سعاد الحميضي في ذمة الله


أنباء الوطن -

فقدت الكويت أمس المرحومة سعاد حمد الحميضي، التي توفاها الله بعد مرض ألم بها وأُدخلت على أثره المستشفى للعلاج.
كانت وعلى مدى نصف قرن تقريبا يشار إليها بسيدة الأعمال، وهو لقب استحقته وحملته منذ شبابها.
«أم طلال»، وهو الاسم المحبب إلى قلبها، ولدت بمنطقة «القبلة»، في فريج عباس، درست في المدرستين الشرقية والقبلية، والمرحلة الثانوية درستها بثانوية البنات، ومن المدرسات اللاتي عاصرتهن، ماما أنيسة، بثينة جعفر، فضيلة بوشقير، مفيدة العلمي، وربيحة المقدادي ناظرة المدرسة.

العلاقة بوالدها

كانت إلى جانب والدها الحاج حمد الصالح الحميضي، وهو من رجالات الكويت المؤسسين والتجار المعروفين، منحها الثقة ورافقته منذ الصغر إلى مكتبه وديوانيته، وضع في يديها «صلاحيات لا حدود لها»، بحسب تعبيرها، في حديث أجرته معها الزميلة صفاء المطري عام 2004، وبعد وفاته أصبحت هي المسؤولة عن شركاته وتجارته، وشكلت الوفاة صدمة كبيرة لها، كان عليها إثبات قدرتها
على التحمل، قابلها الكثير من المصاعب، أولها نظرة المجتمع الكويتي في ذلك الوقت إلى عمل النساء، تغلبت عليها، بالثقة بالنفس واحترام الذات والتفاني في العمل.

العمل في البنك التجاري

بعد وفاة والدها طرح عليها السيد عبدالعزيز البحر فكرة المشاركة في البنك التجاري وقال لها: هذا البنك بنككم، وعلى الأقل يكون فيه نفس منكم، فما رأيكِ أن تعملي معنا؟ أجابت بالموافقة، وعملت في البنك قرابة العشر السنوات، لكنها نظراً للأعباء الملقاة على عاتقها أخذ ابنها طلال مكانها.
تذكر بالوفاء دائماً وتتذكر أدوار مرزوق الغانم والشيخ جابر العلي اللذين كان لهما الأثر الكبير في تشجيعها على الجد والمثابرة في العمل التجاري والخوض في أعماقه.

أولى الخطوات

أولى خطواتها في عالم المال والتجارة كان في مجال المقاولات ومع والدها، تركته بعد وفاة والدها وتوجهت إلى الأسهم والعقارات، وقامت ببناء عمارات ومجمعات وشراء أراضِ وبيعها، إضافة إلى كونها عضوة في مجلس إدارة البنك التجاري، فوالدها أحد مؤسسي هذا البنك، كما كانت عضوة في مجلس إدارة بنك عودة في لبنان، وهذا ما أعطاها الخبرة وزادها، ما تقول عن نفسها «ثقتها بنفسها ومتابعتها لأدق التفاصيل».
ومع مرور الوقت صار أولادها يساعدونها بعد أن كبروا وتأهلوا، فهي تستشيرهم دائما.

بنك عودة وأميوني

وعن علاقتها ببنك عودة، وبصاحبه ريمون عودة، تروي في حديث لها مع الزميلة سهام حرب، عام 2000 في القبس، أن والدها كان يتعامل معهم، فالبنك أساسا كان شركة للصيرفة، وعرض عليه والدها فكرة تحويل الشركة إلى بنك، وقال له: «خلينا نعملها بنك، أنا نصف وأنت نصف»، وبذلك تأسس بنك عودة، أما العلاقة مع ميشال أميوني في شركة المقاولات، فقد استمرت إلى حين توفاه الله، ثم تابع أبناؤها العمل فيها.
كان عمرها 25 سنة عندما تزوجت مرزوق الغانم، عاشت معه خمس سنوات، ثم تزوجت من الشيخ جابر العلي، الذي ترك بصمة في حياتها، فكان طيبا، ويحب أولادها ووالدتها، كما تصفه في حديث لها.
وعن تلك العلاقة تقول «في حياة المرحوم مرزوق الغانم كان والدي موجوداً، وعشت معه فقط خمس سنوات وتُوفي، وقضيت مع الشيخ جابر العلي رحمه الله 25 عاماً، وساعدني في العمل، وأرشدني إلى الطريق الصحيح، وكنت استشيره ويستشيرني إلا في الأمور السياسية».
وتضيف «الشخص الذي كان له دور كبير في حياتي المهنية، ولولاه لما استمررت في عملي، وهو الذي شجعني، وكان دائما يقول لي اعملي واذهبي ولا تهدئي في العمل، فهو زوجي المغفور له الشيخ جابر العلي السالم الصباح رحمه الله».
أثناء مسيرتها العملية، تردد أن أفضل الاستثمارات لديها هو الاستثمار في العقار وبنك عودة في لبنان.

أمانة الصدق في الكلمة

كانت من أوائل سيدات الأعمال في الشرق الأوسط، تبوأت مناصب قيادية في البنك التجاري وبنك عودة، اُختيرت من قبل عدة جهات لتكريمها، اعترافاً وتقديراً لما لها من حكايات مع النجاح في عالم التجارة والعقارات، وكأول كويتية تخوض غمار الأعمال والاقتصاد.
صنفت من ضمن المتميزين والأثرياء في القوائم، التي تظهر سنوياً من قبل مجلات متخصصة أو جهات دولية ذات شأن.
حملت أمانة الصدق في الكلمة، وهي سلاح كل إنسان، رجلاً كان أو امرأة.
والقبس، التي ألمها المصاب، تتقدم من أسرة المرحومة بأحر التعازي، سائلة المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».

سفيرة سيدات الأعمال.. رحلة إنسانية وخيرية

حققت الفقيدة سعاد الحميضي نجاحات كبيرة في القطاعات التي نشطت فيها، إذ حلت في مراتب متقدمة ولسنوات عدة ضمن أقوى سيدات العالم العربي بحسب مجلة فوربس الشرق الأوسط، كما عرفت بأنها «سفيرة سيدات الأعمال الكويتيات».
ولم يغب الجانب الإنساني عن حياة الراحلة، إذ ساهمت في بناء المساجد وتقديم المساعدات الخيرية، واقترن اسمها بالعمل الخيري والإنساني.