الارتقاء بالسياحة العلاجية
رلى السماعين
ها قد عدنا الان تدريجياً إلى الحياة الطبيعية، التي نأمل أن تستمر لمرحلة لا نرى فيها موجة ثانية من الوباء الذي تفشى وأرعب، وباء فايروس كورونا المستجد.
في المرحلة القادمة نحن مطالبون بأن نخطو بثبات إلى الامام مستفيدين من هفوات وسقطات الماضي كي لا نزلّ مرة أخرى. الاعتماد الحالي كما يرى المسؤولون هو على السياحة الداخلية، وهذا أمرٌ ضروري ومُحبذ مع التنبه لفرض القوانين التي تحافظ على نظافة البيئة وحمايتها من العبث والاساءة من دون تهاون.
وهناك أيضاً نوع آخر من السياحة في غاية من الاهمية علينا تنظيمه وتنقيته وتلميعه حتى يكون جاهزاً عندما نفتح أبوابنا للعالم الخارجي، وأتكلم هنا عن أهمية السياحة الطبية التي اشتهرت بها المملكة. يملك الاردن أعداداً ونوعيات من الاطباء بكافة الاختصاصات معروفين بتميزهم في مجالاتهم الطبية على مستوى المنطقة والعالم. لذا الحديث بصراحة مما يتم تداوله في الجلسات المغلقة أمر في غاية الضرورة والاهمية لغايات استمرارية النهوض في هذا القطاع، كما أمر جلالة الملك. لن أخوض في التفاصيل، ولكن يحق لنا أن نتساءل: ما هي أسس تنظيم هذا القطاع المهم الذي دخله الكثير من التشويش؟ مسؤولية المسؤولين في هذا القطاع الان هو تنظيم العلاقة بين الطبيب، والصيدلية، ومراكز الاشعة، والمختبرات، وشركات بيع الادوية كي لا تتكسب على حساب المواطن. يُسمع بموضوع «السمسرة»، والنِسَبة» على بيع الادوية، بالاضافة إلى الرحلات المرفهة لبعض الاطباء وكلها على حساب المواطن المسكين.
أعتقد بأن القيم الحميدة التي كانت سائدة في الماضي هي غيرها الان، وانسان الماضي ومبادؤه هو غير انسان الحاضر، فقد تشوه هذا الاخر بفعل الانانية والجشع، فالقيم التي كان متعارف عليها بالسابق بين الاطباء تغيرت وباتت المطامع أمرا طبيعيا وواقعا يُعاش. فمثلاً وسوف أعطي والدي الدكتور هاني كمثال، وهو من أوائل أخصائيي الأطفال في محافظة مادبا، كان في بيتنا صيدلية داخل المكتبة في غرفة الجلوس، وكان والدي يشتري أدوية متنوعة ويبقيها لسد احتياج كل من يطرق باب بيت «الحكيم» في أي وقت من النهار أو الليل. وشيء بديهي أن لا يأخد بالمقابل من الذين يلجؤون إليه وقت الحاجة، فهو بالاضافة الى القيام بدوره كطبيب يفحص ويعالج، ويعمل أيضا على تزويدهم بحاجتهم من الدواء. وهكذا كبرنا وتعلمنا نحن أبناؤه الخمسة أن نعطي بسرور دون مقابل، وتعلمنا أهمية أن نسند بَعضَنَا البعض كمجتمع صغير يمتد ليكبر، لانه عندما نتحدث عن فرد ما، علينا أن لا ننسى أنه ابن المجتمع، والبطولة ليست في التسلط على ماله، أو عندما نتحدث عن دور الشعب بالمجتمع، ونهضم حق الفرد، لان علاقة الفرد والمجتمع هي عملية تفاعل تامة ومتكاملة.
نتحدث عن التضامن الاجتماعي الذي هو حاجة المرحلة من دون أن نسقط حاجة الفرد إلى الاهتمام والرعاية وخاصة الطبية، وعليه نرى الجهد الاستثنائي المطلوب من المسؤول في تحسين النوعية، وليس بزيادة الكمية لمواجهة الخلل فنحن قادرون على ليس فقط أن نرى ونحدد أية مشكلة، بل وأن نجد لها حلولا مناسبة ومرضية للجميع.
*كاتبة، صحافية، وناشطة سياسية-إجتماعية