تكرار هروب الأحداث ظاهرة تتطلب إعادة التقييم الشامل لمراكز الأحداث

لم تعد قضية هروب الاحداث من مراكز الاحداث بالقضية الجديدة التي تتعامل معها وزارة التنمية الاجتماعية المسؤولة مباشرة عن رعاية الاحداث في المراكز.
إلا ان تكرار هروب الاحداث بين فترة واخرى يثير تساؤلات حول اسباب هروبهم في الوقت الذي انشئت هذه المراكز لتعديل سلوكهم وتوفير الخدمات التي يحتاجونها بعد ان قاموا بفعل سلوكيات مخالفة للقانون. ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي تشهدها المراكز من هروب احداث بل خلال الفترة الماضية شهد مركز اربد الذي هرب الاحداث الثلاثة منه امس الاول اعمال عنف تحدث للمرة الاولى حيال المشرفين القائمين على رعايتهم اسفر عن اصابتهم وهروب الاحداث من المركز.
وتكرار هروب الاحداث من ذات المركز يضع علامات استفهام على طبيعة المركز التي يبدو انها تحتاج لاعادة تقييم من قبل الوزارة خصوصاً وان الاحداث المنتفعين من المركز انتهجوا سلوكيات عنف مؤخرا تجاوزت الحدود التي يمكن تقبلها الى حد ما من قبل الاحداث.
فان كان مركز اربد الاكثر تكرارا في حالات هروب الاحداث وقيامهم بسلوكيات عنف فماذا تنتظر الوزارة لتغير به بعيدا عن تشكيل لجان تحقيق للوقوف على اسباب الهروب او العنف لتتوقف او الاقدام على العنف الذي لا يطاول فقط الاحداث انفسهم بل المشرفين القائمين على رعايتهم ؟ خصوصاً وان وزارة التنمية الاجتماعية تتعامل سنويا مع 2500 حدث من خلال ستة مراكز للذكور وواحد للاناث.
الناطق الاعلامي باسم الوزارة فواز الرطروط قال ان مركز احداث اربد شهد الاربعاء الماضي هروب ثلاثة احداث عاد منهم اثنان في حين لم تدم فترة هروبهم عن المركز سوى ست ساعات والعمل جار على اعادة الثالث للمركز.
واشار الرطروط ان قضية هروب الاحداث تقع بين فترة واخرى خاصة وان دور الاحداث ليست مغلقة وهي ليست سجونا بحيث لا يتم التعامل مع الاحداث ممن هم دون عمر الثامنة عشرة كسجناء ما يعني ان المتابعة والمراقبة لا تحول دوما من خروجهم من دور الاحداث وغالبية الاحداث الذين يقومون بالهرب من المراكز يعودون اليها.
في الوقت الذي بين فيه ان مركز اربد لرعاية الاحداث شهد قبل فترة حدوث اعمال عنف من قبل بعض الاحداث ضد مشرفين اذ قاموا بضرب المشرف الاول بطابة البيلياردو على راسه وانفردوا بمشرف اخر واعتدوا عليه ثم قاموا بالهروب من المركز.
واضاف: تعاملت الوزارة حينها مع الحادثة من خلال تبليغ المركز الامني المختص عن الواقعة وشكلت لجنة تحقيق خاصة وان القانون نص على عقوبات لهروب الاحداث من المراكز.
واعتبر الرطروط ان واقعة العنف التي شهدها المركز كانت الاولى من نوعها حيال المشرفين في الوقت الذي كانت فيه المراكز تشهد اعمال شغب والحاق الضرر بممتلكات المراكز فقط.
ويستقبل مركز اربد لرعاية الاحداث تبعا للرطروط احداثا محكومين بقضايا ليست كقضايا الاحداث المتعارف عليها كالسرقة والمشاجرات المؤدية لاصابات انما قضايا اخطر من ذلك في الوقت الذي بين فيه ان مراكز الاحداث مفتوحة وليست مغلقة ما يسهم بخروج الاحداث منها وتكرار قضية هروبهم.
