لماذا ينتقد المسؤولون القدامى الحكومة؟
بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو
يطرح أصحاب الدولة والذوات بين الفينة والأخرى آرائهم من خلال صفحاتهم على الفيس بوك أو من خلال محاضراتهم وندواتهم يطرزون خلالها ملاحظات تتعلق بالاداء الاقتصادي للحكومة ويتهمونها بالتقصير والعجز وانها لا تمتلك رؤية للخروج من الازمة الاقتصادية، وعلى الهامش يقدمون وجبة من الاقتراحات النظرية ظاهرها ناعم وجوهرها فارغ وصعب التطبيق،وهو تغميس خارج الصحن، هذه المتلازمة الاصلاحية الدعائية غالبا ما يستخدمها كبار رجالات الدولة بعد تركهم المناصب. وينطبق عليهم المثل القائل الحكي عـ المرتاح سهل، واعتقد هنا ان القصة لا تتعلق بجوهر المسارات الاقتصادية والاصلاح وربما يتعلق الامر بمشاحنات وتنافس محموم لتعجيل حجز الادوار في مراكب الحكومات القادمة وهنا لا أخص شخصاً بعينه بل الحالة تنطبق على كثير من الطامحين لانهم لم يقدموا شيئاً اثناء خدمتهم . ان من ابجديات الحديث عن إحداث نمو اقتصادي هو التركيز على الانتاج الملائم لبيئة الدولة من حيث الامكانات البشرية والمادية، والبيئة الكلية لذلك بما فيها القدرة على تسويق الانتاج والجودة نقطة أول السطر، والاهم من ذلك ايضا العمل على تغيير السلوك الانتهازي المصلحي المتمثل بالمحسوبية والواسطة، التي دمرت مقومات الشخصية الاردنية عندما كانت تعتمد على العمل في الزراعة والعمل الحر والانتاج لتتجه بعد ذلك الى العمل الحكومي والتقاعس بعد ان عملت الحكومات المتعاقبة دون استثناء على تعزيز المحسوبية والواسطة حتى اصبح الشخص لا يفكر الا بالوظيفة العامة مهما كلف الثمن، وانعكس ذلك ليعزز الجوانب السلبية من حقد وحسد اقران لدى الاشخاص وشعورهم بانتقاص حقوقهم عندما يشاهدون ممن في مستواهم وهم اصحاب الحظوة يتقلدون ارفع المناصب ويتقاضون أعلى الرواتب. الاصلاح الاقتصادي لا يمكن إحداثه بمقالة او بوست أو توجيه سهام النقد للحكومة وقد تكون اجراءاتها وقراراتها يشوبها أخطاء في حالات كثيرة ولكن الموضوع يتعلق بجملة عوامل ومحددات جزء كبير منها خارج عن ارادتنا، ومع كل ما نسمعه من نقد يوجه الى الحكومة قد اتفق مع الجزء المتعلق بالتنفيعات منه، ولكن الاجراءات الاخرى لن تستطيع اي حكومة عمل اكثر مما عملته هذه الحكومة التي تعتبر وفقا للاستحقاقات الدستورية في فصلها الاخير او ربما الخاتمة. وحتى نكون منصفين فان الحكومات تتحمل المسؤولية كاملة عن كل قرار تتخذة سواء كان ايجابي ام سلبي، وربما يجد المنتقدون بعض النوافذ التي يصيبون الحكومة فيها بمقتل وهذه النوافذ يدرك ابعادها الكثيرون ، فالحكومة هي خلية عمل تأخذ بالحسبان الجوانب الامنية والعلاقات الدولية والابعاد الاجتماعية في كل خطوة تخطوها لذلك قد يبدو القصور واضحاً احيانا في السياسات ولكن اي حكومة لا تستطيع تجنب ذلك، الحكومة تدير الدولة بكل ما تواجهه من تحديات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني، وليست شركة تركز على جوانب الربح والخسارة فلذلك بعض الذين يفكرون بهذا الجانب"المادي" إما واهمون وإما يتعمدون توجيه الانتقادات رغم معرفتهم بدقائق الامور. رأس الدولة هو جلالة الملك وهو الذي يقدر ان كانت الحكومة قد ارتكبت اخطاء ام لا وهو الذي يأخذ بالحسبان كل زوايا المشهد على الساحة الداخلية والخارجية وعلى ضوء قناعاته وما يخدم المصلحة العليا للدولة يتخذ القرار في التغيير او التعديل فلماذا يتصدى البعض للتشويش وهو يعلم علم اليقين انه اما يتسلى أو يشكك في وعي الناس لفهم ما يكتب وينشر ويوزع. كل الاحترام لاصحاب الاراء سواء عجبهم ما نكتب أم لم يعجبهم لان الناس ملت من إعادة تدوير هؤلاء الاشخاص، ونأمل أن تكون المصلحة الوطنية العليا هي غاية الجميع دون استثناء عند توجيههم انتقاداتهم وهناك من اثبت نجاحه بالفعل وقد يكون مهيء للمرحلة المقبلة بعيدا عن جماعة الفيسبوك