الأنظمة التربوية قلقة بشأن تقييم الطلبة
الدكتور: رشيد عبّاس
تسعى الأنظمة التربوية جادة الخروج من مشكلة تقييم ما تعلمه الطلبة في ظل جائحة فيروس كورونا وما ترتب على هذه الجائحة من إجراءات تربوية متباينة, ففي الوقت الذي انقطع فيه الطلبة عن الذهاب الى المدارس فترة من الزمن, ولجوء الأنظمة التربوية الى التعلم عن بعد او ما يسمى بـ(التعلم الالكتروني), فان عملية التقييم باتت امام تحدٍ كبير, فالأصل في عملية التقييم ان تتم لما تعلمه الطلبة ودرسوه فعلا, وليس لما هو كان مخطط له مسبقا,..والسؤال هنا كيف سيتم تقييم تحصيل الطلبة تقييما واقعيا في ظل جائحة فيروس كورونا؟
قبل كل شيء, ينبغي ان تكون عملية التقييم لما تعلمه الطلبة ودرسوه فعلا, وليس لما هو كان مخطط له مسبقا ولم يتعلمه او يدرسه الطلبة, بمعنى تقييم ما تعلمه الطلبة ودرسوه فعلا سواء كان ذلك في المدرسة او في المنزل من خلال التعلم الالكتروني, ومن هذا المنطلق ترى بعض الأنظمة التربوية ضرورة تخفيف اوزان الوحدات التي تم تعلمها ودراستها من قبل الطلبة من خلال التعلم الالكتروني كون ثقة المعنيين بهذا النوع من التعلم لا تصل نسبته الى 25% في الوقت الحالي, حيث هناك شكوك في عدم تمكن الطلبة من فهم او استيعاب محتوى المنهاج بهذه الطريقة غير التفاعلية, او ربما التباين الكبير نتيجة لبعض الامور الفنية المتعلقة في التكنولوجيا داخل الاسرة, وهذا ينعكس بدوره على صدق معيارية التقييم.
ثم ان هناك مسالة اخرى تعتبر الأخطر من تغيير الاوزان في العملية التعليمية التعلمية تتعلق بحذف بعض الوحدات من المنهاج, فالحذف عادة يتم للوحدات الموجودة في المنهاج والتي لم يتعلمها او يدرسها الطلبة على الاطلاق سواء كان ذلك في المدرسة, او في المنزل ومن خلال التعلم الالكتروني, حيث ان المحتوى(وحدات المنهاج) ينبغي ان يكون مبني بناءً متكامل ومتسلسل ومتتابع عند عملية تصميم المناهج, وان اية ازاحة او حذف في هذا المحتوى (وحدات المنهاج) يؤدي بالضرورة الى اخلال كبير وكبير جدا في عمليات بناء المعرفة التراكمية لدى الطلبة ومن ثم تراجع قياس تقييم ادائهم.
التلاعب بأوزان الوحدات, او حذف بعض من وحدات المنهاج نتيجة لسبب او لأخر, يعتبر من محرمات العملية التعليمية التعلمية, ففي كلتا الحالتين يتم فقدان جزء كبير من عملية التقييم الواقعي للطلبة والذي يُفترض ان يضمن لنا قياس ما ينبغي قياسه من ما حصله الطالب من المنهاج, ويضمن لنا ايضا وضع درجات حقيقية للطلبة, ومن ثم رتب(مسافات) معيارية بينهم.
اليوم جميع الأنظمة التربوية في معظم دول العالم قلقة وتقف مكتوفة الايدي اما تحدٍ كبير يتعلق بكيفية تقييم الطلبة في ظل جائحة فيروس كورونا, ويبقى السؤال المعلّق هنا: ما هو الحل والإجراء الاقل ضررا على عملية التقييم بمجملها في ظل جائحة فيروس كورونا التي مرّت بها الأنظمة التربوية وما ترتب عليه من إجراءات تربوية ادّت الى انقطاع الطلبة عن الذهاب الى المدارس فترة من الزمن, ولجوء الأنظمة التربوية الى التعلم عن بعد او ما يسمى بـ(التعلم الالكتروني)؟
اعتقد ان البدائل المتاحة لعملية التقييم لن تخرج عن تغيير أوزان الوحدات التي تم تعلمها ودراستها من قبل الطلبة عبر التعلم الالكتروني ولصالح الوحدات التي تم تعلمها ودراستها في المدرسة من قبل تفاعلهم مع المعلمين, ثم حذف (فقط) الوحدات التي لم يتم تعلمها ودراستها سواء كان ذلك في المدرسة او في المنزل من خلال التعلم الالكتروني, وضرورة الابقاء على جميع وحدات المنهاج التي تم تعلمها ودراستها في المدرسة او في المنزل من خلال التعلم الالكتروني, لضمان بقاء تكامل وتسلسل وتتابع المنهاج, وذلك لضمان التقييم الواقعي الشامل لجميع عناصر المحتوى والموزع على تراكمية وحدات المنهاج.
وقد تلجأ بعض الانظمة التربوية الى ما يسمى بـ ضغط المنهاج في مدد زمنية قصيرة, مع ان مثل هذا الإجراء سينعكس سلبا على فهم واستيعاب الطلبة, وهذا الإجراء قد يُضعف ويقلل من موثوقية نتائج تحصيل الطلبة الحقيقي, وبالتالي الإخلال في عملية تقييم الطلبة بمجملها, فالمنهاج ينبغي ان يعطى للطلبة وفق تسلسل زمني متباعد ولا يجوز اعطاءه في مدة زمنية قصيرة, فان ذلك يؤدي الى فهم واستيعاب خادع, والذي يؤدي ايضا بدوره الى عملية تقييم خادعة للطلبة.
والحال هكذا, على الجميع ان يلتمسوا للأنظمة التربوية الاعذار في ظل جائحة فيروس كورونا واتباع الطريقة التي تراها مناسبة,..فليس أمام هذه الأنظمة إلا تغيير أوزان الوحدات, او حذف بعض وحدات المنهاج, او ضغط المنهاج في زمن قصير, او مرور جميع الطلبة من فوق جسر الـ(50) % وهي امور أحلاها علقم كما يقال في البعد التربوي.
بقي ان نقول, الأنظمة التربوية قلقة في جانب تقييم الطلبة, وستبقى دائرة شك كبيرة حول نتائج تحصيل الطلبة يصعب تضييقها في ظل جائحة فيروس كورونا, واصعب من كل ذلك, هو اتخاذ قرار.. ان الكل ناجح.
مع أنني ضد رسوب أي طالب اجتاز جائحة فيروس كورونا بسلام..