الزبيدي يكتب: الاحصاءات تنفي علمها بأرقام الفقر التي أعلنها رئيس الوزراء


أنباء الوطن -

كتب خالد الزبيدي - 
رقم الفقر في الاردن الذي افصح عنه رئيس الوزراء د. عمر الرزاز البالغ 15.7% في مؤتمر صحفي عقده الاسبوع الماضي في رئاسة الوزراء أثار حفيظة مراقبين وخبراء ومحللين إقتصاديين، فالرقم لم يرفق بنتائج مسح الفقر المنتظر منذ تسع سنوات والعينة المعتمدة، كما لم يراع إرتفاع نسبة البطالة المعلنة قبل اشهر من قبل دائرة الاحصاءات العامة البالغة 18.7% وهي الاعلى منذ اكثر من 15 سنة، اي إستمرار معاناة قرابة 340 الف متعطل عن العمل جلهم من الشباب، وزيادة اعداد الاردنيين الذين يحصلون على بدل إعانة متكررة من قبل صندوق المعونة الوطنية المقدر عددهم بأكثر من 300 الف مواطن.
والأنكى من ذلك، أن دائرة الاحصاءات العامة وهي الجهة المسؤولة والمنفذة لعملية مسح الفقر تنفي علمها بأرقام الفقر التي أعلنها رئيس الوزراء! فيما تشير الأرقام القديمة إلى أن خطّ الفقر المطلق قبل تسع سنوات كان عند 814 دينارا، وخطّ الفقر الغذائي عند 336 دينارا، وغير الغذائي عند 478 دينارا، فيما لم تُساير الأجور الغلاء الذي شهدته البلاد منذ عام 2010 إلى اليوم!
وخلال السنوات التسع الماضية التي شهد الاردن تغيرات إقتصادية ومالية جوهرية في مقدمتها الازمة المالية العالمية وإنعكاساتها على الاقتصاد الاردني، وتداعيات ما سمي بـ "الربيع العربي" والزلزال الذي ضرب عددا من عواصم القرار العربي خصوصا دمشق وبغداد وتغول الكيان الصهيوني على الفلسطينيين، هذه التداعيات مجتمعة ادت الى تباطؤ الاقتصاد الاردني الذي تعمق لاحقا حتى بلغ القاع.
وزاد الوطأة على الاقتصاد والمجتمع الاردني تشدد السياسات المالية والنقدية للحكومات الثلاث الاخيرة ووصل التأثير سلبيا على مستويات المعيشية وغرقت القطاعات الاقتصادية في اتون إرتفاع الكلف والنفقات الإدارية والعمومية وإنخفاض مستمر في تراجع أداء الاقتصاد على المستوى الكلي، هذه السياسات تمادت كثيرا على المستثمرين والمستهلكين بحجج الاصلاح المالي الذي جاء إستجابة لشروط صندوق النقد الدولي الذي طالب برفع الاسعار وفرض الضرائب والغاء الدعم وصولا للخبز والسلع الغذائية الاساسية، والمبالغة في رفع اسعار سلع إرتكازية مؤثرة في مقدمتها الطاقة الكهربائية والمنتجات البترولية التي زادت الكلف اخلت بأليات العرض والطلب في الإقتصاد الاردني، الامر الذي ادى الى زيادة البطالة وإتسع نظاق الفقر الذي طال العاصمة وجميع المحافظات الاردنية، وتدني قدرة السواد الاعظم من الاردنيين على تلبية إحتياجاتهم الاساسية خصوصا الغذائية.
اعلان الرئيس الرزاز عن رقم الفقر يضعف مصداقية الحكومة الاقتصادية والاصلاح السياسي والإداري وخططها وقراراتها بشكل عام، بدءا من خطط توفير فرص عمل جديدة والشراكة مع القطاع الخاص، وإتفاقية الغاز مع العدو المشؤومة ومواصلة العمل في مشروع قناة البحرين (الاحمر/ الميت) كل ذلك في ظل عدو يهددنا يوما بعد آخر، ويستبيح المقدسات ويهدد إستقرار الاردن بشكل مستمر.
ان اي حديث عن تخفيف الفقر وتوفير فرص عمل جديدة لمعالجة البطالة بمعزل عن تخفيض تكاليف المعيشة من ضرائب ورسوم وعدم المبالغة في اسعار الخدمات والسلع اهمها الارتكازية من الاغذية والطاقة والمحروقات ونقل الركاب العام، والتأثير على القطاع المصرفي لخفض الهامش المصرفي (الفارق بين الفائدة المدينة والدائنة) للمساهمة لن تحرز اي تقدم حقيقي في معالجة الفقر والبطالة وتنشيط الاقتصاد الاردني، وإن مواصلة النهج الذي انتهجته ثلاث حكومات متعاقبة لن يشجع الطلب وتحفيز الاستثمارات المحلية ويحد من قدرة الاقتصاد على إستقطاب إستثمارات عربية واجنبية، وستبقى الحكومة والمجتمع الاردني يدور في حلقة مفرغة، وتستمر الحكومات الواحدة تلوم سابقتها ويقينا لن تكون افضل من غيرها وربما تكون اكثر سوءا بالنتيجة، وهذا ما نعيشه بمرارة منذ سنوات والبقية أصعب واكثر إيلاما وقسوة.