‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الجو‭ ‬المناسب‭ ‬لإظهارها‭ ‬وكتابة‭ ‬سطور‭ ‬تألّقك‭.‬

4-‭ ‬اعتنِ‭ ‬بجسمك‭ ‬وعقلك‭:‬

‭ ‬لا‭ ‬ترتبط‭ ‬ثقة‭ ‬الشخص‭ ‬بنفسه‭ ‬بمدى‭ ‬جاذبيته‭ ‬من‭ ‬عدمها‭. ‬صحيح‭ ‬أنّ‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يتمتّعون‭ ‬بجمال‭ ‬ظاهري‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يُبدون‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬وضعيات‭ ‬معيّنة،‭ ‬ولكن‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬سطحيتهم‭ ‬طاغية‭ ‬و‭ ‬واضحة‭ ‬للعيان‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬تعوّدوا‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬معاملة‭ ‬مميّزة‭.‬

دعني‭ ‬الآن‭ ‬أرسم‭ ‬لك‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭: ‬تخيّل‭ ‬معي‭ ‬شخصين‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الجاذبية،‭ ‬أحدُهما‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستويات‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والثاني‭ ‬دائم‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬قدراته‭. ‬بينما‭ ‬يتحلّى‭ ‬الأوّل‭ ‬بنفَسٍ‭ ‬إيجابي،‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬اختياراته‭ ‬البرّاقة‭ ‬لملابسه‭ ‬وتعبيره‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬بشكل‭ ‬سلس‭ ‬و‭ ‬واثق،‭ ‬مدفوعًا‭ ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬هذا‭ ‬بمستويات‭ ‬مرتفعة‭ ‬من‭ ‬تقدير‭ ‬الذات،‭ ‬تجد‭ ‬الثاني‭ ‬خجولًا‭ ‬يخشى‭ ‬الظهور‭ ‬ويتعمّد‭ ‬التحفّظ‭ ‬في‭ ‬سلوكه‭ ‬ومظهره‭ ‬حتى‭ ‬“لا‭ ‬يُثير‭ ‬الشبهة”‭.‬

يبدو‭ ‬إذًا‭ ‬أنّ‭ ‬تعاسة‭ ‬هذا‭ ‬الأخير‭ ‬سببُها‭ ‬عددٌ‭ ‬من‭ ‬الحواجز‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬مخيّلته‭. ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬راضٍ‭ ‬عن‭ ‬نفسك‭ ‬فما‭ ‬عليك‭ ‬ببساطة‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬تولي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬العناية‭ ‬لجسمك‭ ‬وعقلك‭. ‬مارس‭ ‬بعض‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬أفكارك‭ ‬والتقط‭ ‬السلبية‭ ‬منها‭ ‬وارمها‭ ‬في‭ ‬سلّة‭ ‬المهملات‭ ‬دون‭ ‬رجعة‭. ‬افتح‭ ‬بعدها‭ ‬خزانة‭ ‬ملابسك‭ ‬و‭ ‬ودّع‭ ‬كلّ‭ ‬تلك‭ ‬الثياب‭ ‬الفظيعة‭ ‬التي‭ ‬ظلّت‭ ‬تحجب‭ ‬روعتك‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬الساعة‭. ‬انزل‭ ‬لتتسوّق‭ ‬ودلّل‭ ‬نفسك‭ ‬بثياب‭ ‬تعكس‭ ‬حقيقةً‭ ‬جمالَ‭ ‬الشخص‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬داخلك‭.‬

5-‭ ‬ويبقى‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬ممكن‭:‬

‭ ‬أعلم‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬تبدو‭ ‬مستهلكة‭ ‬ومكرّرة،‭ ‬ولكنّها‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الحقائق‭ ‬ثباتًا‭. ‬فعلاً،‭ ‬كلّ‭ ‬شيء‭ ‬ممكن‭. ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬ممارسة‭ ‬هواية‭ ‬القفز‭ ‬بالمظلّة،‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬انتقالك‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬افريقيا‭ ‬السمراء،‭ ‬بإمكانك‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬في‭ ‬تعلّم‭ ‬فنون‭ ‬الخياطة‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنمّي‭ ‬مواهبك‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬مثلا،‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬الأمر،‭ ‬هناك‭ ‬طرق‭ ‬فعلية‭ ‬ومجرّبة‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬طولًا‭. ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تحتاجه‭ ‬لفعل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تتبنّى‭ ‬طريقة‭ ‬التفكير‭ ‬المناسبة‭ ‬التي‭ ‬ستمنحك‭ ‬الإرادة‭ ‬والعزيمة‭ ‬لبلوغ‭ ‬هدفك‭.‬

لا‭ ‬يسعني‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬أذكّر‭ ‬بأنّ‭ ‬جميع‭ ‬البشر‭ ‬لديهم‭ ‬مخاوفهم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تفارقهم‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭. ‬ما‭ ‬يصنع‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الشخص‭ ‬الواثق‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬سماح‭ ‬المرء‭ ‬لتلك‭ ‬المخاوف‭ ‬بأن‭ ‬تتغلّب‭ ‬عليه‭.‬

‭..............‬

المصدر‭: ‬موقع‭ ‬ليستات‭- ‬عن‭ ‬‮«‬المكتبة‭ ‬العامة‮»‬