يا صاحب المعطف الطويل


أنباء الوطن -

كتب : محمد عبدالكريم الزيود

تغيب الكلمات وتقصر أمام قامتك العالية، تحضن المطر بين ذراعيك لندفئ، تنتصب في الشوارع والدواوير وأمام التقاطعات عاريا بصدرك إلا من حب الله والوطن، ننظر إليك من خلف الشبابيك، نخاف البرد وأنت تبتسم فيسري الدفء بنا، تحرك ذراعيك للمركبات لا تأبه للمطر أو للريح كقائد سمفونية، تحرك الجميع ثابتا صلبا لا يكسرك شيء، إلا من يكسر القانون.

يا صاحب المعطف الطويل، كم نستدفئ بمعطفك، كم نشعر بالأمن كلما لاحت دورية على جانب طريق مظلم بعيد، أو كلما مرّت بجانبي "لاندروفر" عسكرية إعتلاها غبار "خو". ..

أيها الأردني النبيل، كم نحن صغار أمام كبريائك، يا نسل الطيبين، يا من فاضت بهم طرقات القرى ذات ضحى ذاهبين نحو العسكرية درب الفداء والتضحية لا يحملون إلا الوطن في قلوبهم، ولا يحلمون إلا بوطن قوي، ها أنت تعلّمنا كل يوم درسا في الوطنية، صامت على حاجتك وعوزك، ولكن لم تترك واجبك، الجميع ينتظرون العطلة وأنت يبدأ عملك عندما يعطل الجميع وعندما ينام الجميع.

أعرف أنك لا تنتظر كلامي، وأعرف أن الكلام لا يداني وجع رجليك في ليلة ماطرة، أو عرق ينزّ من جبينك العالي في ليلة خفارة لا تنتهي، لكن لا نملك إلا الكلام يا بن عمي ويا بن دمي فنقول أنتم العسكر أكبر من كل القصائد، وأكبر من كل الأحرف، أنتم فخار آبائكم ودعوات أمهاتكم وزغاريد أخواتكم، أنتم الوطن الزاهي الذي نحبه كما هو في وجه الفقراء الأنقياء الأطهار، الوطن الذي كنا وما زلنا نحبه لأنه ببساطة أنتم الوطن فقط ودونكم كله محض كلام.