الكلف والاثار والتداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا وسبل مواجهتها


أنباء الوطن -

 تضرر الموازنات الحكومية التي تعتمد على النفط من إنخفاض أسعاره ٠
 قصور التظام الصحي العالمي في مواجهة الوباء وإكتشاف العديد من الدول في العالم لقدراتها الصحية ٠
 الأزمة الحالية ليست فقط أزمة صحية عالمية وإنما يتبعها أزمة إقتصادية ٠
تأثر الإقتصاد العالمي بالأزمة والتوقع بمواجهة إضطرابات شديدة الخطورة ٠
 تزايد الأعباء على الحكومات والبنوك المركزية في تقديم الحزم التحفيزية والإنقاذية ٠
 القطاع السياحي وقطاع الطيران أشد القطاعات تأثرا ٠
 الدعوة لإنشاء صناديق سيادية وصناديق طوارئ لمواجهة الكوارث والأزمات والأوبئة بشكل مستدام ٠
 الطلب من مؤسسات التمويل الدولية تخفيض أسعار الفوائد أو الإعفاء منها هذا العام ٠
التخلي عن الإنفاق الرأسمالي التي لا تشكل أولوية ٠
 اللجوء إلى القروض الداخلية أو الخارجية الميسرة لسد العجز ٠
 الدعوة إلى إستغلال الإنخفاض في أسعار النفط للشراء بالسعر الاني بعقود تسليم مستقبلية لاحقة

زياد الرفاتي / خبير مالي واقتصادي

مقدمة

بدأ ظهور وباء كورونا في جمهورية الصين الشعبية وتحديدا في اقليم ووهان في نهاية شهر كانون الأول 2019 ، وكانت البدايات على مجموعة من الأفراد حاولت الحكومة الصينية اخفاء أسبابها وتوعدت بمن يتحدث عن الصاق ذلك بوباء كورونا , ولبثت أن انتشرت الحالات وأصبحت بالمئات وعندها وصفوا تلك الحالات بأنها التهاب رئوي ويخضع للعلاج .

امتدت حالات الاصابة الى العديد من مناطق الاقليم المكتظ بالسكان ، وانتشاره وزاد عددها لتصبح بالالاف وخرجت عن السيطرة ، الأمر الذي اضطر الحكومة الى التحول في تشخيص الحالات من التهاب رئوي الى فيروس كورونا .

لم تتخذ الحكومة الصينية الاجراءات والاحتياطات اللازمة لحصر ومنع خروج الوباء من البلاد ، وبقيت حركة السفر والتنقل مع العالم الخارجي قائمة، واتهامها من الدول الأخرى بعدم الشفافية والمكاشفة تجنبا لتأثير ذلك على الاقتصاد والسياحة ، مما ساهم في انتشاره في الدول االمجاورة لها مثل كوريا الجنوبية واليابان وايران ، ثم انتقل الى دول أوروبا والولايات المتحدة الذين تأخروا في اتخاذ الاجراءات الاحترازية واغلاق الحدود لاستخفافهم بالأمر في البداية وعدم أخذه من قبلهم على محمل الجد ، مما فاقم المشكلة لديهم وانتشاره بشكل سريع وتفوقوا على الصين في عدد الاصابات والوفيات حتى وصفت بأنها أصبحت بؤرة الوباء ، ووصل الأمر بالجانب الأمريكي أن يصف الفيروس بالفيروس الصيني لمرات عديدة أي أنه قادم من الصين وأن أرقامها المضللة حول عدد المصابين والخطر أثرت على الافتراضات لدى بلدان أخرى حول طبيعة الفيروس مثل ايطاليا واسبانيا التي تفشى فيها الوباء بشكل متسارع وأن العالم يعاني جراء خطأ الصين ، وأغضب ذلك الجانب الصيني الذي عبر عن استيائه ورفضه لهذه التصريحات وتبادل الاتهامات بينهما كل يلقي باللائمة على الاخر بمصدر الفيروس المتناهي الصغر في حجمه والكبير في أثره ، ويمثل عدوا خفيا مشتركا للعالم أجمع وبمثابة كارثة كونية وأزمة خطيرة على كل الاتجاهات ، حيث تخطت الاصابات حول العالم عتبة المليون اصابة وعدد الوفيات تجاوز الخمسين ألف حالة وبنسبة 5% .

ولم تنج الدول العربية أيضا من حالات الاصابةنتيجة انتشاره خارج محيطها وحركة السفر والانتقال .

