الاتفاق التاريخي بين المعلمين والحكومة .. الملك يعيد قطار الوطن الى سِكَته الصحيحة
كتب المحرر السياسي - ليس مهما ان الاتفاق بين الحكومة ونقابة المعلمين تطلب كل هذا الوقت من المباحثات والمداولات والتفاوض ، فالحكومة تنطلق من معطيات لها علاقة بالازمة الاقتصادية الخانقة والعجز المتفاقم ،وربما جرى التفكير ببعض الابعاد المتصلة بحاجة القطاعات الحكومية الاخرى والمتقاعدين المدنيين والعسكريين لعلاوات ايضا ، وهي في الحقيقة اسباب وجيهة الى حد كبير ، ومن جهة اخرى ، المعلمون كان لديهم حجتهم القوية ايضا ، فلقد انتظروا سنوات عجاف منذ الاتفاق الاول مع النواب في العام ٢٠١٤،وحاولوا منذ ذلك الوقت اقناع صناع القرار بحاجتهم الملحة للعلاوة فراوتبهم تعد الاقل تقريبا على سلم الرواتب الحكومية ، ولكن يبدو ان الجميع قد اصم اذنه ،وفضل ترحيل الازمة ، حتى انفجرت في وجه حكومة عمر الرزاز ..
مرور كل هذا الوقت كان صعبا للغاية، ولكن المهم في المحصلة النهائية ،ان الاتفاق قد تم ،وان صوت الحكمة والرشد علا وارتفع ،وهذا ما يعزز القناعة لدينا ،بان الاردن له معادلته الخاصة ، وانه مهما بلغت الخلافات ،ومهما علت اصوات الاحتجاج والغضب، فان قرارا واحدا يصدر من الملك عبدالله الثاني كفيل بتبديد كل المشاعر السلبية واعادة اللحمة بين الاطراف المتخاصمة ، وهو ما كنا ننتظره منذ البداية في هذه الازمة وفي غيرها من الازمات ..
اتفاق اليوم اسدل الستار على الخلاف ، وعاد الجميع الى منازلهم وصوتهم يصدح عاليا : لا غالب ولا مغلوب يا وطنا يا مهيوب .. هذه هي الروحية التي تسود ،وهذه هي عقيدة الاردنيين ، فمهما ادلهم الخطب ومهما تنامت مشاعر اليأس والاحباط ، فاننا قادرون على استعادة زمام الامور، و وضع قطار الوطن على سكته الصحيحة ، كما فعل الملك اليوم ، نعم الاردن قادر على مواجهة التحديات ،والخروج من الازمات ،اذا توفرت الارادة السياسية ..
ان ما جرى هو ممارسة ديمقراطية حقيقية ، ورغم بعض الهنات، الا ان اضراب المعلمين الذي استمر لاربعة اسابيع كاملة ،تم دون منغصات عميقة، والمعلمون مارسوا حقهم الدستوري دون ان يتعرضوا بالمجمل لاجراءات عقابية او مضايقات امنية، وها هم اليوم ينجحون - بصمودهم الاستثنائي وبوعي القيادة- في تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة ،باجواء احتفالية شاركهم بها وزراء وحكوميون ،وقفوا مع المعلمين جنبا الى جنب لاعلان صيغة الاتفاق .
الاردن يستحق الافضل ..نعم ،لقد خرجنا من هذه الازمة اكثر قوة ومنعة وقدرة على مواجهة التحديات ، وربما هي فرصة لاجراء الكثير من المراجعات الضرورية لنتمكن معا من تفويت الفرصة على المشتفين ، المتربصين بالوطن المراهنين على تفسخه وتمزقه ،ولهؤلاء نقول لقد خاب فألكم .. نحن واعون تماما لما تخططون له ، ونعرف اعوانكم بيننا ،وسنفوت عليكم هذه الفرصة واي محاولات جديدة .. قوتنا في وحدتنا في تماسكنا في امننا في التفافنا حول مصلحة دولتنا العليا حول القيادة الواعية الرشيدة المتصالحة مع شعبها ومصالحه وحاضره ومستقبله ، وما الاتفاق اليوم الا اول الغيث ، وها نحن مقبلون على موسم الخير كله .