حكومة الرزاز...إلى أين؟
تواجه حكومة الدكتور عمر الرزاز تحديات عديدة وملفات معقدة وجاء تشكيلها في ظروف استثنائية صعبة كان الشارع فيها مستنفرا ومستفزاً بسبب قانون ضريبة الدخل المشؤوم، الذي واجهته القوى الشعبية والنقابية بقوة، واستطاعت ان تسقط حكومة الملقي الذي ثبت فيما بعد ان وزراء الفريق الاقتصادي لا علم لهم ولا دراية به كما جاء على لسان احدهم واصفاً نفسه بأنه حارس مرمى. والمجتمع الاردني والطبقة السياسية بطبيعة الحال تُحب "الدراما والاكشن" واظهار تقصير فلان وعلان حتى أصبح المجتمع السياسي خصوصا في ظل تفاعل مواقع التواصل الاجتماعي يُحاكم المسؤول قبل ان يرى "خيره من شره"، طبعا حكومة الدكتور عمر الرزاز نالها ما نالها من الانتقادات تعلقت بالفريق الوزاري وخبرة البعض منهم، والحمولة الزائدة، لكن اجمعت الاغلبية على قدرات الرجل وموضوعيته وشفافيته وجماهيريته وتواضعه، حتى وصفه الملك بأنه يفكرُ بعمق ولا يتسرع ويتخذ القرار بعد أن ينضج، ومن هنا أثار الشارع قضية خلافات المستشار الاقتصادي في الديوان الملكي مع الحكومة حول التسريع في تقديم مشروع قانون ضريبة الدخل لمجلس النواب. بطبيعة الحال هذ القصة بغض النظر عن حقيقتها أثارت شهية أصحاب الصالونات السياسية ليستهدفوا الرئيس ومحاولة التأثير على عزيمته، وبدأت التسريبات الإعلامية من خلال بعض وسائل الاعلام انه يفكر بالاستقالة، وتم الربط بين تدخلات المستشار الاقتصادي في موضوع قانون الضريبة والاستعجال فيه بعكس رغبة الرزاز الذي لا يريد تقديم القانون قبل انضاجه. احد السياسين وصف الرزاز بأنه لايخذل وطنه ولايخذل مليكه، وقد يطاح به وهذه إشارة الى اصحاب الصالونات السياسية ولكنه لا يهرب من المواجهه فالرجل قادر على تحقيق الاصلاحات المطلوبة وهو يحظى بالدعم الملكي والولاية الكاملة من خلال التناغم مع كل اجهزة الدولة بما فيها دائرة المخابرات العامة، إذن الحالة ليست صراعية بل توافقية وتسير بتمهل دون تسرع خشية الوقوع بالاخطاء. ان حكومة الرزاز أمام امتحان صعب بسبب تفجر بعض القضايا بوجهها ، ولكن ما اتخذ من اجراءات يعتبر جيداً لوضع نهايات لتلك الازمات وأولها قضية الدخان والمتورطين من المتنفذين فيها، إذ من المتوقع ان ينتهي التحقيق في أقل من شهر وسيتم توجيه التهم ضد المتورطين. أيضا امامه تحدٍ يتمثل بقانون ضريبة دخل جديد يختلف عن السابق ويحافظ على مستوى الاعفاءات للافراد، ويحقق العدالة الاجتماعية وبنفس الوقت يحد من التهرب الضريبي، إذ من غير المتوقع ضبط الشارع إذا تم تقديم القانون دون تغييرات جوهرية على مضمونه، ويتطلع المواطن الى تفسير منطقي ومعقول لفرق سعر المحروقات المضاف على فاتورة الكهرباء خصوصا وان النفط لا يستخدم في توليد الطاقة بل الغاز المسال . الرئيس لم تنتهِ صلاحيته ولم يبدأ بعد بالشكل الذي يجعلنا نحكم على الانجاز ولكن الرسالة موجهه الى اصحاب الصالونات السياسية الذين اعتادوا تدوير المناصب وانتظارها لمزيدٍ من التكسب والنفعية وان معظم الاخطاء والمحسوبيات التي يئن المجتمع والدولة من تداعياتها هي من انتاجهم.
ثقة الشارع بالرئيس شخصيا تُزيد من مسؤولياته الادبية تجاه الشعب وتضعه اما تحدٍ صعب نتمنى له التوفيق وان يعمل على تعزيز فريقه الوزاري بكفاءات هو يختارها وان يتخلص من الحمولة الزائدة، وان يعزز الحريات العامة ويحافظ على مستوى معيشي يحفظ للناس كرامتهم وان تكون عينه على العسكر لدعمهم وتحسين احوالهم المعيشية.