الكلف والاثار والتداعيات الاقتصادية

كان لانتشار فيروس كورونا حول العالم كلف واثار وتداعيات اقتصادية على مختلف القطاعات الحكومية و الانتاجية والخدمية والشركات والمؤسسات والأفراد والقوى العاملة والوظائف .

وفيما يلي ملخصا بها وبشكل مختصر تجنبا للاطالة :-

أولا : القطاع الحكومي

1 – تضرر الموازنات الحكومية التي تعتمد على النفط من انخفاض أسعاره ووصولها الى مستويات متدنية لم تشهدها من قبل ، مما انعكس عليها في اللجوء الى تخفيض موازناتها والانفاق للعام 2020 ، مع تخفيض التوقعات الدولية بوصول سعر برميل النفط الى ما دون 20 دولار خلال هذا العام والذي وصل حاليا الى ما يقارب 25 دولار ، بينما بتيت الموازنات المقدرة على سعر توازني يزيد عن ذلك .

فالسعر في الموازنة السعودية مبني على 84 دولار للبرميل وتعتمد فيها على 80% من عائدات النفط ، والعراق على 56 دولار ويعتمد على 90% من عائدات النفط ، وروسيا على 42 دولار وهي أقل اعتمادا على النفط حيث لديها احتياطي من الذهب والنقد الأجنبي بما يعادل 570 مليار دولار راكمتها في الفترة الماضية ويمكنها من الصمود لسنوات وصندوق سيادي بموجودات تبلغ 150 مليار دولار ، وتعمل أيضا على استخراج كميات ضخمة من الغاز والنفط في القطب الشمالي بعد استكشاف كميات ضخمة هناك .

وحرب الانتاج والأسعار بين روسيا والسعودية لا زالت قائمة دون التوصل الى حلول وسط بينهما ، وقد قررت السعودية رفع الانتاج الى 12،3 مليون برميل يوميا بعدما رفضت روسيا طلب السعودية تخفيض الانتاج بهدف رفع السعر ، مما أدى الى انهيار أسعار النفط بينما ترى روسيا المحافظة على مستوى الانتاج ، والمستهلك في النهاية هو المستفيد من ذلك وهذا ما عبرت عنه الولايات المتحدة معقبة على ذلك من أن خفض الأسعار هو بمثابة تخفيض ضريبي للمستهلك ويصب في مصلحته .

وتتوقع روسيا توازن سعر النفط في غضون عام بانخفاض الامدادات . وهي لن تتأثر بانخفاض أسعار النفط كون كلفة انتاج البرميل لديها في حدود 10 دولار وتماثل الكلفة لدى السعودية .

ويرى الخبراءأن الطلب العالمي على الننفط تراجع بنسبة 20% جراء الأزمة ، وأنه ليس سلعة وانما أداة استراتيجية ، وأن الانتاج النفطي العالمي قد يصبح غير مجدي اقتصاديا وتشهد أسواق النفط تكدسا ، وقد تضطر شركات النفط الى تخفيض انتاجها أو التخلي عن بعض مشاريعها ، حيث يقدر الفائض من النفط حاليا بنسبة 15 % من الانتاج .

ان القضية الرئيسية الان ليست الى أي مستوى ستنخفض الأسعار ، وانما ما هي الفترة الزمنية التي سيستمر بها هذا الانخفاض . وقد قامت الحكومة السعودية بتخفيض حجم الانفاق بمبلغ 50 مليار ريال كاجراء تقشفي ، بينما بدأت دول أخرى في مواجهة صعوبات في تدبير الموارد المالية للانفاق الجاري على الأقل ونأجيل الانفاث الرأسمالي .

2 – خسارةأو تأجيل توريد الايرادات الحكومية الأساسية المتكررة نتيجة توقف العمل والحركة وتراجع النشاط الاقتصادي ، مثل ضريبتي الدخل والمبيعات , والجمارك ، والرسوم بأشكالها المختلفة .

3 – زيادة الانفاق على القطاع الصحي بشكل مسبوق واستثنائي في ظل الظروف الراهنة ، وحشد كافة الامكانات لدعمه ومساندته لاحتواء الوباء وتحقيق النجاح الكامل .

4 – اكتشاف العديد من الدول في العالم لقدراتها الصحية ومدى فعاليتها عن طريق هذا الوباء .

