عبدالفتاح طوقان ..زيتونة شرقية غربية
كتب: اطراد المجالي
كثيرا هي الكلمات التي نسمعها صغارا من آبائنا ، نحفظها ونستشعر فيها قوة ومنعة، وما لم نفهمه نحتفظ به حتى يأتي من يعطينا فهما كافيا عنها، كان والدي متعه الله بالصحة والعافية كلما قص عليه احدهم شيئا من فضائل الناس يقول: "ابن الاصل لا تخاف منه خاف عليه"وهي مما احتفظت به لأحياه في كثير مما يمر بي من مواقف.
الاستاذ الدكتور المفكر بالعلاقات الدولية والمهندس المهاجر دوما بحثا عن رزقه عبدالفتاح طوقان، قصة لا يحويها مقال ولا كتاب، رجل من اولئك الذي يرون عمان في منتصف سبيعنات القرن الماضي حيث احسن الوجبات في المطاعم بربع دينار، الناس تعرف بعضها جيدا وتعرف ثلاث اشياء بدأت للحسرة بعضها يشابهه الضمور وهي: "عيب، ولا يجوز، وحرام"، درس في كلية فيكتوريا التي درس بها الملك الحسين و الامير رعد و الامير زيد بن شاكر و زيد الرفاعي و هاني الملقي، رفض بعثة دراسية من الامير رعد شاكرا له وقائلا: لعل احدهم احوج اليها مني، ورفض الف دينار من الامير حسن مشا ركة لسموه في جنازة امه رحمها الله شاكرا وممتنا وقائلا: لعل احدهم احوج اليها مني، حصل على الصفح والعفو وهو ابن اربعة عشرة عاما من جلالة الملك الحسين بن طلال لعمه صبحي طوقان مرافق الملك طلال رحمه الله، وتحدث بحب وولاء لجلالة الملك عن جملة الصفح بقول جلالته: عفو وسماح، هذا وطن مفتوح لكل ابناءه اهلا ومرحبا به.
عبدالفتاح طوقان تاريخ كامل من العلاقات للعائلة المالكة ومعظم مسؤولي الدولة الكبار وعلى مر السنيين، وما زال ذلك الرجل الذي يعمل ليكفي نفسه وعائلته ولم يتحول كما وصف في مقال له" الى الة حصالة تضع فيها الاجهزة النقود فتصدح يمينا وشمالا على قدر القيمة المرصودة واتجاه تلك الاجهزة.
اطلعت على معظم مقالاته وسيرة حياته، واعتقد اني لم اجد محبا للعشائر الاردنية كمثل عبدالفتاح طوقان، فتحس عندما يذكر العشائر الاردنية كانما اتيحت له الفرصة ليصف معشوقة له او حب ازلي فيصفهم بالرجولة و الحصافة و الذكاء و الشهامة و يعترف بنهله من أدبياتهم و أخلاقياتهم و صبرهم، فضلا عن انتماء حقيقي للاردن وولاء مطلقا لقيادته.
عبدالفتاح طوقان، سنديانه تستطيع ان يستظل تحتها كل الاحرار الذين لم يركبوا موجة كسب واسترزاق، مهاجما شرسا لكل من تاجروا وانقلبوا وكانوا من اصحاب المبادىء الرخيصة التي كلما اتسخت ابدلوها، عبدالفتاح زيتونة شرقية وغربية كلما نظرت اليها علمت انك في تلاحم اردني فلسطيني حقيقي وليس للاستعراض او "تخليص مجالس"، حر لا يرحم اذا كان الامر يتعلق بالاردن وقيادته وعشائره حتى اني كشرق اردني لا اجاريه احيانا حرصا على فهم الاخرين الخاطىء ولكن عندما ينطق طوقان لا احد يزاود على لمعان صدق كلماته.
عبدالفتاح طوقان، قيضت له الفرص اقلها مما استغلها غيره وضعته في مفاصل كثيرة من اصحاب الدولة والمعالي، ولكنه عبدالفتاح الذي دوما يقول انا اردني حتى العظم وما احلى ان تتاح لغيري هذه الفرص، وقد يكون من حظنا كاردنيين ذلك الحر الذي طالما يقول: الملك يسمع والملك يريد والشعب يريد وما بين الشعب والملك اجهزة اما انها لا تريد او لا ترقى لمستوى انجاز لما يريد الملك وما يريد الشعب.
عبدالفتاح يشبه ابو ياسر عساف الخليلي الذي سكن بجوارنا في بداية السبعينات بطيبته وصدقه، والذي لن انسى انه ضربني صغيرا " كفا" قاسيا عندما رآني ادخن ويعلم من هو والدي في اهله، بدافع انه العم والخال والجار والذي يجرؤ ان يأنبني لاني شيء يحبه ويخاف عليه. كما يشبه اولئك الذين نتغنى ونعتز بكيفية حبهم لوطنهم فكرا وعلما كوصفي وهزاع فعبدالفتاح عندما يتحدث عن اولئك الزعماء وكأنه يترجم لك كلمة حب الاوطان، عبدالفتاح العائلة التي ضربت ليس جذورها ثورة فقط بل علما وشعرا وادبا وفكرا اردنيا وفلسطينيا وعربيا، فصدق والدي" ابن الاصول لا تخاف منه خاف عليه".