ننتظر ما ستفعله الحكومة بعد العيد


أنباء الوطن -

نضال منصور 

 

 بعد قصة سائق شاحنة المفرق تزايدت القناعات عند الحكومة وحتى عند الناس بصعوبة خلو الأردن من الإصابات بفيروس كورونا تماما، وشعرت أن هناك تحولا في المزاج العام للتعايش مع ظهور إصابات هنا وهناك ما دام الجهاز الصحي في البلاد قادرا على السيطرة، ومنع تفشي العدوى والقيام بالتقصي والتتبع الوبائي. صحيح أن هناك «فورة غضب» من التقصير في ضبط الوضع على حدود العمري، ولكن هذه الحادثة رغم مرارتها فتحت العيون على أسئلة المستقبل أكثر، خاصة أن منظمة الصحة العالمية تُذكرنا أن الفيروس لن ينتهي قريبا، وعلينا التعايش مع هذه الحالة، وبذات الوقت فإن إنتاج اللقاح ليس أمرا وشيك الحدوث، وربما يمتد إلى بدايات العام المقبل. في الكُراس الذي أصدره مركز الدراسات اللإستراتيجية تحت عنوان «ما بعد كورونا التحديات والمخاطر» حديث واضح أن استمرار الإغلاق وحظر التجول سواء أكان جزئيا أم شاملا له كُلف صعبة، ويحذر من احتمالات تصاعد «الغليان الشعبي» الناتج عن الإغلاق عندما تتساوى مخاطر الإصابة بالعدوى بتزايد الشعور بالفقر الناجم عن فقدان العمل. الرضى الشعبي الذي تحوزه الحكومة في استطلاعات الرأي بسبب نجاحها في إدارة الأزمة والحد من فرص تفشي الوباء، لا تحجب الرؤيا عن الصعوبات والتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فالحكومة الآن مُطالبة بالتعامل الحصيف مع أزمة اقتصادية متنامية، وتأكيدات كبيرة على تزايد المتعطلين عن العمل، وإغلاق الكثير من المنشآت والأعمال لأبوابها بشكل نهائي، وبالمقابل فإن زمن المساعدات الخليجية قد ولّى مع الهبوط الحاد لأسعار النفط، وحتى الدول الأوروبية وأميركا لديها أولوياتها وأجندتها ومصالحها، والاعتماد على الذات شعار يحتاج تطبيقه لرحلة طويلة وليس بين ليلة وضحاها. ما ينطبق على الوضع الاقتصادي ينسحب على التحديات السياسية والاجتماعية بتفاصيل مختلفة، وهو ما يستدعي أن نسأل بقلق ما هي الخطوة القادمة للحكومة، ننتظر ما ستعلنه وتفعله بعد إجازة عيد الفطر، وعودة الوزارات والمؤسسات العامة للعمل؟ كل أصحاب العمل وحتى الناس اختنقت في بيوتها من حظر التجول الشامل أحيانا، والجزئي دائما والذي يمتد من السابعة مساء وحتى الثامنة صباحا ويطالبون بإلغائه وعودة الحياة لطبيعتها، أو على الأقل زيادة الوقت المسموح بالتجول حتى الساعة 12 ليلا، وإلغاء نظام الفردي والزوجي لقيادة السيارات، والتركيز على التدابير الوقائية للصحة والسلامة العامة، وضمان سلامة من يدخلون عبر الحدود، وعندها السماح بفتح كل الأعمال بما فيها المطاعم والكافيهات. العالم بدأ يفعل ذلك، وحتى الدول التي فتك بها الوباء تُعيد الأعمال والحياة لطبيعتها، وهم يصبون جهودهم على تطوير منظومة القطاع الصحي، والاستمرار في الإجراءات الوقائية مثل التباعد الجسدي بين الناس. سيقول لي البعض أن الالتزام المجتمعي في بلاد كثيرة أفضل حالا من عندنا؛ فالناس تتجنب التزاحم، وترتدي الكمامات والقفازات طوعا، في حين المقاربة لدينا مختلفة، ففي رمضان العديد من العائلات أقامت مآدب إفطار، ولم تُصغِ للنصائح بإلغائها، وهناك من هم مستعدون للطواف في العيد على أقربائهم للمُعايدة، والاستمرار في عادة التقبيل. لن أنكر أن هذا يحدث، ولكن الظواهر الاستثنائية يجب أن لا توقف وتعطل الدولة، وتصبح حجة وسيفا مسلطا على الأغلبية التي تلتزم وتريد أن تعود عجلة الحياة.