مجموعة سناء الشعلان القصصية: أكاذيب النساء: نزع للأقنعة وتعرية لوجوه الحياة


أنباء الوطن -

بقلم: نزار حسين راشد

بساطة اللغة ورشاقتها وغناها، تضفي جدّة وجاذبية،على موضوع النفاق الإجتماعي القديم الجديد،مختصرات تلخص ببراعة ثيمات متكاملة في تناولها لموضوع النفاق داخل الوسط الأدبي أو الوسط الثقافي،الذي تشير إليه بكلمة مجردة من الإضافات: الوسط.
أما الثيمة الأخرى الأم: المعاناة النسوية ليس في مجرد مجتمع ذكوري،ولكن في مجتمع فشل في تطوير ليس فقط قوانينه ولكن في تطوير منظومته القيمية أيضاً وتشريعاته،فها هي تعرج برشاقة على موضوع تزويج المغتصب بحكاية قصيرة،بالنيابة عن عشرات المقالات والأبحاث التي عالجت الموضوع نفسه،فاختصرتها بعبارة واحدة” حصان ينط حيث يشتهي”، ليكافأ وينجو من العقاب،والضحية هي ذاتها: الأنثى!
وأنا أجدف بين السطور لم أستطع مقاومة إغراء وضع عنوان جديد للمجموعة: المهمشات،وحضرت في ذهني مجموعة طه حسين: المعذبون في الأرض،والتي اتهم بعدها بأنه ماركسي،لحضور الوعي الطبقي المكثف،في الحدث والشخصية!
ولكن حكايات سناء نجت من التنميط بإضاءة الجانب الإنساني للشخصية،فهناك في عالمنا الإنساني ومجتمعاتنا البشرية،يوجد دائماً ظالمٌ ومظلوم، قاتل ومقتول ،منذ قابيل الأول،وخلافاً لطه حسين،تضمن الشعلان رسالتها بأن الله لا يرضى بالظلم،كما لم يرض بجريمة قابيل،لأن الظلم من صنع الإنسان،إنه خيار أخلاقي،وهذه الرسالة هي أجمل ما في المجموعة وأشدها بلاغة وإفصاحاً، بعيداً عن الحتمية التاريخية،والإكراه الديني،وهو منطوق يتماهى مع الدين نفسه” بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره”
فحين تترك إرادة الله الحدث ليحدث فليس معنى ذلك أن الله راضٍ عنه،وأن المجرم سينجو بجريمته والآثم بإثمه ،ولكنه الخيار الإنساني الخاضع للحساب والمسائلة، والذي نحمل مسؤولية التصدي له وقهره،بثورة المفاهيم والتشريعات،وهذا ما تريد الكاتبة أن توصلنا إليه من خلال الحكاية،كما٠ اراد دوستويفسكي في عائلة كارامزوف حين أعلن على لسان إيفان كارامازوف: لو لم يكن الله موجوداً لكان كل شيء مباحاً،وهذا الأفق الإنساني الذي نجحت المجموعة في نقلنا إليه وأعارتنا عين الطائر وجناحه ببراعة القاصة،هو بالفعل ما أعطى المجموعة قيمتها الحقيقية!
وبفطنة القاصة تنقلنا سناء إلى الضفة الأخرى: معاناة الرجل،ومن خلال أكثر صورها كثافة وتأثيراً القضية الفلسطينية وعلى الجبهة الأمامية،أكثر الجبهات سخونة،وأشدها احتداماً، ومعاناة الرجل الوطني المضحي الذي تعرّض للخذلان والخيانة،فهذه مآلات الواقع بالفعل،ومع ذلك فروحه تملؤها الرضا والسكينة،إنها القيمة الدينية اللصيقة بالشخصية المخلصة المتفانية التي يعيش نموذجها بيننا ولسان حالها يقول: لقد أرضيت ربي وأرحت ضميري وفعلت ما علي،مقابل الخواء الذي يعيشه من باع وتآمر بالرغم من تقلبه في ترف الدنيا،إنها المعادلة الكونية التي ركزها الله في سننه،ظاهرها الخلل وباطنها العدل،العدل الذي يتحرق المظلومون شوقاً إليه ويتقلب الظالمون أرقاً ،خوفاً من حضوره وأن تطالهم يده،عبارة طه حسين التي رددتها سناء بصوت الحكاية وبحبكة متقنة،نجحت في إيصال رسالتها تماماً.

