رسالة من أبناء الحراثين إلى أصحاب الملايين
فيصل الخزاعي
بما أن الخطب جلل والمصاب عظيم بدخول هذه الجائحة الخطيرة على وطننا الغالي بدون تأشيرة دخول ولا موافقات أمنية مسبقة ، فعوضا عن أن أنهي رسالتي هذه من ألشعر أو عبارات مؤثرة فيما جرت به العاده ، آثرت أن أبدأ فيها لقوة معانيها ولشدة ملامستها واقعنا الصعب الذي نعيشه في هذه الظروف الإستثنائية محاولا بذلك إستنهاض همم أصحاب الملايين ممن يشاركونني الرقم الوطني .
ورسالتي هذه أخص بها الصامتين والمعتكفين في قصورهم المشيدة في أنحاء وطني من كبار أصحاب رؤوس الأموال وأصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة وقادة الجيش والأجهزة الأمنية السابقين ، فكلما أسمع صرخات عمال المياومة وأصحاب محلات الحلويات والمطاعم وورش الميكانيك والصيانة وسائقي التاكسي والمراكز والعيادات الطبية وغيرهم الذين يعيشون يوما بيوم ، قلت أين أنتم يا أصحاب الملايين الذين جمعتم أموالكم من خيرات هذا الوطن ، ولحم أكتافكم وأرقام سياراتكم جمعتوها من عرق أبناء هذا الوطن ، وحصلتم على ألقاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة بدون كفاءات لديكم ، وتورثتم المناصب وورثتموها إلى أبنائكم وأنسابئكم وأصدقائكم نتيجة لعلاقتكم ، وتم إسقاطكم على المناصب بالبروشوتات بدون أية معايير .
أخص برسالتي هذه للذين لا يستحون ولا يخجلون على أنفسهم وكأن الدماء تجمدت في عروقهم ، أخص مما أكتنزوا الأموال نتيجة العطاءات والتنفيعات والمصالح المشتركة ، وكلما أسمع آهات المعذبين في بيوتهم الذين لا يستطيعون أن يوفروا قوت عائلاتهم ، أقول للذين يقبعون في قصورهم ( مسجونين ) خلف أربعة جدران خائفين على أرواحهم من هذا الوباء القاتل لا يعنيهم الوطن شيئا ، ويعتبرون هذا الوطن الغالي شقة مفروشة يحزمون حقائبهم في آية لحظة لمغادرته .
رسالتي هذه لأصحاب الملايين الذين كنزوا الأموال ووضعوها في البنوك الخارجية متناسين أن هذا الوطن كان أرض خصبة وبقرة حلوب لهم ، أيعقل بأن أصحاب الملايين المنتشرين بيننا وفي شتى أصقاع الأرض عاجزون عن تقديم ولوو الخمس من أموالهم لهذا الوطن الذي يستنجدكم ، أفلا تحرككم يا أصحاب الملايين وتحرك ضمائركم تلك المشاهدات المؤلمة من أبناء هذا الوطن يقفون بالطوابير لساعات أمام المخابز ومحلات الخضار والسوبرماركت لشراء مستلزماتهم الضرورية لعلائتهم ، لماذا هذا الخذلان منكم فالأردن يستحق الكثير منكم ، فهل قست قلوبكم لتشغلكم أموالكم وأولادكم وقصوركم وسياراتكم وخدمكم ،
قبح الله الدنيا ألتي لا تعادل عند الله جناح بعوضة ، هل سلمتم لهذه الدنيا الفانية بالعبودية لأموالكم ورضيتم بالذل والهوان ، فماذا دهاكم هل من رجعة إلى الله لتتداركوا أنفسكم قبل فوات الأوان يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم ، فيا أصحاب الملايين لا تمنوا على هذا الوطن الذي قدم لكم الكثير بتقديم فتات أموالكم ، فيتبرع أحدكم بالقليل فيعتقد بذلك أنه أدى الواجب المترتب عليه ، وحقيقة ما يملك لا يتناسب أبدا مع ما قدمه .
فهذا موطن بذل وعطاء فأنا لا أطالبكم بالمستحيل ، فلم أدعوكم بتقليد الصحابة بالتبرع بجل أموالكم كما فعل سيدنا عثمان رضي الله عنه حين جهز بمفرده جيش العسرة ، فجيل الصحابة هو بحق جيل فريد من نوعه ولكن أدعوكم للتشبه بهم ، فأطالبكم بالتبرع للوطن ولأبناء هذا الوطن الغالي بأدنى حدود المعقول ، سامحكم الله وإن غدا لناظره قريب لمحاسبتكم ، والتاريخ لن يرحمكم والشعوب ستدعوا عليكم لا إليكم .