استبعاد إدراج الأحوال الشخصية على الاستثنائية


أنباء الوطن -

في الوقت الذي استبعدت فيه مصادر نيابية أن تتم مناقشة تعديلات قانون الأحوال الشخصية المؤقت 2010، في الدورة الاستثنائية المتوقعة المقبلة، بل وقد لا يدرج على الدورة العادية القادمة، عبرت ناشطات في مجال حقوق المرأة عن الإحباط من عدم إعطاء "الأحوال الشخصية" أولوية تحت القبة، وأكدن ضرورة إقرار التعديلات التي وردت عليه "بأسرع وقت".

وكانت اللجنة القانونية النيابية اقرت قبل حوالي شهرين، التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وهي تعديلات رحبت بها منظمات مجتمع مدني مختصة، واعتبرتها "عصرية"، فيما كان متوقعا ان تعرض تعديلات القانون على مجلس النواب خلال الدورة النيابية المنتهية، وهو ما لم يحصل.

رئيسة جمعية تضامن النساء "تضامن" أسمى خضر اكدت  ان ثمة قناعة في المجتمع بضرورة مناقشة هذا القانون "المهم جدا باستفاضة كاملة واشباعه بالنقاش نظرا لتنظيمه العلاقات في المجتمع، من زواج وطلاق وحضانة ونفقة وغيره"، وهي تشدد على ان "الأوان آن لاقراره".

وأضافت "لست مع المزيد من المماطلة في اقرار القانون"، لافتة الى ان "تضامن" تعد حاليا ورقة موقف حول القانون، تتناول كافة تفاصيله، وستشاركها لاحقا مع كافة الجهات المعنية.

اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة اكدت على مرار الأشهر الماضية ضرورة إقرار القانون، لكن الامينة العامة للجنة سلمى النمس تؤكد ضرورة إعادة النظر بالمادة 10 من مشروع القانون، التي عدلتها اللجنة القانونية، حيث وضعت استثناءات لزواج من هم تحت سن الثامنة عشرة.

وتؤكد النمس ضرورة رفع عمر الزواج إلى 16 عاما تبعاً للمادة 6/5 من الدستور، والتي تنص على واجب الدولة في حماية الطفولة من الإساءة والاستغلال، ما يعني أن الزواج في عمر 15 سنة والذي يعد زواج قصر "تنتج عنه اساءة صحية واجتماعية ونفسية للضحايا، وبالتالي يتناقض مع أحكام الدستور الأردني".

ولفتت النمس الى ان اللجنة تؤكد موقفها بضرورة رفع سن الزواج في المادة 18، والخاصة بـ"عضل الولي من عمر 15 سنة إلى 18 سنة، لأنه لا يجوز لطفلة أن تعضل الولي، فهي قاصر، وتعتبر دون سن الرشد، الذي حدده القانون الأردني (القانون المدني)".

واقترحت "شؤون المرأة" الغاء المادة 61، الخاصة بموافقة الزوج على عمل زوجته، وفي حال عدم موافقته لا تستحق النفقة. ورات اللجنة ان الاسباب الموجبة لالغاء المادة هي "ان الحق بالعمل مكفول بأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة، ولا يجوز ربط هذا الحق بموافقة الزوج، كما أنه يُشكل تعديا على الحرية الشخصية".

وفي حال الطلاق التعسفي في المادة 155، طالبت اللجنة بحق السعي للزوجة، بحيث يتم اقتسام الأموال المتحصلة أثناء الحياة الزوجية مناصفة بين الزوجين، فـ"للمرأة دور مباشر أو غير مباشر في ما تم تحصيله أثناء الحياة الزوجية"، كما أن المانع الأدبي كثيرا ما يحول دون توثيق حقوق أي من الطرفين، لمعالجة الأضرار التي تتعرض لها المرأة المسنة عند طلاقها وبعد زواج دام لمدة طويلة لحفظ كرامتها. بينما اقترحت حلا بديلا برفع التعويض إلى نفقة لمدة لا تقل عن 3 سنوات، ويراعى فيها مدة الزواج وسن الزوجة.

