التوجيه الملكي ينهي التردد الحكومي والنيابي بـ (حتمية العفو العام)


أنباء الوطن -
منذ أكثر من أشهر والحكومة تتحدث عن عفو عام، لكن بعموميات، لا بتفاصيل ولا مواعيد، رغم المطالبات الشعبية بهذا العفو في ظل تردي اوضاعهم الاقتصادية، ليكون هذا العفو متنفسا للمواطنين للتخلص من بعض الالتزامات المترتبة عليهم.
ولم يقتصر الحديث عن قانون العفو العام على الحكومة فقط ، إنما ايضا أعضاء في مجلس النواب، إلا أن حديثهم لم يتجاوز تفاصيل التي تحدثت به الحكومة، اي انه بقي في إطار العموميات، لا التفاصيل ولا المواعيد المحددة سواء من حيث الزمن او القضايا التي سيشملها العفو.
فالتسريبات حول التوجيهات الحكومية بخصوص هذا القانون كانت تختلف يوما عن اليوم الذي يليه، فهنالك من كان يقول انها ستكون بعد إقرار قانون الضريبة واخرى في نهاية العام وأخرى بعد إقرار قانون الموازنة وغيرها الكثير.
إلا أن هذا الحديث عن العفو العام، والذي مل المواطن انتظاره، حسمه جلالة الملك عبدالله الثاني، عندما اصدر توجيهه الملكي للحكومة بإصدار هذا العفو ، وتحديد الضوابط التي يجب على الحكومة مراعاتها عند التنسيب بقانون العفو العام.
وبحسب الدستور الاردني، فإن العفو العام إما ان يكون بمبادرة من الحكومة، بحيث تعد قانونا للعفو العام، يشمل كل تفاصيله ويمر في مراحله الدستورية، أو يكون مبادرة من النواب ( عشرة نواب على الاقل) يطالبون بهذا القانون، وتقوم الحكومة بتبنيه وإصداره وفقا للمراحل الدستورية من حيث تقديمه الى مجلس النواب ثم الى مجلس الاعيان وبعد الموافقة عليه يرفع الى صدور الارادة الملكية السامية عليه ونشره بالجريدة الرسمية.
ورغم هذا الحق الدستوري للحكومة وللنواب، إلا أن الاثنين، لم يدركا حجم التحديات الاقتصادية التي اثقلت كاهل المواطن، وبات العفو العام أحد المطالب الشعبية، لتحفيز الحكومة او مجلس النواب للاقدام على هذه الخطوة، إلا أن ايا منهما لم يتجرأ على ذلك، والاكتفاء بتصريحات تطمينية بأن هنالك عفوا عاما، الى حد ان المواطن بات يشك بأن ما تقوم به الحكومة و مجلس النواب مجرد «ابر تسكينية» لاخفاء وعدم سماع أنين المواطنين.
لكن التردد الحكومي والنيابي، حسم امس الاول بتوجيه الملك الحكومة لإصدار قانون عفو عام مرفقا بمبررات إصدار مثل هذا القانون والضوابط التي يجب ان يشتمل عليه.
إنتظار المواطن لاكثر من شهرين لصدور هذا القانون، وعجز الحكومة والنواب لتوفير اجابات كافية للمواطنين؛ جعل الغالبية يظنون انه لن يكون هنالك «عفو عام»، وانه سيبقى شعارا وجسرا تمرر الحكومة قراراتها الاقتصادية من خلاله إلا ان الحسم الملكي اراح الناس وجسد مدى قرب الملك من هم المواطن والمه.كما جسد التوجيه الملكي، بأن توفير الحياة الكريمة للمواطنين هي الاولوية الاولى لدى جلالته وان رفعة الوطن والمواطن ثابت من الثوابت التي يحرص جلالته على ان تكون المستهدف الاول والاخير في السياسات الحكومية سواء الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية.
التوجيه الملكي للحكومة بإصدار قانون العفو العام، الذي جاء بعد عودة جلالة الملك من زيارة عمل الى بروكسل، يعزز ويؤكد مدى قرب الملك من ابناء شعبه، رغم إنشغالاته ، التي تسعى دوما الى رفعة الوطن والمواطن وتقديم الاردن كنموذج يحتذى في وسط محيط ملتهب.
التوجيه الملكي للحكومة، يحمل في ثناياه رسالة مدى التلاحم والتكامل اللذين يجب ان يكونا بين مؤسسات الدولة سواء التشريعية او التنفيذية والمواطن، الذي هو المستهدف الاول والاخير في عمليات التنمية، بما يعزز المواطنة الصالحة لدى الجميع، خصوصا وان العفو العام ضمن إطاره وضوابطه سيشمل الجميع وغير مقتصر على فئة دون أخرى، إلا أن الطبقة الفقيرة والوسطى ستكونان الاكثر تأثرا واستفادة منه.
التوجيهات الحكومية فرضت على الحكومة ومجلس النواب حتمية العمل للاستجابة لمطالب شعبية، وبدات التصريحات الحكومية والنيابية تأخذ منحى الجدية، وكذلك السرعة في الانجاز، لتعلن الحكومة في ذات يوم التوجيه الملكي بأنها ستبدا فورا بالاجراءات الدستورية لإقرار قانون العفو العام ولاقتها ايضا تصريحات جدية من مجلس النواب بأن قانون العفو العام سيمنح صفة الاستعجال.
والمبررات التي تضمنها التوجيه الملكي وكذلك الضوابط التي ضمنها الملك ، تتطلب من الحكومة والنواب والاعيان عدم إفراغ القانون من مضمونه من حيث التخفيف من الاعباء التي تثقل كاهل المواطنين واعطاء المخطئين فرصة لتصويب مسارهم وسلوكهم وترسيخ مفهوم التسامح والعفو عند المقدرة وتنمية روح الانتماء للوطن وتعزيز مفهوم الامن المجتمعي، مع مراعاة احترام سيادة القانون وعدم الاضرار بالامن الوطني والمجتمعي وحقوق المواطنين ومراعاة الحقوق الشخصية والمدنية للمتضررين ضمن مبدا سيادة القانون والعدالة.
ولكن السؤال، لولا تدخل الملك، متى كان على الحكومة والنواب البت في حتمية «العفو العام» من «عدمه»؟.