«العُقولُ الأردنيّةِ ؛ نفطُ المُستقبلِ»


أنباء الوطن -

بقلم / أ.د. صلحي الشحاتيت

تعتمد الدّول هذه الأيام على عقول أبنائها وقدراتهم، فقد مضى عهد الإعتماد على كنوز الدول من المواد الخام، فنحن الآن في عصر المعرفة، وفي سباق مع التكنولوجيا، و الدول التي تمتلك المعرفة تمتلك سلماً إلى الإرتقاء والتقدم. 
جلالة الملك عبد الله الثاني أدرك هذا بذكائه مبكراً، فأدخل الأردن إلى عصرالتكنولوجيا عصر العقول الذكية، التي هي أغلى من الذهب.
فقد دعا من خلال أوراقه النقاشية إلى التنمية البشرية المتسلحه بالعلم والتي هي أساس نهضة الأردن. 
وواصل وليّ العهد الحسين بن عبدالله، السير على خطى جلالته، داعماً عقول شبابنا المتميزة.
وقد تشرفتُ الأسبوع الماضي بحضور حفل إطلاق جائزة ولي العهد لأفضل تطبيق خدمات حكومية، تحت رعاية ولي العهد، بالتعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
حيث تستهدف هذه الجائزة أكثر من 300 ألف طالب، لتحفيزهم وتشجيعهم على ابتكار حلول إبداعية في مجال تطبيقات الهواتف الذكيّة والأجهزة المحمولة؛ لتطوير خدمات حكومية تكون سهلة ومبسطة، تهدف إلى تعزيز العلاقة بين طلبة الجامعات والجهات الحكوميّة في المملكة، من خلال إشراك الطلبة في تصميم الخدمات الحكومية وتوفير حلول لتسهيل الخدمات على المشتركين، وسيكون بمقدورهم التقدم لفئات الجائزة بقطاعاتها الستة التي تشمل: الصحة، والتعليم، والسياحة، وبيئة الأعمال، والنقل، والمياة. وتم إطلاق هذه الجائزة بمشاركة ممثلين من أكثر من 500 جهة حكوميّة وخاصة، بالإضافة إلى 32 جامعة أردنيّة حكوميّة وخاصة، وخبراء في قطاع الخدمات، وتبلغ قيمة هذه الجائزة 100 ألف دينار، تندرج ضمن الخطط التنفيذيّة للشراكة الاستراتيجية بين الأردن ودولة الإمارات العربيّة المتحدة في مجال تحديث العمل الحكومي. 
تعتبر هذه الجائزة الأولى من نوعها في الأردن، ولا بدّ أنها خطوة جادّة ورائدة لتطوير القطاع العام، والمُلفت للنظر هو استخدام عقول الشباب كأداة لهذا التطوير ورفع كفاءته، من خلال تعزيز مشاركتهم في صنع القرار وتهيئة البيئة الملائمة للاستفادة من قدراتهم وابداعاتهم.
لا شكّ أنّ هذه الجائزة جاءت تنفيذاً للرؤية الملكيّة لتمكين الشباب وبث روح الإبداع في الإدارة الحكومية، وإشراكهم في عملية تطوير وتصميم الخدمات الحكوميّة.
جميعنا يعلم أنّنا نسير نحو مستقبل يكتنفةُ الغموض، فالعالم يمر حاليا بمتغيرات اقتصادية وسياسية واجتماعيّة كثيرة، وأصبح لزاماً علينا الإلتفات إلى تطبيق مناهج مبتكرة للإستشراف المستقبلي، لأكثر القطاعات ارتباطاً بحياة الإنسان، من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، الذي تكمن أهميته في قطاعات الدولة كافة؛ فهو يغذي الذكاء البشري بصورة متواصلة، ولا شك أن هذا ما تقوم علية الجائزة التي أطلقها الأمير الحسين. فالفخر الحقيقي هو ما تنتجه العقول وتبنيه الأيدي، فينعكس على تنمية الإبداع والإبتكار لدى أفراد المجتمع ككل، في حين أن سحب كميات هائلة من مكامن النفط ونقلها إلى المستهلكين بمجهود تقليدي، يمثل حالة من حالات الاستنزاف والهدر.
وما يجعل في القلب غصة، أنه عندما نسمع عن علماء مبدعين عرب، حققوا انجازات علمية على مستوى العالم، ويحظون بفرص في كل العالم إلا في وطنهم. مما يجعل ظاهرة العقول المهاجرة من الوطن العربي تتزايد، ليس لأنهم لا يحبون اوطانهم ، بل لأن صانعي القرار يتجاهلون ابداعاتهم وأفكارهم؛ مما يدفع بهم إلى البحث عن مساحات أوسع لنشر إبداعاتهم. في حين تستقبل الدول الاجنبية المبدعين وتستثمر عقولهم بعيداً عن التحيز في الجنس أو العرق أو الدين.
وطننا الأردن الحبيب بحاجة الآن إلى عقول أبنائه من الشباب وحتى المهاجرين منه، أكثر من أي وقتٍ مضى، فهؤلاء هم نفط الأردن الحقيقي، الذين سيقودون عجلة التقدم والارتقاء.
* رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا

pp.jpg