5 – قصور النظام الصحي العالمي في مواجهة الوباء ، وتجلى ذلك في عدم قدرة المستشفيات لاستيعاب الحالات في الدول الكبرى والدول المتقدمة ، وعدم القدرة على توفير الرعاية الصحية الملائمة وذلك للعدد الكبير من الحالات المصابة وعدم توقعها لهذا العدد وتعرض الطواقم الطبية والتمريضية والمساندة لضغوطات العمل لساعات طويلة فوق المعتاد ومخاطر التعرض للفيروس وسط هذه الأجواء .

6 – ان الأزمة الحالية لم يسلم منها أحد ، وهي ليست فقط أزمة صحية عالمية وبائية تستوجب الاستعداد لكافة الاحتمالات وتتطلب استجابة عامة ووعيا ، وانما يتبعها أزمة اقتصادية .

فالقطاعات الاقتصادية تواجه تراجع وتوقف عن العمل ، وهيكلة في أعمالها ، وخدمات دون أن يقابلها ايراد ، وتوقف دفع رواتب العاملين أو التخفيض المؤقت لها ، ومنح اجازات غير مدفوعة ، أو تسريح وانهاء خدمات .

7 – تزايد الأعباء على الحكومات في تقديم الحزم التحفيزية والانقاذية لاقتصاداتها مما يشكل ضغطا على موازناتها ، وكذلك توفير الدعم المالي للقطاعات المتضررة والأكثر تأثرا وأصحاب الدخل المحدود والفقراء وعمال المياومة وتوفير الحماية الاجتماعية لهم ، واعادة النظر ببعض الأولويات لتنشيط الدورة الاقتصادية .

8 – تأجيل صرف المستحقات على المشاريع المنجزة أو تحت الانجاز أو الجهات الموردة للسلع والخدمات ، مما أثر على عملها ودخلها وقدرتها علىالوفاء بالتزاماتها تجاه موظفيها والغير .

9- الحاجة الملحة للدول الفقيرة والدول الناشثة الى المعونات والمساعدات والمنح والقروض الخارجية لمساعتها في مواجهة الوباء .

10 - الاجراءات الحمائية والاحترازية والوقائية الجديدة والتي ستجبر الدول على الاقتراض وفرض ضرائب أكبر لسد العجز في موازاناتها .

11 – تخلي الدول عن مشروعات البنية التحتية ومشروعات الطاقة لأجل تأمين رواتب الموظفين والعاملين في هذه الظروف ، وخصوصا التي تعتمد في ايراداتها على عائدات النفط

12 – ميل بعض الدول في ظل الظروف الحالية الى طباعة العملة المحلية لتوفير النقد الجاهز في مواجهة الانفاق ، وهذا له تداعيات في زيادة الكتلة النقدية والتضخم وانخفاض سعر صرف العملة ، كما أن ذلك الاجراء والكمية المطبوعة تتطاب تغطية ومحكومة بالحدود من حصص الدول لحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي ، وقد يلبي ذلك فترة مؤقتة وغير متاح لها على الدوام .

13 – ظهور دول الاتحاد الأوروبي في موقف ينقصه التكاتف والتضامن والوحدة والدعم في مواجهة الوباء ، حيث برزت مقسمة وغير موحدة حتى في تقديم المساعدة الطبية فيما بينها وكل دولة تواجه الوباء بجهد منعزل عن الأخرى ، مما كشف هشاشة الاتحاد في أوقات الأزمات .

14 – الكلفة المرتفعة والجهد والوقت الطويل المستغرق في اجراء الاختبارات والتجارب السريرية للوصول الى لقاح وعلاج للوباء.

15 – تصاعد اعتماد الدول على جيوشها وأجهزتها الأمنية في مواجهة الوباء ، حيث لم تعد المؤسسات المدنية قادرة بمفردها على مواجهة انتشار الفيروس ، اذ تزايد الاعتماد عليهما نتيجةلأمننة التهديدات الوبائية وادارة الأزمة والحاجة لفرض اجراءات الحجر الصحي وحظر التجوال والزام المواطنين بتطبيق القوانين والقواعد المنظمة للحركة ، بالاضافة لتعزيز ودعم قدرات قطاع الرعاية الصحية المدني .

وكانت اليابان من أوائل الدول التي سارعت الى الاستعانة بالجيش في مواجهة أزمة كورونا وكان ذلك بتاريخ 28/1/2020 ، وهو ما يتصل بالتغير التدريجي في وظيفة الجيش والتوسع في اختصاصاته ، وتبع ذلك دول أخرى في الاستعانة ومنها الأردن الذين كان لهم الدور الأكبر والمميز في الحد من انتشار الوباء من خلال اجراءاتهم وجهودهم المبئولة على مدار الساعة بالتنسيق مع مؤسسات الدولة واضعين مصلحة الوطن وسلامة المواطن فوق كل اعتبار وبأعلى درجات الكفاءة والاقتدار ، فلهم منا كل الشكر والتقدير .

