الرفع غیر المبرر من البنوك لأسعار الفائدة على القروض


أنباء الوطن -
زياد الرفاتي 
 
 تطالعنا وسائل الاعلام بین فترة وأخرى بتقاریر تشیر فیھا إلى شكاوى وتذمرات من عملاء البنوك الحاصلین على قروض منھا ولا سیما قطاع الأفراد بارتفاع كلفة الاقتراض وزیادة الاقتطاعات من رواتبھم المحولة إلیھا نتیجة لرفعھا سعر الفائدة على القروض الممنوحة لھم وما یسبب ذلك من أعباء مالیة إضافیة تستنزف جزءاً من دخلھم، وعندما یقومون بالاستفسار عن سبب الرفع یتم ..إجابتھم من قبل المعنیین قي البنوك بأن ذلك ناتج عن قیام البنك المركزي برفع سعر الفائدة : وفي ھذا السیاق، أود أن أوضح بعض الحقائق والمعطیات حول ھذا الموضوع یستخدم البنك المركزي الأردني كغیره من البنوك المركزیة الأخرى أدوات وأسالیب كمیة للسیاسة النقدیة التي یمكن التأثیر من خلالھا 
 
-1 على كمیة النقود المتداولة وحجم الائتمان المصرفي، مثل سیاسة الاحتیاطي النقدي الإلزامي، سیاسة السوق المفتوحة، وسیاسة سعر إعادة .الخصم وما یھمنا في ھذا الصدد ھو سیاسة سعر إعادة الخصم، وھو سعر الفائدة الذي یتقاضاه البنك المركزي مقابل إعادة خصم الأوراق التجاریة .(المخصومة لدیھ) وأدوات الخزینة الموجودة لدى البنوك التجاریة لزیادة نسبة السیولة لدیھا ویستخدم البنك المركزي سیاسة سعر إعادة الخصم كوسیلة من وسائل الرقابة غیر المباشرة، وعن طریق ھذا الأسلوب یستطیع التحكم في .كمیة النقود المتداولة .
ویلجأ البنك المركزي إلى رفع سعر إعادة الخصم إذا أراد تخفیض نسبة المعروض النقدي والعكس صحیح ففي حالات التضخم، یقوم البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم، الأمر الذي یجعل تكلفة الاقتراض منھ مرتفعة، فتقوم البنوك برفع سعر الخصم فیقل الطلب على السیولة المرتبطة بخصم الأوراق التجاریة، ویفضل العملاء في ھذه الحالة الاحتفاظ بأوراقھم التجاریة وأوراق الخزینة لدیھم لارتفاع تكلفة الخصم فیقل الطلب على الائتمان المصرفي ویقل النقد المتداول وكذلك الطلب على السلع والخدمات، إلى أن .تزول مظاھر التضخم السلبیة وفي حالات الانكماش، یلجأ إلى خفض سعر إعادة الخصم فتزداد قدرة البنوك على التوسع في الائتمان ویزداد حجم النقد المتداول، ویزداد . 
الطلب على السلع والخدمات بشكل مستمر یقوم البنك المركزي بین فترة وأخرى بتعدیل سعر إعادة الخصم إما بالزیادة أو بالتخفیض للمحافظة على تنافسیة الأدوات المالیة 
 
-2 .الادخاریة بالدینار الأردني في ضوء تطورات أسعار الفائدة في الأسواق الدولیة وبعد الأخذ بعین الاعتبار الأداء الاقتصادي في المملكة  .
وقد رفع البنك المركزي ھذا السعر عدة مرات في عامي 2017 و2018 وعلى ضوء قیامھ بالرفع، تقوم البنوك بشكل تلقائي برفع سعر الفائدة على القروض الممنوحة للعملاء، وتقوم بھذا الإجراء في كل مرة یتم فیھا الرفع من البنك المركزي، ویشمل ذلك رفعھا لسعر الفائدة على القروض القائمة الممنوحة منذ فترات زمنیة سابقة قبل قرار الرفع، والقروض الجدیدة الممنوحة بعد تاریخ القرار، متذرعة بإجراء البنك المركزي بالرفع وھو غیر مبرر من النواحي المصرفیة للأسباب : التالیة
 