وبخصوص الوصاية على الاطفال في المادة 223 اقترحت اللجنة أن يكون للأم أولوية في الوصاية على أطفالها،" حيث لا يعقل أن يستثني القانون الأم نهائيا عن الولاية على صغيرها، ويقدم عليها وصي الجد؛ أو الوصي الذي نصبته المحكمة الذي قد يكون من أبعد الأقارب".

وفيما يتعلق بالوصية الواجبة في المادة 279، فاقترحت "شؤون المراة" أن يتم المساواة بين أبناء الأبن وأبناء البنت في الحقوق الارثية، إذا توفي أحد الفروع قبل الأصول، حيث أن التمييز بهذه الحالة "غير مبرر".

بدورها، تؤكد الناشطة هالة عاهد ضرور إلغاء الاستثناء الوارد في المادة 10 من قانون الأحوال، والإكتفاء برفع سن الزواج إلى 18 سنة شمسية، حيث نص القانون على ان سن الزواج هو 18 سنة، ولكنه يسمح بالوقت نفسه، بزواج من تجاوز 15 سنة اذا توفرت استثناءات وفق تعليمات تحددها دائرة قاضي القضاة.

وتقول عاهد ان التعليمات، التي صدرت تباعا عن دائرة قاضي القضاة لتنظيم منح الاذن للقصر بالزواج، لم تكن كافية او فعالة.

وتبين ضرورة إلغاء الاستثناءات الواردة على سن الزواج؛ خاصة أن تأكيد التعديلات على التحقق من رضا القاصر غير كافية؛ فشرط الرضا هو "شرط لصحة عقود الزواج كافة، ورضا الفتاة القاصر معيب بحكم صغر السن؛ فقانون الأحوال الشخصية نفسه ينص على أن سن الرشد هو 18 سنة شمسية".

وتقول عاهد "من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد يكون ناقص الأهلية؛ كما أن التعديلات التي أجريت على موضوع النسب بإضافة حالات الوطء غير كافية لحماية الأطفال المولودين خارج إطار العلاقات الزوجية".

وتلفت عاهد إلى أن هناك "تعديلات عديدة طالبت بها منظمات المجتمع المدني ولم تلتفت لها "القانونية النيابية" على أهميتها؛ كأحكام الوصية الواجبة؛ ورفع مبلغ التعويض عن الطلاق التعسفي؛ ورفع القيود على سفر الأم الحاضنة بالمحضون، بل إن اللجنة وعِوَضا عن أن تخفف هذه القيود "اشترطت في المادة المعدلة أن يكون الكفيل أحد الأقارب من الدرجة الرابعة".

واكدت ضرورة إيجاد قانون يساوي بين المواطنين بمختلف انتماءاتهم المذهبية والطائفية، ويقوم على المساواة بين الرجال والنساء، يحفظ كرامة النساء ويراعي مصلحة الاطفال الفضلى ويحمي الاسرة، يتفق واحكامه مع معايير حقوق الانسان ومبادئها والتزامات الاردن.

وفيما يخص النسب، تؤكد منظمات نسوية، حسب تقارير سابقة لها، انه ووفقا لاحكام القانون فان نسب الاطفال يتم اما بالاقرار او بالوسائل العلمية المقترنة بالزواج، وبالتالي فان الاطفال المولودين خارج اطار الزواج محرومون من النسب ومن الحقوق المترتبة لهم على ذويهم، ويتم اعطاءهم اسماء وايداعهم دور الايواء التابعة للتنمية الاجتماعية حتى سن 18"، وطالبت هذه المنظمات باثبات نسب الاطفال "بكافة الوسائل العلمية دون اشتراط اقترانه بفراش الزوجية".