16 – ان التحليلات الصحفية الدولية تشير الى أن العالم ما قبل كورونا لن يكون ما بعد كورونا ، وان انتشار الفيروس قد يفضي الى زعزعة ركائز النظام الدولي الراهن ليفسح المجال لارساء نظام دولي جديد ، وأن التظام العالمي الذي نعيش في أطره الفكرية والسياسية والاقتصادية والادارية يتعرض الى اختبارات جدية تهز كياناته بقوة بين حين واخر من أزمات مالية ، أو تلوثات بيئية ، أوصراعات محلية واقليمية ودولية ، أو توترات سياسية ، أو أوبئة تتجاوز قدرات العديد من الدول .

17 – ظهور اثار اجتماعية ذات اتصال مباشر بالأثار الاقتصادية من ازدياد أعداد الفقراء والمعوزين والعاطلين عن العمل والحاجة الى الحماية الاجتماعية ، نتيجة انقطاع الدخل وفقدان الوظائف لتوقف العمل والدورة الاقتصادية .

ثانيا : القطاعات الانتاجية والخدمية والأسواق العالمية

1 – تأثر الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية وأسواق المال واسواق النفط التي كانت أكثر تأثرا بالأزمة ، ومرورهم بأصعب المراحل خلال هذا العام . وأن الافتصاد سيواجه اضطرابات شديدة الخطورة .

وقد صرح بنك أوف أمريكا أنه أبلغ عملائه رسميا بأن الاقتصاد الأمريكي دخل مرحلة الركود ، كما أعلن صندوق النقد الدولي أنه تم الدخول في ركود عالمي حتى نهاية العام 2020 ربما يكون الأسوأ من الأزمة المالية العالمية في العام 2008 ، وأن التعافي سيكون في العام 2021 بشرط احتواء الوباء وعدم تحول السيولة الى مشكلة ملاءة مالية

ومع التوقف المفاجئ للاقتصاد العالمي ، فقد فدر الصندوق الاحتياجات المالية الاجمالية للأسواق الناشئة بمبلغ 2،5 تريليون دولار .

كما أعلنت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية أنها أسوأ أزمة تعصف بالعالم منذ الحرب العالمية الثانية في عام 1945 ، وأنها تختلف عن حالة الكساد العظيم العالمي عام 1929 الذي كانت اثاره اقتصادية ومالية بالتوقف عن العمل وتوقف الدورة الاقتصادية .

كما وأعلنت القيادة السعودية أنها تمر بمرحلة صعبة ضمن ما يمر به العالم كله ، وأن المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي .

2 – توقع انخفاض الناتج المحلي الاجمالي العالمي بنسبة 1% في العام 2020 حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، أي تراجع الاقتصاد العالمي .

3 – تراجع الطلب الاستهلاكي على مختلف القطاعات الانتاجية والخدمية ، وتأثير ذلك على الوفاء بالتزاماتها تجاه البنوك والموردين وشح السيولة وتكدس المخزون وارتفاع كلفته .

4 – مخاطر بفقدان 25 مليون وظيفة حول العالم منها 1،7 مليون وظيفة عربيا ، حسب توقعات منظمة العمل الدولية .

وقد أعلنت وزارة العمل الأمريكية عن فقدان 10 ملايين وظيفة في أسبوعين فقط .

5 – التحول من العملات الأخرى الى الدولار الأمريكي ، وهذا ما تم في التحول من الجنيه الاسترليني واليورو ، حيث أثبت الدولار أنه العملة الأقوى وعصب الاقتصاد العالمي حيث أن 92% من حجم الاقتصاد العالمي يتم تداوله بالدولار ، وأن 1،5% يتم تداوله باليوان الصيني .

6 – تهاوي أسعار الأسهم في البورصات العالمية والعربية وسط تقلبات وتذبذبات حادة أفقدتها جزءا كبيرا من قيمتها السوقية ، حيث فقدت بورصة نيويورك لوحدها 8 تريليون دولار ( 8000 مليار دولار ) .

وقد أدى تهاوي الأسعار في البورصات العربية الى مستويات قياسية بشركات عدة مدرجة منها شركات سعودية وكويتية واماراتية ومصرية للبدء باتخاذ الاجراءات اللازمة لشراء جزء من أسهمها والاحتفاظ بها كأسهم خزينة .

