العمرو يكتب: بائعة الخبيزة وصَلف الحكومة
بقلم الدكتور قاسم العمرو
كنت ساتجاوز الحديث عن بائعة الخبيزة لولا قرار الحكومة بتعيين أشقاء النواب وقبلهم محاسيب الرئيس بصورة تنتهك كل معايير الشفافية والمساواة، رغم إدراكي التام ان العدالة في السماء ولكن يجب أن تكون في حدودها الدنيا في هذه الحياة الفانية، حتى لا يصبح الوطن، فريسة لاطماع المتنفذين أصحاب السطوة والجاه، كنتُ قبل عدة ايام في شارع عبدالله غوشه ولفت انتباهي فتاة تجلس تبيع الخبيزة على قارعة الطريق، بطبيعة الحال العمل عبادة وليس عيبا الا العيب والعيب معروف بكل اشكالة (ومن أمثلته سرقة احلام الناس بالعدالة) لكن بعض هذه المظاهر والمناظر التي نشاهدها في شوارعنا تؤكد حقيقة واحدة هي غياب العدالة الاجتماعية وعدم تحققها في حدودها الدنيا. لا أدري ان كانت الفتاة تتردد دائما على هذا المكان لتبيع بضاعتها، ولكن المؤلم حجم الألم والحزن والفاقة التي تراها في عينيها الغائرتين ووجهها الذي صبغته شمس الغور الحارقة فهي تأتي من "دير علا" بحقيبة فيها عددا لا يتجاز العشرين ضمة خبيزة، وفي أحسن الاحوال ما تحتويه الحقيبة لن يعود عليها بما يعادل ثمن وجبة ماكدونلدز من المطعم الشهير القريب من مكان تواجدها، ولا اعتقد انها فكرت للحظة ان تتناول وجبة فيه لانها تريد العودة الى البيت ومعها بضعة دنانير ربما لتوفيرهم لسداد فاتورة كهرباء يهددهم الجابي كل يوم بقطع التيار عن منزلهم. المفارقة هي المكان الخبيزة من دير علا والسوق شارع عبدالله غوشه والمستهلك ربما يشتري من باب التعاطف معها، اذا كان له حاجه بالمشي على الاقدام ليصدف هذه الفتاة فسكان المنطقة محاطون بمطاعم راقية، ولا حاجة لهم ببضاعة الفتاة وليس لديهم الوقت لطهي الخبيزة باعتبار هذا الجيل لا يستيغ طعمها وقد تعّود على الوجبات السريعة. أعود للحكومة وقراراتها وغياب العدالة والشفافية وتغييب الحقائق عن الناس وركضها وراء البنك الدولي لتأمين قرض لسداد اقساط قرض سابق وكل ما تمارسه يتنافى مع مهمتها فكل يوم نطالع تعيينات ومحاصصات وكأن الوطن مزرعة حكرا على (س، ص) ولن أشكرها على عملها اليومي الروتيني الذي لا يحتاج الى إبداع، فعندما يكون هم الحكومة وبعض النوب المتنفذين كيف يحققون مكاسب على حساب الوطن فهذه مصيبة المصائب، لان ما يمارسه هؤلاء مكشوف واليوم نعيش في عالم مفتوح لا أسرار فيه وفيه من المتناقضات ما يجعل اللاهثين وراء مصالحهم يكشفون الاعيب بعضهم بعضا فلولا التنافس الغير قانوني لما كشفت اكبر قضية تهريب دخان عمرها 15 عام تحملت الخزينة والوطن مليارات الدولارات جراءها. وهنا اطالب النخب المثقفة والاعلاميين والطبقة الوسطى في المجتمع للوقوف بوجه تغول فئة احتكرت كل شيء لخدمة مصالحها على حساب العامة،لانهم يضعون البلد كل يوم في مأزق ويسببون الاحراج للقيادة السياسة وقد شاهدنا جلالة الملك يوحه هذه الحكومة لتحقيق العدالة...وهنا استحضر قول الشاعر. لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نار نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد