صلاحية مجلس الامة ازاء قرار مجلس الوزراء باعلان العمل بقانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992


أنباء الوطن -

بقلم : د. عايد سليمان المشاقبة

يضطلع مجلس الأمة بدور هام في المجال السياسي(الرقابة) والمجال التشريعي, فهو من جانب صاحب الولاية العامة في التشريع في الدولة إذ تناط به الوظيفة التشريعية بمشاركة رئيس الدولة, ومن جانب آخر يمارس دور رقابي على ما تقوم به السلطة التنفيذية من أعمال بما يسمى بالوظيفة السياسية للبرلمـان.
ولظروف معينة يحددها الدستور تحل السلطة التنفيذية مكان السلطة التشريعية فتتولى مهمة التشريع في موضوعات حجزها الدستور صراحة للبرلمان وذلك عن طريق:
اولا: إصدار تشريعات أطلق عليها في الأردن مصطلح "القوانين المؤقتة" والسند الدستوري لاصدارها من قبل السلطة التنفيذية هي المادة(94) من الدستور الاردني لسنة 1952 وتعديلاته والتي منحت مجلس الوزراء بموافقة الملك عندما يكون مجلس النواب منحلاً أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور(الكوارث العامة، حالة الحرب والطوارئ، الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل)، على أن تعرض هذه القوانين المؤقتة على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها

ثانيا:مايسمى بقانون الدفاع:سندا لاحكام المادة(124) من الدستور الاردني لسنة 1952 وتعديلاته ونصها (اذا حدث ما يستدعي الدفاع عن الوطن في حالة وقوع طوارئ فيصدر قانون باسم قانون الدفاع تعطى بموجبه الصلاحية الى الشخص الذي يعينه القانون لاتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية بما في ذلك صلاحية وقف قوانين الدولة العادية لتامين الدفاع عن الوطن ويكون قانون الدفاع نافذ المفعول عندما يعلن عن ذلك بارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء).
واستنادا لاحكام هذه المادة صدرت الارادة الملكية السامية بتاريخ 17/3/2020 بالموافقة على قرار مجلس الوزراء رقم (9060) في جلسته المنعقدة بتاريخ 17/3/2020 المتضمن اعلان العمل بقانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992 في جميع انحاء المملكة الاردنية الهاشمية.

والسؤال الذي يثار عن صلاحية مجلس الامة ازاء كل من القوانين المؤقتة وقانون الدفاع؟
-لقد جاء النص الدستوري واضحا في تحديد رقابة مجلس الامة على صلاحية السلطة التنفيذية في اصدار القوانين المؤقتة اذ اوجب عرض القوانين المؤقتة التي تصدرها السلطة التنفيذية في غيبة صاحب الولاية العامة في التشريع وهو البرلمان عليه وذلك خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها ليقول كلمته بشأنها إما بإقرارها أو بتعديلها أو برفضها.
-اما بالنسبة لقانون الدفاع فلم يتعرض المشرع الدستوري لصلاحية مجلس الامة ازاء قيام السلطة التنفيذية باصدار قانون للدفاع او تفعيله،وهو ما كان محلا لسؤال عرض على المجلس العالي لتفسير الدستور(المحكمة الدستورية حاليا) بالنص التالي( هل تجيز المادة (124) من الدستور ان يتضمن قانون الدفاع نصا يوجب عرض اعلان العمل به على مجلس الامة، ليقرر ما يراه بشأنه بما في ذلك مدة العمل بالقانون؟
حيث وجد المجلس في قراره التفسيري رقم (2) لسنة 1991 المنشور على الصفحة (1480) من عدد الجريدة الرسمية رقم (3775) بتاريخ 1/9/1991 انه يستفاد من نصوص المواد (91) ، (92 )، (93) من الدستور الاردني مايلي:
أ- ان قانون الدفاع هو قانون استثنائي ومن قوانين الطوارئ يصدر ابتداء تحسبا من وقوع ما يسمى بحالة الطوارئ ويشترط لنفاذه وقوع طوارئ تستدعي الدفاع عن الوطن.
ب-ان سريان هذا القانون ونفاذه لا يخضع لاحكام سريان القوانين العادية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (93) من الدستور، بل ان سريانه ونفاذه مرحلة لاحقة ومستقلة عن إصدار القانون ومن اختصاص السلطة التنفيذية، لان الملك هو الذي يعلن عن نفاذه بناء على قرار من مجلس الوزراء وفقا لنص المادة (124) من الدستور.
ج-وحيث ان صلاحية السلطة التنفيذية في اعلان نفاذ قانون الدفاع وبدء سريانه هي صلاحية مطلقة وغير معلقة على موافقة اي سلطة اخرى فلا يجوز ان يتضمن قانون الدفاع نصا من شأنه ان يقيد هذه الصلاحية ويوجب على السلطة التنفيذية الحصول على موافقة مجلس الامة على هذا الاعلان او عرضه عليه ، واي نص يرد في قانون الدفاع على خلاف ذلك هو نص مخالف للدستور، ولا يجوز العمل به وذلك دون المساس بما للسلطة التشريعية من صلاحية الرقابة على السلطة التنفيذية كطرح الثقة بالوزارة او توجيه السؤال او الاستجواب عملا بالمواد (51) ، (53) ، (96) من الدستور .
-وهو ما يتضح منه ان لا سلطة لمجلس الامة فيما يتعلق بصلاحية السلطة التنفيذية في اعلان العمل بقانون الدفاع،كما انه لا يمكن ان يفسر سكوت الدستور عن النص صراحة على تحديد الجهة المختصة بوقف العمل بقانون الدفاع عند زوال حالة الطوارئ ان مجلس الامة هو صاحب الصلاحية في ذلك،وانما تبقى السلطة التنفيذية هي المختصة في اعلان وقف العمل بقانون الدفاع وذلك في حال زوال اسباب اعلان العمل به والتي تم توضيحها جليا في الإرادة الملكية السامية وهي لمجابهة وباء كورونا على المستوى الوطني وحماية السلامة العامة في جميع انحاء المملكة،بحيث في حال ما ثبت علميا وواقعيا انتهاء الخطر الذي يشكله هذا الوباء على الصحة والسلامة العامة على المستوى الوطني لم يعد مبررا لاستمرار العمل به،اذ ان الحكم يدور مع علته وجودا وعدما،وحينها يوقف العمل بقانون الدفاع بارادة ملكية تصدر بناءً على قرار من مجلس الوزراء وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة ج من المادة الثانية من قانون الدفاع.

-منوها ان تفعيل العمل بقانون الدفاع قد جاء لتحقيق غاية سامية وهي الحفاظ على ارواح المواطنين من خطر محدق وحال يهددها تمثل في انتشار وباء كورونا،واستجابة لرغبة شعبية طالبت بتفعيل هذا القانون وادراكا من المواطنين ان تفعيل هذا القانون يحقق في النتيجة مصلحة الجميع.