7 – تراجع في جودة الأصول في المصارف العالمية ، وبلوغ الأصول المرتفعة المخاطر قاع الركود وقد يكون قد انتهى وصولها للأسوأ نتيجة الأزمة ، حسب اعلان بعض وكالات التصنيف الدولية المعتمدة .

8 – الحد من عملية التواصل الاجتماعي ، وانتشار نمط العمل عن بعد نتيجة تقييد حرية الحركة والتنقل ، وقد يكون هذا النمط من العمل والادارة ملائما للقطاعات الخدمية ولا يلائم القطاعات الانتاجية ، وهذا يستدعي من كل شركة وضع خطة لاستدامة العمل عن بعد في حالات الطوارئ وأوقات الأزمات ( ادارة الأزمات ) من خلال الحفاظ على الهدوء ، واليقظة في تتبع الوضع ، وحماية الموظفين والعاملين وعدم تسريحهم ، وطمأنة الزبائن، ووضع خطة مرنة تأخذ بعين الاعتبار كل السيناريوهات المحتملة .

9 – ابلاغ البنك المركزي الأوروبي لبنوك منطقة اليورو بعدم توزيع أرباح على المساهمين

وقد سار في ذلك الاتجاه أيضا بنك الجزيرة الكويتي بالغاء توصيته المرفوعة سابقا للهيئة العامة بالتوزيع عن العام 2019 .

10 – تراجع مؤشر ثقة المستهلكين في اقتصاد منطقة اليورو التي تحولت الى مركز الوباء بدلا من الصين .

11 – حسب رأي الخبراء الأمريكيين ، فان علاج البنك الفيدرالي الأمريكي لتحفيز الاقتصاد من خلال الحوافز المالية البالغة2،2 تريليون دولار أي 2200 مليار دولار ، ستجعل الوضع الراهن أسوأ حيث يكمن خطورة الوضع الراهن في ارتفاع مستوى الديون ، فهي لا يوجد لديها مال للتحفيز وكل ما يمكن فعله هو طباعة النقود مما سيؤدي الى انفجار الأسواق بسبب كثرة الديون ، حيث سيسجل البنك الفيدرالي حجم النقد المطبوع دينا على الحكومة الأمريكية مما يضخم من مديونيتها ، وأن فيروس كورونا مجرد دبوس في حين أن فقاعة الديون هي المشكلة ، وقد لاقى هذا الاجراء انتقادا واسعا من الصين وروسبا ودول الاتحاد الأوروبي .

12 – تأثر القطاع السياحي عربيا وعالميا بأزمة كورونا ، حيث أطبق بقبضته على السياحة وعلى مستقبلها

فالحجوزات ألغيت ، والرحلات توقفت ، وأبرز المعالم السياحية أغلقت أبوابها ، وقيدت حركة السفر والتنقل ، والغيت التجمعات العامة في مختلف قارات العالم باعتباره عابرا للحدود والدول والقارات ، وتعطلت وظائف وأعمال ، واجراءات صارمة تتخذها حكومات الدول والمؤسسات والأفراد درءا للمخاطر والوقاية من الوباء الذي تحول الى جائحة .

فقطاع السياحة الذي يعيش 10% من سكان العالم من عائداته ، يستعد لخسائر مادية بمليارات الدولارات خاصة أن الأمر سيستغرق أشهرا ليعود هذا القطاع الى مستواه الطبيعي حتى بعد انتهاء أزمة كورونا ، والكثير من الحكومات تعتمد على السياحة كمساهم رئيسي في النو الاقتصادي وايجاد فرص عمل .

13 – كان قطاع السفر والطيران الحلقة الأضعف لناحية التأثر بالتدابير التي تتخذها الحكومات لاحتواءانتشار الوباء وأول من تأثر به وذلك لطبيعة القطاع من ناحية الازدحام والأماكن المغلقة والتنقل بين دول وبيئات مختلفة ، فضلا عن الوقت الطويل الذي يمضيه المسافر داخل الطائرات والمطارات .

وقد أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي عن أن شركات الطيران العالمية ستهبط ايراداتها بمايقدر 250 مليار دولار في العام 2020 مع تحقيق خسائر ، وأنها بحاجة الى تمويل ميسر ودعم حكومي بمبلغ 200 مليار دولار ، وأنها الأزمة الأسوأ التي مر بها قطاع الطيران في تاريخه وتساهم بتوظيف 7% من اليد العاملة وبناء شبكة أمان اجتماعي للعاملين فيها .

