سبعة أعوام من عمر ثورة « الياسمين»
بعد مرور سبعة أعوام من عمر ثورة « الياسمين» التي أشعلها مقتل «البوعزيزي» في تونس الشقيقة، والتي طالت أثارها مصر وليبيا وسوريا واليمن بشكل مباشر، ولامس لهيبها سائر العواصم العربية بدرجات متفاوتة، أقول بعد مرور كل هذه السنوات تجتاج العالم العربي اليوم (ثورة) جديدة قد تكون مكملة للربيع العربي، ثورة المهمشين والجياع والعاطلين عن العمل يريدون الخروج من الفساد والتحرر من شرنقته، وتأسيس ثقافة نزاهة وأحترام وعدالة إجتماعية وأحترام للمال العام وعدم توريث المناصب في مواجهة ثقافة الفساد ومؤسساتها.
اليوم في مصر وليبيا وتونس والسودان، بل حتى في المغرب وبعض دول الأقليم ومنها الأردن يتذمر الناس علنا من تعديل قوانين الضرائب وأرتفاع الأسعار لتمس قوت المواطن اليومي، كأرتفاع أسعار (الخبز) والمحروقات ومواد أساسية كثيرة التي تعد المؤشر الأهم والمعيار الأول في تمتع الفرد بأساسيات الحياة.
في عام 1943 أطلق العالم النفسي الأمريكي من أصل يهودي إبراهام ماسلو والذي أشتهر بنظرية تدرج الحاجات أو (هرم ماسلو) للحاجات أو نظرية (الدافع البشري) عام 1943، والتي شملت ملاحظاته حول الفضول الفطري البشري، حيث ترصد النظرية ترتيب حاجات الإنسان، ووصف الدوافع التي تحركه، وقد لخص هذه الأحتياجات في الأحتياجات الفزيولوجية وحاجات الأمان، والأحتياجات الأجتماعية، والحاجة للتقدير، والحاجة لتحقيق الذات.
يقول العالم ماسلو في نظريته هذه أن الناس عندما يحققون أحتياجاتهم الأساسية، فإنهم يسعون إلى تحقيق أحتياجات ذات مستوى أعلى، أي عندما يتم تحقيق أحد مستويات الإشباع يصبح مستوى آخر من الأشباع مهما، مثل درجات سلم متصاعدة.
ظاهرة الربيع العربي لا يمكن تفسيرها أو أختزالها في عامل واحد، فقد كانت البداية ثورة ضد أركان فاسدة مستبدة وقمعية ودكتاتورية، وإن الشعوب ألتي ثارت قد تحركت تحت وطأة ضغوط سياسية أنذاك، لكن الإحتياجات البشرية كما وصفها العالم ماسلو لا تتوقف، بمعنى أن إداراك حاجة من الأحتياجات البشرية يشكل دافعا لفتح الباب على حاجة أساسية أخرى وفقا (لهرم ماسلو)، لذلك فقد أشتعلت من جديد، وأيضا من تونس، ثورة لا ترفع شعار (إرحل) وإنما شعار جديد فرضته الإحتياجات البشرية الفطرية، شعار تونس الجديد هو التشغيل إستحقاق، وهو شعار يدين العملية السياسية في تونس، ألتي أدت إلى أرتفاع معدلات البطالة، وزيادة الفوارق الطبقية والأجتماعية وأنصهار الطبقة الوسطى.
وكما حدث منذ سبع سنوات، فقد أمتد الغضب الشعبي التونسي إلى عواصم عربية أخرى كالخرطوم والرباط وبغداد وأخشى ما أخشاه أن يصل إلى عاصمتنا الحبيبة عمان نتيجة سياسات حكومة الدكتور هاني الملقي غير المدروسة بتعديل قوانين الضرائب ورفع الأسعار.
خلاصة القول إن إسقاط أنظمة قد لا يكون أمراً سهلا، لكنه قطعا أسهل من بناء مجتمع مدني أساسه المساواة والعدالة الأجتماعية وتكافؤ الفرص، مجتمع قادر على تلبية أحتياجات الفرد، وفقا لما نصت عليه نظرية (هرم ماسلو).
المحامي الدولي
فيصل الخزاعي الفريحات