أخلاقية العمل الصحفي المستجيبة للنوع الاجتماعي - د. هبه حدادين


أنباء الوطن -

لقد زاد الاهتمام في الآونة الأخيرة بموضوع المرأة في مجال الإعلام وخاصة في المجتمعات العربية ومن خلال عملي كمستشارة ومدربة في مجال النوع الاجتماعي ارغب بتسليط الضوء على المادة الإعلامية المستجيبة للنوع الاجتماعي التي لا تركز فقط على حوادث وعناوين، بل تبحث أيضا في كيفية تأثر كل من الرجال والنساء بهما. العاملون في وسائل الإعلام من الجنسين هم جزء من المنظومة الإجتماعية العربية لذلك فانه تبرز العديد من الموروثات والمفاهيم الثقافية والإجتماعية السلبية تجاه المرأة كامر واقع وتلعب دورا سلبيا في بعض وسائل الإعلام في التعامل والتعاطي مع قضايا المرأة خاصة. وهذا يتطلب وعيا وادراكا عميقا واكثر مرونة من العاملون في مجال الإعلام على قضايا النوع الاجتماعي وفهم لتوجهات الإعلام ودور القانون الأردني والإتفاقيات الدولية لاسيما القضايا المتعلقة بمشهد التغطيات الإعلامية والمساحة والحيز والمضامين والعناوين التي يختارها الصحفيون بغض النظر عن الجنس. وهنا يجب ان يدرك هؤلاء ايضا دورهم في التأثير بصناعة واتخاذ القرار في المؤسسات الإعلامية، وكيفية محاربة تسليع المرأة، وآلية رسم مشهدها في وسائل الإعلام، وكيفية خلق التوازن الأخلاقي والمهني في الكتابة عن قضايا النوع الاجتماعي، وترسيخ مفهوم الإعلام كصديق وخلق بيئة آمنة لقضايا النوع الاجتماعي تتعاظم فيها درجة الأمان والحساسية المطلوبة لتغطية فاعلة وعادلة متوازنة. وفي هذا السياق تبرز العديد من الاسئلة التي يجب تسليط الضوء عليها من منظور وعدسة النوع الاجتماعي كالتحديات التي تواجه الصحافيات والصحافيين لمقاومة ثقافة الصورة النمطية و التقليدية في عملهم اليومي، لأن إعلامنا مليء بالتحيزات المتجذرة والانعكاسات المتحيزة بالقوالب النمطية حول النساء والرجال كانعكاس للبيئة في إنتاج مضامين، وسائل الإعلام حبلى بالتعقيدات، وتعمل على إنتاج فوارق بين الجنسين. لهذا فاننا نحتاج الى جهد وعمل تشاركي فعال يرتكز على التوازن المهني الذي تفرضه المواثيق الاخلاقية لممارسة العمل الصحفي وفي مقدمتها الرقيب الداخلي او الذاتي من اجل تغيير الصورة النمطية حول النساء والرجال والعمل أكثر حتى نواجه التشوهات التي تحدث في أخبارنا وفي مؤسساتنا الصحافية. ويبقى جوهر نجاح مادة صحفية حول قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي معتمدا على صياغة اللغة والمفردات الحساسة والمراعية للنوع الاجتماعي ووجوب الحرص والدقة في اختيارها بعيدا عن استخدام اسلوب الاثارة والكليشيهات عند تغطية المادة الصحفية وعدم إصدار أحكام نمطية مقابل تأثير وتوجيه القارئ نحو المرأة على انها عنصر فاعل وموثر لهذا يجب عدم انتهاك حقوقها الإعلامية والانتقاص من أهميتها. لذلك كله يجب أن يوفر الفضاء الاعلامي بيئة آمنة للنوع الإجتماعي وعيونا ترنو إلى إعلام اردني عصري ومهني، يأخذ أدوات تطوره من حقول القانون والحقوق والحريات ويشكل اثره الايجابي من منظور النوع الاجتماعي لاننا بالنهاية شركاء ومكملون لادوارنا على الصعد كافة وفي كل الميادين التي تتطلب اثراء دور المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا والنظر اليها كطاقة يجب استثمار امكانيتها لخير المجتمع.