الكيمياء بيْنَ المتعةِ والخيال ... في أسبوعِها العربي


أنباء الوطن -

بقلم / أ.د.صلحي الشحاتيت

إنّ متعة الكيمياء وغرابتها؛ يجعل منها قالبًا خاصًا يخترق قلوب متعلميها فيحبونها، ومع مرور الوقت يتحول هذا الحبّ إلى حبٍّ أبدي في دماء كل متعلم وعالم كيمياء. حيث تعد الكيمياء من أكثر العلوم إثارة في العالم، فمن خلال دراستها نلاحظ العديد من ردود الأفعال والتحولات الواضحة فيها، والتي يمكننا القيام بمعظمها بأنفسنا، فنحن نمارس الكيمياء كل يوم دون معرفة منا! فحالما ننهض في الصباح، نبدأ يومنا بمجموعة متنوعة من التفاعلات الكيميائية، وقد تفكر أنّ علاقتك بالكيمياء تنتهي في نهاية الكتاب المدرسي؛ ولكن الواقع غير ذلك فالكيمياء علم رائع مليء بالمفاجآت.
اختلف علم الكيمياء في تاريخ المنشأ، وقيل أنه بدأ في القرن الثالث قبل الميلاد، ولوحظ أنّ الحضارات القديمة في كل من الصين والهند أتقنوا الكثير من المهارات من أهمها: المعالجة الكيميائية؛ حتى انتشرت غربًا إلى إمبراطوريات فارس ومصر القديمة، ولا ننسى مساهمة العرب في تطور علم الكيمياء؛ فهم أول من عمل في الكيمياء منذ القرن الثاني الهجري؛ حيث طبقوا هذا العلم في انتاجاتهم الطبية وفي الصيدلية على وجه الخصوص؛ حتى انتقلت خلال العصور الوسطى إلى أوروبا في القرن الثاني عشر الميلادي.
أما الكيمياء الحديثة؛ فيعود تاريخها إلى القرن السابع عشر، حيث بدأت بأبحاث «بويل»، التي تم من خلالها تقسيم الأشياء إلى مواد خام «عناصر ومركبات ومخاليط»، ثم تلاها أبحاث «بلاك» و «لافوازيية» في «الاحتراق والأكسدة»، أما «برتلي» قام من خلال أبحاثه باكتشاف «الاكسجين في الهواء»، و»كافندش» الذي اكتشف تكوين الماء، ثم «دالتون» الذي طور «النظرية الذرية لتشكيل المادة»، حيث حقق هؤلاء العلماء وغيرهم الكثير من الاكتشافات الكيميائية، وكان ذلك على مدار سنوات عديدة أثناء توصلهم إلى إجابات محيرة عن الطبيعة.
علم الكيمياء بشكل عام هو: دراسة المادة والطاقة والتفاعل بينهما، وتسمى أحيانًا «العلوم المركزية»، لأنها تربط العلوم الأخرى ببعضها البعض، مثل: البيولوجيا، الفيزياء، الجيولوجيا، وعلوم البيئة، ونظرًا للكم الهائل من الاكتشافات التي وصل إليها هذا العلم، ولأهميتها الكبرى يتم تخصيص اسبوع وطني للكيمياء في الوطن العربي والغربي؛ وذلك لتعزيز دور هذا العلم وأهميته.
من أهم ما توصل إليه العلماء في علم الكيمياء هو اكتشاف «المول»، ويعرّف بأنه وحدة قياس كمية المادة في الكيمياء، وهو وحدة أساسية في النظام الدولي للوحدات؛ ومثلما يُعتبر العدد 12 هو دزينة من الأشياء، فإن االمول هو عدد أفوغادرو من الأشياء؛ حيث تعتبر هذه الاشياء في الكيمياء الذرات والمركبات، وقد تم اكتشافه من قبل العالم «Amedeo Avogadro» وتم اختيار رقم «23^10× 6.02214076 «، واُعتمد كوسيلة مريحة للتعبير عن كميات المواد المتفاعلة ومنتجات التفاعلات الكيميائية، ويتم الإحتفال بهذا اليوم من قبل الكيميائيين وطلاب الكيمياء وهواة الكيمياء في 23 أكتوبر من كل عام، بين الساعة 6:02 صباحًا و 6:02 مساءً، مما يجعل التاريخ (6:02 10/23) من الأنماط الأمريكية للتواريخ السنوية، ويتم في هذا اليوم عقد العديد من الأنشطة المختلفة المتعلقة بالكيمياء والتي يرتبط معظمها بالمول والحسابات.
تتطلب المعرفة السليمة بالكيمياء أن تكون على دراية تامة بمجالات العلوم الأخرى، وهذا هو السبب في أن دراسة الكيمياء إلزامية أو موصى بها من قبل العديد من التخصصات الجامعية الأخرى، والأهم من ذلك كله أنّ الكيمياء ساحرة وممتعة جداً، فإذا كنا نريد أن نفهم العالم من حولنا، فالكيمياء هي الحل!