وأضاف بأن شركات الطيران في الشرق الأوسط وافريقيا تواجه أزمة سيولة مطالبة الحكومات بأن تدرس على وجه السرعة تقديم مساعدات لها .

14 – تأجيل أو الغاء المسابقات والانشطة الرياضية حول العالم ، وابرزها تأجيل دورة الألعاب الاولمبية في طوكيو الى صيف 2021 بدلا من صيف 2020 .

15 – حجر منزلي لعدد 4 مليار شخص حول العالم يشكلون نصف سكان العالم .

سبل المواجهة

1 – اطلاق الحكومات والبنوك المركزية حزم وخطط ومبادرات تحفيزية مالية واقتصادية لانقاذ وانعاش اقتصاداتها وتقليل الخسائر الاقتصادية ومساعدة القطاع الخاص وحماية واستمرارية الوظائف ، وهي قابلة للمراجعة .

وفي هذا السياق ، فقد تم اطلاق ما يلي :-

الولايات المتحدة : 2،2 تريليون دولار ( 2200 مليار دولار ) .

بريطانيا : 330 مليار جنيه استرليني .

البنك المركزي الأوروبي : 750 مليار يورو .

الاتحاد الأوروبي : 100 مليار يورو لمساعدة دول الاتحاد الأكثر تضررا بدءا بايطاليا ، تقدم للعمال على شكل اعانات .

صندوق النقد الدولي : تريليون دولار ( 1000 مليار دولار ) .

مؤسسة التمويل الدولية : 14 مليار دولار .

الأمم المتحدة : 2 مليار دولار لتمويل جهود مكافحة الوباء في أفقر بلدان العالم .

الصين : 7 مليار دولار .

كندا : 5 مليار دولار كندي مخصص لبرنامج شراء سندات لتوفير السيولة لحامليها .

السعودية : 120 مليار ريال .

الامارات : 126 مليار درهم .

قطر : 75 مليار ريال قطري .

البحرين : 4،3 مليار دينار بحريني .

تونس : 850 مليون دولار .

مصر : 20 مليار جنيه لدعم بورصة الأسهم .

الأردن : 1،050 مليار دينار على شكل ضخ سيولة للبنوك ، 550 مليون من خلال تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي الالزامي على ودائع العملاء من 7% الى 5% .ومبلغ 500 مليون دينار اتفاقيات اعادة شراء من البنوك .

ومبلغ 500 مليون دينار، على شكل برنامج تمويلي لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال الشركة الأردنية لضمان القروض . لتسيير أعمال الشركات وتمكينها من الاستمرار في العمل والمحافظة على العاملين واستدامة دفع رواتبهم .

اضافة الى تخفيض عمولات ضمان القروض الى 0,5 % بدلا من 1% . وتخفيض سعر الفائدة على القروض الممنوحة للقطاعات الاقتصادية من برنامج تمويل البنك المركزي ليصبح بحد اقصى  2% .

2 – تخفيف البنوك المركزية للقيود التي كانت تفرضها على شراء السندات لمساعدة الدول التي تراجعت عائدات سنداتها .

3 – تخفيض أسعار الفوائد من قبل البنوك المركزية ، حيث خفضها البنك المركزي الأمريكي الى الصفر ، والبريطاني الى 0,1% ، والكندي الى 0,25% ، والمصري الى 1% فوق اللاييور ولا زالت الحاجة الى التخفيض من بنوك مركزية أخرى ، وأن تقوم بالزام البنوك التي تخضع لاشرافها بالتخقيض على المقنرضين لينعكس ايجابا ، ولا تترك ذلك اختياريا لتوجهات وقرارات البنوك وأن يتم ذلك تحت رقابتها .

4 – استخدام سعر الفائدة لمساعدة الاقتصاد واستمراريته ، واستقرار الدورة الاقتصادية وعدم قطعها ، والحفاظ على الوظائف ، والمحافظة على العلاقة مع العملاء والموظفينبشكل أكبر من عامل الربحية ، فالعاملون بعتبرون أكبر أصل من أصول المنشات والبنوك .

والتدخل من البنوك المركزية بشكل مباشر في ظل الظروف الاستثنائية لتحديد سعر الفائدة على التسهيلات الائتمانية وترك تعويمه ،والالزام والاعلان عن ذلك بشكل واضح لجمهور المتعاملين

5 – ضرورة انشاء صندوق عالمي تحت اشراف الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية لمواجهة أزمة كورونا، ومساعدة الدول على التخقيف من اثارها وتداعياتها .

