عزفٌ على الهزائم المريعة .
بينما تنشغل النخب السياسية والإجتماعية بالأزمة الناشبة بين الحكومة ونقابة المعلمين، وهي أزمة لن تغادر أبدا وجهها الوطني، بينما ذاك، يُمعن مرشح الليكود في اقتسام الوعود مع الناخبين المتعطشين للتشريد ولتغيير التاريخ، ويقترف لسانه خطيئة إضافية تأخذ مكانها إزاء خطايا القتل والأسر والسلب والتهجير وتكريس الاستيطان.في إهانة مباشرة للعقل الجمعي العربي، وفي طعنة إضافية، في صميم عروبتنا ومبادئنا، في الوحدة وفي التاريخ المجيد، يعد المرشح الأبرز في حزب قام على الجريمة والزيف، بضم غور الأردن وشمال البحر الميت. إنها صفاقة سياسية تنبي أن ذخيرة عقولهم ما زالت تحتضن فكرة الدولة الكبرى، بل إنها لم تغادرها من الأساس.إنه انتهاك مستدام وواضح لكل بسماتهم الزائفة، لمواعيدهم الكاذبة لمواقفهم الفاجرة. إنه لعبٌ محترف على الجراحات، وعزف استثنائي على الهزائم المريعة التي تتوالى علينا. لقد أحكموا خيوط لعبتهم باحتراف. لقد ألهوا الفتية في بلاد العرب بمعارك مفتعلة، فوجد الأخ نفسه في وجه أخيه، وصار ثمن لقمة الخبز تنازلا عن أفكار التحرر كرهاً وطوعا. إنها قواعد بال الذهبية تبنى على مهل، بوتيرة هادئة، حيث لا عوائق ولا مطبّات.اليوم وعدٌ بغور الأردن، وغداً بما بقي من تراب كرامتنا وتاريخنا، ونحن، إمّا مقتتل مع أخيه، أو مجاهد من خلف الأزرار. من سوء طالعنا أننا لم نفهم بعد سياسة تاريخهم الحافل بالمكر والمكائد، المستندة على قواعد شاذة ومزوّرة، ولسنا على استعداد للإقرار بأن نفوذ الدول يقاس بمسافة نيران مدافعها، وإن الإجابة الوحيدة على الهزيمة هي الانتصارات. قال ذلك تشرتشل، أمّا نحن، فما زلنا نقيس بالبسمات الغادرة التي تخفي خبثا ودهاءً، ونمضي قدماً نحو النسيان والتنكّر وبدء تاريخ جديد ليس فيه معتصم في الأفق المعتم، يتلو علينا قصائد من نصر وغناءً من رماح. إنها هزيمة الفكرة ودحْر المبدأ وخيبة التاريخ.
- د. نضال القطامين