اما الولاية المعطاة للرجل فقط بحكم قانون الأحوال الشخصية على القصر او عديمي الاهلية وناقصيها والنساء، فتؤكد المنظمات النسوية ان احكام هذه الولاية "تظهر بمختلف مناحي حياة النساء، سواء بالموافقة على عقد الزواج او في حق الولي بفرض حمايته على المرأة، وتحديد حريتها وحركتها وخيارتها، ناهيك حرمانها سلطة متابعة شؤون ابنائها".

وتطالب المنظمات المعنية ايضا بعدم حرمان المرأة المتزوجة من حضانة ابنائها؛ على ان يتم مراعاة مصلحة الطفل الفضلى، ورفع حضانة الام المسيحية الى 15 سنة اسوة بالمسلمة. اما النفقة فتؤكد على ضرورة ان لا يشترط موضوع النفقة بموافقة الرجل على عمل المرأة، وان يكون من ضمن خبراء تقدير النفقة نساء، وان لا تخسر الزوجة المسجونة نفقتها.

وينص القانون على ان حق الحضانة للأم المسلمة يمتد حتى 15 سنة، بينما للمرأة المسيحية المتزوجة من مسلم تنتهي حضانتها عند الانفصال لسن 7 سنوات، كما تحرم المرأة التي تتزوج من حضانة أبنائها، مما يدفع كثيرا من النساء الى رفض الزواج مرة ثانية، او التخلي عن حضانة ابنائها وفي أحيان كثيرة تحت ضغط الاسرة التي ترفض احتفاظها بهم او بإجبارها على الزواج الثاني.

وفي حالة الطلاق (بإرادة الرجل)، تقترح المنظمات المدنية ان للرجل الذي يريد تطليق زوجته مراجعة القاضي، ويحيلهم القاضي للاصلاح الاسري، فإذا تعذر الاصلاح، يقرر القاضي قبول ايقاع الطلاق بعد تحديد سائر حقوق الزوجة والنفقة لها ولأبنائها والحضانة، يرافقه رفع قيمة التعويض عن الطلاق التعسفي ليتناسب ومدة الزواج بحيث لا يقل عن نفقة ثلاث سنوات ولا يزيد على نفقة 12 سنة و/أو تقسيم الاموال المشتركة المتحصلة بعد الزواج بين الزوجين، توضح عاهد.

وبينت ان القانون منح الرجل الحق بتطليق زوجته بارادته المنفردة، غيابيا او شفاهيا او في المحكمة، "وكثيرا ما تفاجأ النساء بعد مدة انها مطلقة دون علمها، او تضطر لمراجعة المحكمة لاثبات وقوع الطلاق ومتابعة سائر حقوقها الاخرى كالنفقة ونفقة اولادها والحضانة والتعويض عن الطلاق التعسفي الذي لا يتناسب مع طول مدة الزواج".

وفيما يخص التفريق بين الزوجين، تطالب المنظمات بمساواة المرأة بالرجل في كيفية سداد التعويض المترتب على الشقاق والنزاع، واقتصار حق التفريق للشقاق والنزاع على النساء، وفي التفريق للغيبة والضرر، تؤكد ان مجرد اثبات الغيبة كاف لايقاع التفريق دون الحاجة لاعذاره، وفي حالة التفريق بسبب العقم، تطالب اقتراحات المنظمات المدنية بان لايتم الانتظار لخمس سنوات طالما تم الاثبات بتقارير طبية حالة العقم.

وفي الميراث، تطالب بمساواة ابناء البنت مع ابناء الابن، في استحقاقهم للوصية الواجبة، وعدم حرمان ابناء الام المسيحية من ميراث امهم، او حرمانها من ميراث ابنائها.

ووفق القانون الحالي، ترث النساء نصف المقدار المقرر لإخوتهن، وقد قرر القانون انه في حال وفاة الابن في حياة والده يستحق أبناؤه نصيب أبيهم، على أن لا يتجاوز الثلث، ولكن هذا الحكم ينطبق على أبناء الابن فقط، وليس أبناء البنت، ولا توارث بين المسيحيين والمسلمين في الأردن، فلا ترث المرأة المسيحية زوجها ولا أبناءها المسلمين.