6 – الطلب من مؤسسات الاقراض والصناديق الدولية تخفيض أسعار الفوائد لهذا العام أو الاعفاء منها للدول المتأثرة بالأزمة .

وكذلك الطلب منهم اعادة جدولة أقساط الديون التي تستحق هذا العام او الاعفاء منها ، وذلك ليتسنى استغلال المخصصات المرصودة المقابلة لها في الموازنات لمواجهة الانفاق على أوجه أخرى أكثر الحاحا وتخفيفالعجز والضغط على الموازنات لهذا العام .

7 – أن يتم انشاء صندوق طوارئ ذات استقلال مالي واداري وتنظيمي لمواجهة المخاطر الناتجة عن الأزمات والكوارث تكون موارده المالية بمساهمة مباشرة مستدامة وغير مؤقتة من الحكومة ومن القطاع الخاص بموجب قانون يلزم وينظم ذلك من حيث تحديد الجهات المساهمة ونسبة كل منها والية استيفائها وتوقيتها وتوريدها للصندوق، حتى تصبح عملية مواجهة اثار الأزمات والكوارث بشكل منظم ومؤسسي بعيدا عن طريقة الفزعة أوالرغبة في التبرع من عدمه .

8 – أن يتم دراسة انشاء صندوق الثروة السيادي للدولة والخروج بنتائجها وفق جدول زمني محدد ، بحيث تحشد فيه كافة أصول الدولة من موارد نقدية وعينية كالعقارات والأسهم والأوعية الاستثمارية ، لتوظيفها وتعظيم عوائدها وفق الممارسات الفضلى في الاستثمار وتوفير ايرادات اضافية للخزينة .

9 – أن يتم التقدم بشكل عاجل بطلبات الحصول على دعم ومساعدات طارئة من المؤسسات والصناديق الدولية والاقليمية العربية المانحة والتي أطلقت مبادرات وبرامج بهذا الخصوص لمساعدة الدول في مواجهة تداعيات الأزمة .

ونخص بالذكر صندوق النقد الدولي ، حيث بلغ عدد الدول التي طلبت المساعدة منه أكثر من 80 دولة وفق البيان الصادر عنه .

10– تأجيل استحقاق أقساط القروض للشركات والأفراد من قبل البنوك في الدول ، فبعضها قام بالتأجيل لثلاثة أشهر وبعضها ستة والاخر لنهاية العام الحالي ، وأن تلزم البنوك بذلك من قبل البنوك المركزية ولا يكون خيارا لها .

اضافة الى اجراء عمليات الهيكلة والجدولة بناءا على ادارة التدفقات النقدية للعملاء .

وأن تحذو مؤسسات التمويل للمشاريع الصغيرةوالمتناهية الصغر حذو البنوك في ذلك .

11 – دراسة امكانية تعليق العمل من البنوك المركزية لتعليمات احتساب المخصصات على التسهيلات الائتمانية الممنوحة للعملاء المفروضة على البنوك ، ولذلك لمدة زمنية تقررها مع اعادة النظر بها دوريالاتخاذ القرار المناسب بشأن استمرار تعليقها من عدمه ، اضافة الى المرونة وعدم التشدد في التطبيق .

وذلك على ضوء الخلل الذي أصاب التدفقات النقدية للمنشات والشركات والأفراد للقطاعات الانتاجية والخدمية المقترضة والمتأثرة من الأزمة ، والحيلولة دون دخولها في التصنيف المتعثر بفعل عوامل خارج ارادتها وتحكمها ، وتخفيف الضغط على ربحية البنوك لتتمكن من الاستمرار في القيام بأعمالها و دورها في دفع عجلة الاقتصاد وتوفير الأمن الوظيفي.

علما بأن اجراءا مشابها تم اتخاذه على ضوء أزمة سابقة ، وهي الأزمة المالية العالمية التي حدثت في أواخر العام 2008 .

وفي هذا السياق ، فقد صدر اعلان عن بنك التسويات الدولي بناءا على اجتماع لجنة بارل العالمية بتأجيل تطبيق تعليمات بازل (3) على البنوك لمدة عام والتي تعنى بمتطلبات الحد من رأس المال لمواجهة المخاطر، وهو ما يعرف بنسبة كفاية رأس المال للبنوك والتي يجبأن لا تقل عن 12% .

