الحدود الفاصلة بين ذم وقدح الشخصيات العامة وبين حق نقدها عبر وسائل الإعلام


أنباء الوطن -

كتب / المحامي محمد قطيشات
يعاني بعض الزملاء الإعلاميين والصحفيين من التداخل بين حدود الذم والقدح وبين حق النقد، ومرد ذلك ضعف الثقافة القانونية المتقاطعة مع عدم النص صراحة على حق النقد أو بيان شروطه أو حدوده أو احكامه.

الأمر الذي منع بعضهم من ممارسة دورهم الرقابي على الاداء العام، وبذات الوقت جعل بعضهم يسيء لشخصيات عامة أو موظفين عامين دون أن قصد أو نية مبيتة ، وفي كلتا الحالتين السابقتين يبقى حق النقد حقا خالصا للصحفيين ومبررا قانونيا لعدم المساءلة القانونية حتى لو لم يتم استخدامه أو انه استخدم بطريقة غير قانونية وغير شرعية.

وقانونيا يجب التفرقة في مجال الذم والقدح بين حالتين:

حالة فيما إذا كان الشخص موضوع المادة الصحفية من آحاد الناس.

والحالة الثانية: فيما إذا كان الشخص موضوع المادة الصحفية موظفا عاما أو من في حكمه مثل الشخصيات العامة.

ففي الحالة الأولى لا يجوز ذم أو قدح أي شخص ، ولا يجوز اثبات ايضا ان موضوع الذم والقدح أيضا صحيح إلا في حالة واحدة وهي تعلق الموضوع كله بالمصلحة العامة وكان بحسن نية . اما الحالة الثانية فلابد من اتباع القواعد التالية :
ان تكون الوقائع صحيحة .

وثابتة : لقد استقر القضاء الأردني على ان ثبوت الواقعة وصحتها هي أحد أهم الشروط لممارسة الصحفي لحق النقد وبتخلف هذا الشرط يتخلف حق النقد ككل.

ان تكون عبارات المادة الصحفية متلائمة مع الموضوع وان تكون مما يهم الجمهور. يعتبر تلاؤم عبارات المادة الصحفية مع أهمية الموضوع ، وكذا الأهمية الاجتماعية للموضوع محددان اساسيان لإباحة حق النقد وهو ما يتجه اليه القضاء في الأردن بشكل عام ، ويعتبر عدم توافره دليلا على سوء نية.

تقول إحدى المحاكم بعد ان شرحت اركان النقد المباح بشكل عام “إضافة إلى ركن الواقعة الثابتة فان الركن الثاني من أركان النقد المباح: الرأي والتعليق وهذا الرأي لابد وان يرتبط بالواقعة الثابتة المذكورة ومن خلال المقالة فان المحكمة تجد انها لم تتعلق بأي واقعة وإنما جاءت على أمور كثيرة كانت تحمل الإساءة.

إضافة إلى ما ذكر فان من أركان النقد المباح وهو الأهم وجوب ان تتعلق الواقعة بأمر يهم الجمهور وان ما ورد في المقال لا يهم الجمهور بشئ خصوصا وانه لم يتضمن الموضوع الذي من الممكن ان يرى فيه الجمهور ما يحقق الصالح العام ولم يثبت الاظناء ما ورد فيها.

ومن أركان النقد المباح أيضا العبارة الملائمة فيتوجب ولكي تكون العبارة ملائمة ان تصاغ بالصيغة الملائمة للموضوع ، خاصة وان هناك فرقا بين النقد باستعمال ألفاظ قاسية والتي يبررها الفقه في عملية النقد وبين العبارات التي يتم إيرادها فقط للتشهير والإساءة فالعبارة الملائمة يتوخى منها المصلحة العامة لا التشهير.

وأما الركن الأخير فهو سلامة النية وهذا الركن يستشف من توافر باقي أركان النقد وطالما أن النقد في المادة الصحفية المنشورة موضوع الدعوى لم يكن لمصلحة الجمهور وليس فيه ما يشير إلى اعتقاد الناقد صحة ما يبديه فإن سلامة النية تكون غير متوافرة”.

اذا أراد الصحفي عدم ذكر اسم شخص معين أو ايراد واقعة مبهمة فانه يجب أن ينتبه الى انه اذا كانت هنالك قرائن لا يبقى معها تردد في نسبة تلك الاسنادات الى المعتدى عليه وفي تعيين ماهيتها ،وجب عندئذ ان ينظر مرتكب فعل الذم والقدح كانه ذكر اسم المعتدى عليه وكان الذم او القدح كان صريحا من حيث الماهية.

اعتبر القضاء الأردني ان محاولات البعض اخفاء اسم المعتدى عليه ولكن الأشارة اليه باشارات يعرف منها او يمكن ان يعرف منها لا اثر لها في وقوع الجريمة ، ويعتبر القضاء ان الذم او القدح في تلك الحالة يعتبر وكانه قد تم صراحة ، فالمداوره في الأساليب الأنشائية في كل الأحوال مخبثة اخلاقيه شرها ابلغ من شر المصارحة.

يجب أن لايكون هناك مصلحة خاصة أو دوافع شخصية للصحفي من نشر المادة الصحفية.

من المستقر عليه في القضاء الأردني انه فيما لو ثبت ان للناشر مصلحة خاصة فيما نشر، او ان هناك شبهة انتقام من المشتكي فإنه لا يمكن لمثل هذا الصحفي بان يعتصم بحق النقد ، او يطلب اعفاؤه من العقاب بحجة ان دافعه للكتابة كان المصلحة العامة.