فكيف يمكن للوزارة ان تتعامل مع الاحداث الخطرين في مركز اربد وتحد من تكرار هروبهم بالوقت الذي تصر به ان تبقي مراكز الاحداث مفتوحة وليست مغلقة تماشيا مع مبادئ حقوق الانسان ؟
ام ان هذا المركز تحديدا يحتاج لرقابة مكثفة واعادة تقييم من جديد لالية تعامل المشرفين مع الاحداث والنظر بجدية اكبر لما يحدث داخل المركز من هروب الاحداث او اقدامهم على افعال عنف تعرضهم ايضا لعقوبات اخرى علاوة على عقوباتهم التي اوصلتهم لهذه المراكز ؟؟
وزارة التنمية الاجتماعية تطبق العقوبات البديلة لكن هذا الامر لا ينطبق على جميع الاحداث المحكومين بقضايا خطرة كالمخدرات والشروع بالقتل وقضايا الارهاب.
وتبعا للرطروط فان هؤلاء الاحداث يتم التعامل معهم بطريقة مختلفة لا تتساوى مع الاحداث الاخرين الموقوفين على قضايا بسيطة كالمشاجرات والسرقة في حين ان المراكز جميعها ليست مجرد مأوى للاحداث انما تعمل على تعديل سلوكياتهم وتاهيلهم من جديد مشيرا الى ان الاحداث يسمح لهم بزيارة اسرهم وقضاء مناسبات معينة معهم كالاعياد والعطل الرسمية على ان يعود الحدث بعدها الى المركز لحين انتهاء فترة محكوميته او ايقافه ولكن ما يحدث احيانا ان بعض الاحداث تكون سلوكياتهم خطرة ويقومون باثارة الشغب او التسبب بالعنف حيال القائمين على رعايتهم وهذا يعود الى البيئة الاسرية التي نشأ الحدث بها واعتياده على القيام بسلوكيات مخالفة للقانون.
وفي الوقت الذي تعاملت به وزارة التنمية الاجتماعية مع قضايا مختلفة نوعا ما للاحداث كالمخدرات والارهاب فان الوزارة كانت قد اعلنت أخيراً انها ستقوم بفصل هؤلاء وخاصة المحكومين بقضايا الارهاب بمركز منفصل عن الاخرين نظرا لحساسية قضاياهم وحاجتهم لاشراف وتاهيل من نوع خاص تفاديا لقضايا اكثر خطورة وانتقال العدوى الاجرامية والفكر الظلامي للاخرين لكن الوزارة لم تعلن عن نقلهم الى المركز المخصص لهم بعد ما يسهم في تكرار الشغب والهروب الذي لا تعلن الوزارة عقب حدوثه وتشكيل لجان تحقيق بشانه عن نتائج التحقيق وبيان اسباب هروبهم المتكرر.
فان كانت الوزارة تتعامل في كل مرة مع هروب احداث او اقدامهم على العنف والشغب داخل المراكز بتشكيل لجان تحقيق مع بقاء هذه الظاهرة تتكرر فان السؤال الذي يبقى مطروحا اين الخلل هل هو بالمراكز والية الاشراف عليها ام بالمشرفين وعدم قدرتهم على ضبط الاحداث والتعامل معهم كما يجب لمنع هروبهم ام في منهجية تعامل الوزارة مع ملف الاحداث بشكل عام وقدرتها على مواجهة تغير قضاياهم واخذها جانباً ومنحنى اكثر خطورة مما كان اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان الاحداث هم ممن اخترقوا القانون بشكل او بآخر ويعانون من مشاكل اسرية ورقابية من قبل اسرهم اوصلتهم لهذه المراكز لتتوقف الوزارة عن توجيه اللوم الدائم على خلفيتهم الاسرية والاجتماعية وحاجتهم للتاهيل والرعاية فهم بنهاية الامر ليسوا كالآخرين من اقرانهم وهي حقيقة لا تتطلب الوقوف خلفها لتبرير خلل ما يحدث في هذه المراكز .