الجيش بعنفوانه ورجولته وانسانيته
حسين الجغبير
بالتأكيد نجحت الحكومة في قيادة دفة أزمة كورونا، واثبتت قدرتها على التعامل مع الأزمات، وهذا ما ساهم إلى حد كبير في ردم الفجوة الهائلة التي كانت تحكم علاقتها بالمواطنين، ونأمل أن تواصل صحوتها فيما يعود بالفائدة على الأمن الصحي والاقتصادي للوطن. بيد أن هناك طرف آخر في المعادلة، هو مبعث الطمأنينة والهدوء والسكون، ومنبع الثقة العالية التي يرتوي بها كل أردني في كافة أرجاء الوطن، هذا الطرف لا يرى سوى خدمة الدولة والمواطنين، يعمل ولا ينتظر شكرا أو تكريما، يواكب الحدث لحظة بلحظة. بل يتميز هذا الطرف بأنه الأكثر دراية وحرفية، وانضباط، وقدرة على فرض الهيبة والأمر الواقع عند اللزوم، تتمسمر الأقدم أمامه، احتراما وتجليلا وتقديرا، ولا يمكن أن يرفض له طلبا. الجيش، والأجهزة الأمنية، التي تجوب الشوارع سعيا منها لأن تكون خط الدفاع الأول في مواجهة فايروس كورونا، تعمل على ضبط ايقاع الحياة، تطبق القانون بلا هوادة أو محسوبية، تتسلم زمام الأمور بكل اقتدار. بها ومعها، قادر الوطن على تجاوز التحديات والصعاب، نطمئن عندما نراهم على متن مدرعاتهم ومركباتهم العسكرية، ويهم يلتحفون السماء، في البرد والحر، لا يأبهون بشيء، ويقاتلون من أجل حمايتنا. ورغم أن قسوة العسكرية رسمت ملامح وجوههم، وهيبة الزي العسكري تراه عن بعد مئات الأمتار، إلا ما أن تقترب إليهم حتى تجد ابتسامتهم تسبق كل ما ذكر، تشعر بأنهم جزء منك وأنت جزء منهم، ربما تصادف من بينهم أخ لك، أو قريب، أو جار، فالأردنيون أسرة واحدة يعرف بعضهم بعضا، لذا ترى الأطفال يرمونهم بالورود كلما مروا من قربهم. في إدارة هذه الأزمة، وليس من الشارع فقط، برز دور قيادة الجيش والأجهزة الأمنية بشكل جلي، وباتت لمساتهم محط احترام الجميع، في الأردن وخارجه، فهم يتابعون كل تفصيلة. يشاركون بالخطط والاستراتيجيات والتصورات، همهم لم يعد الجانب الأمني فقط، حيث ينظرون إلى الوطن بأبعاده الاجتماعية، عبر تنظيم الناس والوقوف على احتياجاتهم ومطلباتهم الصحية والمعيشية، وعلى الجانب الاقتصادي تراهم يلتقون مع قطاعات عديدة يستمعون إلى ملاحظاتهم، ومطالبهم يحاولون تذليلها ما أمكنهم. رجال الجيش والأمن، يملأون المكان الذي يجلسون فيه، يتحدثون بثقة ودراية، وقبل كل ذلك يملأون عيون وقلوب الأردنيين الذين يعلمون جيدا أن الوطن، وهم وأبنائهم، في يد أمينة، لا يعرف الفساد لها طريقا، ولا تنظر للأمور بمحسوبية، ولا تجامل أو تنافق أو تحابي من أجل مصلحة شخصية. هذا الوطن، بعنفوانه ورجولته وانسانيته، تجده في عيون كل عسكري وضابط تمر من جواره، وتود أن تقبل جبينه بهجة به.