 أ- تقوم البنوك بشمول القروض القائمة الممنوحة قبل القرار بالرفع، بینما ھذه القروض یكون البنك قد مولھا من أموال أخرى بتكلفة مختلفة لا علاقة لھا بأموال إعادة الخصم الجدیدة التي قد تحصل علیھا البنوك بعد تاریخ قرار البنك المركزي برفع سعر إعادة الخصم، فھل الأرصدة القائمة للمحفظة الائتمانیة ولا سیما قروض الأفراد مولتھا البنوك جمیعھا من عملیات إعادة الخصم وبھذا الحجم الكبیر، وبالطبع .الإجابة لا، ولا یمكن أن یتم ذلك من الناحیة العملیة ویعود ذلك إلى تفسیر البنوك لتعلیمات وأوامر البنك المركزي لصالحھا، وھذا غیر مبرر ولا یخضع لمبدأ العدالة والشفافیة بالتعامل مع .العملاء الذي یحرص البنك المركزي علیھا، ویؤكد على البنوك بتطبیقھا بالشكل السلیم
 ب- إن البنوك تقوم بالرفع بمجرد إصدار البنك المركزي قرار رفع سعر إعادة الخصم وھو یخص البنوك التي ترغب بالاقتراض منھ على شكل إعادة الخصم، بینما تقوم البنوك بالرفع مباشرة حتى ولو لم تقم بالاقتراض من البنك المركزي حیث أن الاقتراض لیس إلزامیاً وھو .خیار ویعود حسب وضع السیولة لدى كل بنك وحاجتھ لھا في تقدیم التمویل إلى العملاء 
 
ج- إن أسعار الفائدة على القروض التي تمنح من البنوك معومة ولا یتدخل البنك المركزي في تحدیدھا، وھي خاضعة للسیاسة الائتمانیة .لكل بنك
 
 د- إن البنوك تحتفظ بمعدلات سیولة مریحة تفوق نسبة السیولة القانونیة (الموجودات السائلة مقسومة على المطلوبات السائلة) والمحددة من البنك المركزي بأن لا تقل عن 100 ، %أي أن الموجودات السائلة یجب أن تعادل المطلوبات السائلة أو تزید عنھا، وھذا یجنبھا بشكل عام اللجوء إلى الاقتراض من البنك المركزي على شكل إعادة الخصم، وقرار الاقتراض من عدمھ یتحكم بھ عامل القدرة على توفیر السیولة لدیھا من مصادر أخرى كودائع العملاء مثلاً التي تعتبر مصرفیاً مصدر الأموال الأساسي للبنوك في الاقراض ولیس أموال اعادة الخصم التي ھي بمثابة مصدر مؤقت ولا تتصف بالدیمومة، ویفترض أن یكون لھا القدرة على امتصاص وتحمل أي رفع غیر مؤثر على سعر .إعادة الخصم وعدم تحمیلھ على العملاء ولا سیما الأفراد فالبنوك أحیاناً علیھا أن تراعي ظروف العملاء نظراً لإمكانیاتھا وقدراتھا ولاعتبارات اقتصادیة واجتماعیة وإنسانیة أخرى ولا سیما قطاع الأفراد، حتى وإن كانت شروط الاتفاقیات مع المقترضین تجیز لھا تعدیل سعر الفائدة حیث أن الاستناد الى ذلك في الرفع لا یكفي، .
ویفترض أن یخضع ذلك لضوابط ومحددات وما یعزز قدرة البنوك على توفیر السیولة دون الحاجة الى أموال اعادة الخصم ھو خلو میزانیات معظمھا في جانب المطلوبات منھا من بند أموال مقترضة من البنك المركزي، وإن وجدت في بعض الأحیان تكون مدة استحقاق سدادھا قصیرة الأجل، وتسدد في وقت أسرع ویسبق بكثیر تاریخ استحقاق سداد قروض العملاء التي تمتد كما أسلفنا إلى ثماني سنوات كحد أقصى وتم رفعھا مؤخراً إلى عشر سنوات، ویستمر .البنك في استیفاء الفائدة المرتفعة علیھا طوال سنوات القرض بینما یكون ھو قد سدد الأموال المقترضة من البنك المركزي في وقت أسبق 
 
و- إن رفع سعر الفائدة وما ینتج عنھ من التھام جزء إضافي من الدخل، لھ تبعات سلبیة على النمو الاقتصادي، وتراجع الإنفاق، وخفض الطلب على السلع والخدمات، واتساع دائرة الفقر، وعدم القدرة على مواجھة الالتزامات والاحتیاجات الحیاتیة الملحة، وإحجام المتعاملین عن اللجوء إلى البنوك للاقتراض لتدبیر شؤونھم، وإمكانیة الحصول على تمویل یبقى تحدیاً كبیراً أمام الأسر الأقل دخلاً حسب ما جاء في .
 
دراسة البنك الدولي حول الاقتصاد الأردني، ویصبح عامل سعر الفائدة طارداً بدلاً من أن یكون جاذباً وفي الختام لا بد من التأكید على دور البنك المركزي المھم في ھذا المجال ممثلة بدائرة حمایة المستھلك، وكذلك دور جمعیة البنوك والجمعیات المھنیة الأخرى المختصة بالتوعیة بالخدمات المالیة والمصرفیة، ودوائر الامتثال في البنوك التي من أحد مھامھا التأكد من امتثال البنك بتعلیمات وأنظمة وأوامر البنك المركزي وحسن تطبیقھا بالشكل الأمثل، تجاه ھذا الموضوع وإیجاد التكامل بینھم في ذلك لما .فیھ تحقیق المصلحة العامة والمشتركة