كيف نكافح الفساد؟


أنباء الوطن -

بقلم الدكتور قاسم جميل العمرو

الخوض في مناقشة مصطلح الفساد له محاذيره وخطورته لصعوبة استيعاب نوايا الشخص من قبل الاخرين وقد تفسر بطريقة غير نزيهة لتقويل الشخص خلاف قصده ولكن سنحاول الادلاء بدلونا رغم دقة الظروف لعل وعسى نقدم شيء يُغني الثقافة السائدة حول هذا المصطلح الخطير رغم قناعتي ان الفساد حالة لا يمكن الغاء وجودها ولكن اذا صدقت النوايا يمكن معاقبة مرتكبي هذا الفعل الفاحش كما بقية الجرائم التي تشهدها المجتمعات، مثل القتل الزنا المخدرات الكذب وخلافه، وهذه سلوكات يجرمها القانون كما الفساد ولكن ليس بيد اي دولة بالعالم انهاء هذه الجرائم الجنائية او الاقتصادية او الاجتماعية. العبرة بجدية الحكومة وايجاد الطرق العملية المدعمة بشرعية القانون لمعاقبة مرتكبيها، هنا يبرز سؤال كيف اعاقب قاتل دون الاستناد الى نص القانون وتوافر اركان الجريمة لايقاع عقوبة السجن او الاعدام على مرتكب جريمة القتل، القانون عرف الفساد في أكثر من مجال فهو الاعتداء على المال العام او الاثراء بسبب الوظيفة او عن طريق الرشوة، او غسيل الاموال ......الخ. الدول المتقدمة استخدمت طرق ووسائل متقدمة جدا لمكافحة الفساد فحين محاكمة فاسد او متهم بالفساد تعمل ذلك بكل سرعة وسهولة، لان الغاية هو معاقبة الفاسد الذي انطبقت عليه جرائم الفساد، واذكر ان هيئة الفساد نظمت ورشة عمل قبل عدة سنوات حاضر فيها شخص امريكي عن كيفية اكتشاف الفساد ..فقال بكل بساطة ..راقبنا موظف جمارك عند توليه وظيفته لم يكن يملك سيارة ولا شقة وبعد مرور سنتين زادت ثروته بشكل ملحوظ "امتلك سيارة وشقة ونحن نعلم ان راتبه لا يكفي لذلك، فتمت توجيه التهم اليه باستثمار الوظيفة واعترف بارتكابه مخالفات وتمت معاقبته" استمعت قبل ايام لحديث دولة رئيس الوزراء حين طلب عبر فضائية المملكة وطلب الابلاغ عن حالات الفساد من قبل المواطنين حتى تتمكن اجهزة الرقابة من المتابعة، هذه الدعوة تدخل الناس في متاهة وتفتح الباب على مصراعيه للاضرار بالناس خاصة انهم يتداولونها بشكل كبير وغير منضبط، واخذت طابع محاكمات سياسية من قبل الشعب، ولا بد من الاتي: اولا: التعامل بعدالة مع الجميع بغض النظرعن مكانتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية . ثانيا: سن قانون من اين لك هذا؟ على وجه السرعة ودون تأخير. ثالثا: وضع حد لكل المعلومات المضللة التي يتداولها الناس والمسربة خصوصا لمن يدعون انهم معارضة الخارج. رابعا: الابتعاد عن اغتيال الششخصية في قضايا الفساد وهنا اضرب المثال للتوضيح على هذه النقطة، نتينياهو عليه قضايا فساد ويحاكم ولم يتم اغتيال شخصيته ونجح بالانتخابات وشكل حكومة، لان المتهم بريء حتى تثبت ادانته وفي حال ادانته سيرتدي الافرهول ويذهب الى السجن على خطى أولمرت وكتساف. ولان الدولة الاردنية تمتلك كل المعلومات حول الاشخاص وثرواتهم وارقام هواتفهم وعنواين منازلهم واعداد اسرهم واحيانا تعرف الاحلام التي تطوف في مخيلاتهم اثناء نومهم، فعلى الحكومة من خلال اجهزة الرقابة متابعة كل من زادت ثروته دون مشروعية فأضرب الامثلة التالية: بخصوص كبار الموظفين الذين يمتلكون قصورا وفللا وسيارات فارهة من الوظيفة العامة يجب اخضاعهم للتحقيق واعادة هذه الاموال التي تزيد عن رواتبهم الاجمالية طيلة فترة خدمتهم الى خزينة الدولة، أما طبقة التجار يمكن مراجعة ثرواتهم وهذا بمقدور الحكومة بكبسة زر معرفة كل ممتلكاتهم ووضع معادلة توضح كمية ارباحهم وحجم تهربهم الضريبي على الاقل في آخر 5 سنوات، وفي القطاعات الاخرى النقل المقاولات هنا اتسائل الا يوجد سجلات تثبت عدد العطاءات وحجمها ففي هذه الحالة يمكن حساب ثروة المقاول وهامش ربحه وحجم الضريبة التي دفعها وتسديد الفرق لخزينة الدولة، اما قطاع الخدمات الصحية والهندسية والمحاماة فأمرها سهل لانه لا يوجد أحد يضع قروشه تحت الفرشة، كلها حسابات في البنوك وبامكان الحكومة تدقيق دخل كل شخص وبالتالي اثبات حجم تهربه الضريبي خصوصا ان الحكومة تعلم ان مدخرات الاردنيين في البنوك المحلية تقارب 60 مليار دولار ومثلها في الخارج... الامر يمكن تطبيقة بسرعة وبسهولة وبدون استعراض لان الفئة المستهدفة قد لا تتجاوز 100 الف شخص يسيطرون على 95% من ثروات الدولة...فهل تستطيع الحكومة مكافحة الفساد فعلا؟ *استاذ العلوم السياسية/ جامعة البترا