12 – التقليل من الاعتماد على النفط في بناء موازنات الدول النفطية ، والتركيز على واردات أخرى غير نفطية وايرادات مبتكرة وغير تقليدية .

13 – أن تقوم الحكومات باستغلال الانخفاض الحاد في أسعار النفط في ظل الظروف الراهنة لشراء النفط بعقود لاحقة بالسعر المنخفض والالتزام بالتسليم اللاحق لعدة أشهر أو سنوات ( التسليم مستقبلي حسب تواريخ يتفق عليها ) ، والعمل على التخزين وملء المخزون الاستراتيجي ضمن الحدود الممكنة وتوسيع نطاق ذلك ان أمكن للاستفادة من فرق السعر .

14 – تقليل النفقات العامة من خلال التخلي عن مشروعات البنية التحتية والطاقة التي لا تشكل أولوية وحاجة ملحة في ظل الظروف الراهنة للتخفيف من عجز الموازنات ، واللجوء الى القروض الداخلية أو الخارجية الميسرة لسد العجز .

15- رفع نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي في القوانين المنظمة لذلك ، لاتاحة المجال للاقتراض في حال وجود معوقات في تلك القوانين .

كما فعلت السعودية حيث أقرت بشكل عاجل رفع النسبة أعلاه الى 50% بدلا من 30% ، حيث من المتوقع وفق ما أعلنت وزارة المالية السعودية أن لا يتجاوز الاقتراض عن 100 مليار مليار ريال خلال مع نهابة هذا العام لمواجهة الانفاق بدلا من خيار اللجوء الى السحب من الاحتياطي المتاح لها .

16 – أهمية العمل من الدول المنتجة للنفط على طمأنة أسواق الطاقة وأسواق المال العالمية في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادية الخطيرة .

17 – ضرورة استمرار ادارات الشركات في التواصل مع الممولين والموردين والموظفين .

18 – تعزيز عملية التباعد الاجتماعي باحلالها محل التواصل الاجتماعي من خلال ترك المسافات الامنة أثناء الحركة والتنقل ، والعمل عن بعد لتبقى مؤسسات الأعمال عن قرب.

19 – دعم التعاملات المصرفية عبر الهواتف الجوالة والتطبيقات الذكية للحد من الازدحامات والتواجد المكاني في مراكز الشراء والدفع وتقديم الخدمة .

20 – استغلال الظروف الراهنة السائدة في الدول المصدرة لتعزيز ثقة المستهلكين المحليين بالمنتج المحلي والصناعة المحلية والجودة والسلامة الصحية التي تتمتع بها والتركيز على ادامة الاحتفاظ بالمخزون الاستراتيجي الغذائي والدوائي من الانتاج المحلي .

وتقديم الدعم والحوافز للاستثمارات الصناعية وعوامل الانتاج وتذليل العقبات التي تواجهها وتعميقتنافسيتها .

21 – التركيز في الاهتمام بمنظومة القطاع الصحي والبنية التحتية وحشد الجهود والموارد المالية والامكانيات الفنية لتعزيز الأمن الصحي ، والتي أثبتت التجارب العملية أن الكوادر الصحية والتمريضية والمساندة الأكثر أهمية في حياة الدول والأفراد وخط الدفاع الأول في مواجهة الأمراض والأوبئة يتحملون مخاطرها بشجاعة .

22 – تقديم الدعم الكافي للقطاع الزراعي باعتباره السلة الغذائية لأي دولة ، وتوفير متطلبات ومستلزمات الانتاج بشكل يتناسب مع امكانيات وقدرات المزارعين ويرسخ عملهموجهدهم الدؤؤب في الأرض الزراعية في سبيل توفير الغذاء السليم والاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي والذي ظهر أهمية ذلك جليا في الظروف الراهنة وتعطيل سلاسل الامداد والانتاج واغلاق الدول حيث العالم أصبح مغلق ،وأن الأسوأ لم يأت بعد حسب رأي الخبراء الاستراتيجيين .

23 – لقد قارنت وسائل الاعلام الأمريكية الاجراءات التي اتخذها الأردن لمواجهة كورونا ببقية دول العالم ، حيث اعتبرتها من أفضل الدول تعاملا مع الوباء في العالم .

وهذا ليس ببعيد عن وطننا في مواجهة الظروف الطارئة بتكاتف وتماسك وتعاضد القيادة والحكومة والشعب ومؤسساته الوطنية كافة .

زياد الرفاتي / خبير مالي واقتصادي