حبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل
كتب : سمير الرمحي
.. فحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل
«أبا مكسيم» «عبد المنعم طه العبدالله الرمحي» : لروحك الرحمة والنور، وألهم أسرتك وأحبائك الصبر والسلوان، وأطال الله بأعمارهم ومتعهم بالصحة والعافية من بعد رحيلك.
صديقي الراحل : لقد حظيت بمعرفة شخصكم الكريم من خلال الشاشة الزرقاء قبيل بضع سنين خلت، رغم أنني عرفتُ وجاورتُ وزاملتٌ العديدين من أشقائك وذويك الأقربين من عائلة المختار «طه العبدالله»، وعلى قمتهم العم الحكيم الجليل «طلعت-أبا أكثم» صديق والدي ورفيقه في العسكرية، فقد كان المعلم والموجه لشباب «الحارة الشامية، بالزرقاء» نحو الجديد من الأفكار والطروحات في حب الحياة والوطن وخدمة الناس.. كل الناس، وشقيقك الاستاذ الرقيق العطوف «رميح-أبا محمد» الذي زاملته مدرساً في ثانوية حولي بالكويت، وغيرهما..
أما أنتم فقد حظيتُ بصداقتكم «في العالم الافتراضي» دون لقاء على أرض الواقع، ولكنني أحسست بقربٍ روحي وفكري بيننا لا تمنعه المسافات ولا عِقْدٌ من فارق العمر، ومما زاد تعلقي بصداقتكم أن بكركم أسميتَهُ «مكسيم» في حين أن رواية «الأم-لمكسيم غروكي» كانت بِكْر قراءاتي المترجمة من غير العربية.
ولا أنسى ممتناً ما زودتني به من ذكرياتكِ عن «سْمِيِّي» الاستاذ «سمير سمور» شقيق جدتي لأمي «بالمؤاخاة»، وآخر مديرٍ لمدرسة بلدنا «المزيرعة» قبل النكبة، حيث تم تعيينك مدرساً في وزارة التربية في الفترة التي سُمح بها بتعيين ذوي الاتجاهات التقدمية واليسارية، وكان مقر عملك في مدرسة بلدة «صَفَّا-غربي رام الله»، وهي بلدة السمير الذي زيَّن معصمي الأيسر النحيل وأنا في السابعة من العمر بساعة مميزة لا يمتلكها حتى أستاذ الدين لصفنا الثاني في ابتدائية الزرقاء «الشيخ عمر» الذي تفحصها مندهشاً ومكرراً بالفصحى أنها : «سويسرية فاخرة» تعادل قيمتها أكثر من المرتب الشهري لوالدك يا فتى!»، فأعفى المعصم النحيل من سياط خيزرانته التي كان يستلها من باطن جبته كلما استشاط غضباً من مشاغبات الثلاثي «بِسَسْ- بسام وسامي وسمير»... وتلك حكاية أخرى.
وأذكر بكل امتنان اجتهاداتكم عبر صفحات التواصل على «النت» في التعريف بالأشخاص المشاركين للأستاذ سمير في الصورة الجماعية المأخوذة للذكرى أوائل الخمسينيات في إحدى استوديوهات رام الله لمجموعة من المثقفين والمدرسين الأصدقاء والأقارب، وما أعقبها من حواراتنا عن أهمية عقد الخمسينيات في مجريات الأحداث التاريخية في وطننا ومنطقتنا، وعن مراحل تشكل تيارات الوعي القيمي والوطني والانساني بعيداً عن سطوة الغيبيات وشيوخها الطاعنين في غياهب الوهم، فتمنيت أن أحظى بفرصة لقائكم والاستماع للمزيد من علمكم ومعلوماتكم وخبراتكم الثرة. لدرجة التفكير بزيارة الأراضي المحتلة لتحقيق تلك الأمنية لولا أنك أوضحت لي أنك مقيم في النصف الجنوبي من العالم وكنت أتعامل معك وكأن ما بيينا إلا مسافة سفر ساعة. فليست المسافات بحاجزةٍ ما بين الأفئدة، ومن كل قلبي أدعو لكم بالنور والرحمة، فذكراكم الطيبة لن تغيب في عوالم النسيان.
فحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل.