العمرو يكتب: هل النوادي الليلية جزءاً من ثقافة المجتمع؟
بقلم / الدكتور قاسم جميل العمرو
لم أكن أرغب بالكتابة في هذا الشأن لولا الاخبار المتداولة عن هروب عشرات الفتيات اللواتي يعملن في احد النوادي الليلية من مهرب الطوارىء بعد ورود معلومات عن تجاوزات في هذا الملهى الليلي في عمان، خصوصا ان البلد لا يتحمل كثيراً من النقد وجلد الذات، تزامنا مع مواسم المزايدات والمتاجرة بكل شيء، سأتكلم في البعد الاقتصادي لعمل هؤلاء الفتيات الحسناوات في النوادي الليلية في خدمة الشراب والتسلية لمرتادي تلك الاماكن المنتشرة في عمان، وأجزم ان فتح النوادي وانتشارها بشكل مكثف له تفسير واحد هو جذب السياحة وايجاد اماكن للتسلية والترفيه قد يصل احيانا الى الترفيه الجنسي، هناك قصص وحكايا نسمعها ونشاهدها مرتبطة بهذا الوجود للحسناوات اللواتي يعملن في هذه الاماكن، وانا متأكد ان نسبة كبيرة منهن يعملن بطرق غير قانونية اي لا يحملن تصاريح عمل والأهم هو صيد الضحايا من خلال الاغراءات الجنسية فيصبح عدد كبير من رواد الاندية الليلية كالخاتم في الاصبع ويتحكمن فيهم بطريقة عجيبة ومن القصص التي اسمعها مرافقة شخصيات على مستوى ثقيل ماديا لهن في رحلة تسوق قد تصل فاتورة الشراء الى عشرات الالوف من الدولارات تذهب الى بلدان تلك الفتيات، وقصة اخرى تعطي انطباع بسيطرة هؤلاء الفتيات على الزبائن والتحكم بهم حتى وصل الامر بتسلميهن كل ما يمكن تسليمة وبعضهن يستولي على بطاقة الكريدت كارد فتتصرف به وكانها ملكها.
هذه النوادي وما توفره من فرص عمل لفتيات وجودهن غير قانوني يمثل عبء اقتصادي وفي الجانب الاخر اشاعة الرذيلة في مجتمعنا الذي يشهد تراجع وانحطاط قيمي واخلاقي غير مسبوق.
والقاعدة الاخلاقية والشرعية تقول ان الاعمال غير الاخلاقية لن تجلب الرفاه للشعوب بل تزيد من تعقيد المشهد الاجتماعي وتغييب لمنظومة القيم الاخلاقية وتجلب الامراض ولا تحقق السعادة.
اعتقد ان عشرات الالاف من العاملات في هذا المجال يُكبدن الدولة خسائر تقدر بالملايين من خلال التحويلات للعملة الصعبة وعدم تسديد رسوم التصاريح الخاصة بالعمل وهنا اتحدى وزارة العمل ان تعطي احصائية وارقام دقيقة لعدد الفتيات العاملات بهذا المجال وكم صُرف تصريح عمل بشكل قانوني لهن، فمعظم هؤلاء الفتيات يأتي للسياحة ثم يتسللن الى النوادي الليلية.
في المقابل نجد غياب تام لاهتمام مواقع التواصل الاجتماعي لهذا الامر الذي يشكل خطر حقيقي في الجانب الاخلاقي والاقتصادي.
نحن دولة حباها الله بنعم كثيرة وحجم التذمر الكبير يطغى على شكر النعمة ويذهب الناس بشكل متعمد الى تكبير صغائر الامور وجعلها قضايا الساعة، ومن النعم التي من الله بها على هذا البلد هو التراكم الحضاري الهائل والمواقع السياحية الرائعة في بعدها التاريخي والديني والطبيعي، ففي كثير من الاحيان تتضرر هذه الامكانيات نتيجة حالة اللاوعي التي يعيشها المواطن بسبب خطابات شعبوية رنانة مفرغة من اي محتوى كاذبة خادعة في كثير من الاحيان.
هناك اهمال متعمد من جانب الحكومات باغفال المكانة السياحية للاردن وحالة من التخبط وعدم حسن التصرف، بلدنا غني بموارده البشرية والسياحية فعلينا الاعداد والاستعداد لتغيير النهج في التعامل مع هذه الموارد وعلينا المكاشفة والمصارحة والصدق في التعاطي مع ما يُثار بين الحين والاخر من اشكاليات حتى لا يُختطف الوطن والمجتمع من قبل مجموعات تبحث عن شعبويات رخيصة. استاذ العلوم السياسية جامعة البترا
* ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري
* كاتب في الشأن الملحي والاقليمي*