مجموعة سناء الشعلان القصصية: أكاذيب النساء: نزع للأقنعة وتعرية لوجوه الحياة

بقلم: نزار حسين راشد

بساطة اللغة ورشاقتها وغناها، تضفي جدّة وجاذبية،على موضوع النفاق الإجتماعي القديم الجديد،مختصرات تلخص ببراعة ثيمات متكاملة في تناولها لموضوع النفاق داخل الوسط الأدبي أو الوسط الثقافي،الذي تشير إليه بكلمة مجردة من الإضافات: الوسط.
أما الثيمة الأخرى الأم: المعاناة النسوية ليس في مجرد مجتمع ذكوري،ولكن في مجتمع فشل في تطوير ليس فقط قوانينه ولكن في تطوير منظومته القيمية أيضاً وتشريعاته،فها هي تعرج برشاقة على موضوع تزويج المغتصب بحكاية قصيرة،بالنيابة عن عشرات المقالات والأبحاث التي عالجت الموضوع نفسه،فاختصرتها بعبارة واحدة” حصان ينط حيث يشتهي”، ليكافأ وينجو من العقاب،والضحية هي ذاتها: الأنثى!
وأنا أجدف بين السطور لم أستطع مقاومة إغراء وضع عنوان جديد للمجموعة: المهمشات،وحضرت في ذهني مجموعة طه حسين: المعذبون في الأرض،والتي اتهم بعدها بأنه ماركسي،لحضور الوعي الطبقي المكثف،في الحدث والشخصية!
ولكن حكايات سناء نجت من التنميط بإضاءة الجانب الإنساني للشخصية،فهناك في عالمنا الإنساني ومجتمعاتنا البشرية،يوجد دائماً ظالمٌ ومظلوم، قاتل ومقتول ،منذ قابيل الأول،وخلافاً لطه حسين،تضمن الشعلان رسالتها بأن الله لا يرضى بالظلم،كما لم يرض بجريمة قابيل،لأن الظلم من صنع الإنسان،إنه خيار أخلاقي،وهذه الرسالة هي أجمل ما في المجموعة وأشدها بلاغة وإفصاحاً، بعيداً عن الحتمية التاريخية،والإكراه الديني،وهو منطوق يتماهى مع الدين نفسه” بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره”
فحين تترك إرادة الله الحدث ليحدث فليس معنى ذلك أن الله راضٍ عنه،وأن المجرم سينجو بجريمته والآثم بإثمه ،ولكنه الخيار الإنساني الخاضع للحساب والمسائلة، والذي نحمل مسؤولية التصدي له وقهره،بثورة المفاهيم والتشريعات،وهذا ما تريد الكاتبة أن توصلنا إليه من خلال الحكاية،كما٠ اراد دوستويفسكي في عائلة كارامزوف حين أعلن على لسان إيفان كارامازوف: لو لم يكن الله موجوداً لكان كل شيء مباحاً،وهذا الأفق الإنساني الذي نجحت المجموعة في نقلنا إليه وأعارتنا عين الطائر وجناحه ببراعة القاصة،هو بالفعل ما أعطى المجموعة قيمتها الحقيقية!
وبفطنة القاصة تنقلنا سناء إلى الضفة الأخرى: معاناة الرجل،ومن خلال أكثر صورها كثافة وتأثيراً القضية الفلسطينية وعلى الجبهة الأمامية،أكثر الجبهات سخونة،وأشدها احتداماً، ومعاناة الرجل الوطني المضحي الذي تعرّض للخذلان والخيانة،فهذه مآلات الواقع بالفعل،ومع ذلك فروحه تملؤها الرضا والسكينة،إنها القيمة الدينية اللصيقة بالشخصية المخلصة المتفانية التي يعيش نموذجها بيننا ولسان حالها يقول: لقد أرضيت ربي وأرحت ضميري وفعلت ما علي،مقابل الخواء الذي يعيشه من باع وتآمر بالرغم من تقلبه في ترف الدنيا،إنها المعادلة الكونية التي ركزها الله في سننه،ظاهرها الخلل وباطنها العدل،العدل الذي يتحرق المظلومون شوقاً إليه ويتقلب الظالمون أرقاً ،خوفاً من حضوره وأن تطالهم يده،عبارة طه حسين التي رددتها سناء بصوت الحكاية وبحبكة متقنة،نجحت في إيصال رسالتها تماماً.