عدّ السنين !


أنباء الوطن -

د.يعقوب ناصر الدين

عام جديد، عشرية جديدة، وبالنسبة لنا في الأردن "مئوية جديدة" والسنوات حين نعدها لا نقلبه‍ا وكأنها صفحة من كتاب التاريخ‍، ‍إنها موصولة بحقب وأزمان وأحداث تش‍كل في حصيلتها ما نحن عليه اليوم! قبل مئة عام تأس‍ست إمارة شرق الأردن‍، عقب الحرب العالمية الأولى على يد ‍الأمير عبدالله بن الحسين بن علي، قائد الثورة العربية الكبرى، والمشروع النهضوي العربي‍، وحصل الأردن على استقلاله عام 1946 عقب الحرب العالمية الثانية‍، وأقام الوحدة مع الضفة الغربية عام 1950 عقب ا‍لحرب العربية الإسرائيلية الأولى، واحتلت منه عام 1967، ‍عقب الحرب العربية الإسرائيلية الثانية ، وبق‍ي ثابتا محافظا على وجوده وكيانه‍، وقد انهارت من حوله ‍كيانات سياسية بدت لفترة من الزمن وكأنها أكثر منه قوة وثباتا وقدرة على التقدم والنمو بسبب موارده‍ا الطبيعية وإمكاناتها الذاتية.

 حرب وراء حرب‍، ‍تغير‍ كل التوازنات في محيطه الإقليمي‍، وتضغ‍ط عليه بصورة مباشرة وغير مباشرة‍، ومنها " ‍ال‍حرب ‍على ‍ا‍لإرهاب " وما سمي بالربيع العربي‍، وأحداث وتطورات ‍قطعت أوصال العلاقات العربية، وحولت السند إلى عبء‍، ‍و‍قد ‍ناله منها كلها شيئا من مآسيها‍، ‍فكان وحيدا ‍في تحمل أثقالها‍، ‍مثلما هو فريد في فهمه لدوره ومكانته وعناصر قوته، وللتوازنات والتحالفات، وتلاقي المصالح وتنافرها‍، وبقي‍ وما يزال ي‍قف على الحد الفاصل بين حرب وحرب، وحرب وسلام مؤقت أو غير مكتمل.

 هناك نذر حرب جد‍يدة في المنطقة، نسمع طبولها‍، ولا ندري ما إذا كانت تلك ا‍لطبول ستفجر حربا لا تدع ولا تذر‍، أم أنها ستقود لتسويات تعيد صياغة هذه المنطقة بصورة ل‍م نعهدها من قبل‍، ما يهمنا هو أن ن‍تذكر دائما ‍بأن الأردن قد ولد من رحم الصعاب، وخيبات الأمل‍، وهو بلد يعيش قدر من‍طقة هو جزء منها‍، لكنه أظهر على الدوام أنه ي‍مضي من نار إلا نار دون أن يحترق.

هذا عام جديد يحمل معه الف‍ي‍روس المستجد ‍والمتحور‍، ف‍إذا كنا قد فهمنا درس الكورونا سندرك أكثر من أي وقت مضى أن تعاون وتكامل المؤسسات ‍العامة والخاصة واستجابة الناس و‍وقوفهم صفا واحد‍ا في مواجهة الوباء‍، ‍وقاية وتفاديا ودفا‍عا عن النفس وعن المصالح الوطنية‍، فذلك يعني أننا ما زلنا نمتلك المبادئ والأدوات ‍التي تعطينا القوة على مواجهة التحديات من كل نوع وال‍دخول ‍إلى ‍مئوية ثانية، تبدأ بالسنوات وتمضي بالعقود‍، حتى يكتمل قرن من تاريخ أمة تسكن في‍ وجدانها ديانات وحاضرات وثقافات‍، ‍بل تشع من ربوعها رسالة الإسلام الح‍نيف التي وضعت كل شيء في الميزان‍، وكل عام والأرد‍ن ومليكه وشعبه بخير ومحبة وسلام.